عناوين الصحف وأخبار وتقارير ومقالات مترجمة من صحافة العدو
ـ نذكر.
ـ برأس مطأطيء.
ـ "ما كانت لتقوم دولة بدون تضحية".
ـ الاعتراف والكفاح: اتصالات لحل وسط في موضوع الاعتراف برجال الاطفاء كضحايا معارك اسرائيل.
ـ احتفال الذكرى في القدس: البلدية تلغي الرسوم.
ـ دغان: الهجوم على ايران فكرة غبية.
ـ مشعل: سننسق مع أبو مازن الكفاح ضد اسرائيل.
ـ لغز التلوث: تشخيص المادة عالق – مطارات اسرائيل عادت للعمل كالمعتاد.
ـ ضغط على اسرائيل: "إدفعوا للفلسطينيين".
صحيفة "معاريف":
ـ بالتحية.. شعب اسرائيل يتحد مع 25.310 ضحية.
ـ معركة الاعتراف.
ـ الذكرى والألم.
ـ عزرائيل نافو، السكرتير العسكري لبيغن: "شارون أنهى كبيغن بالتقارير عن القتلى".
ـ دغان: سيكون من الغباء مهاجمة ايران.
ـ يستعد لواشنطن – خطاب "بار ايلان 2"، بدون بشرى سياسية.
صحيفة :هآرتس":
ـ رئيس الموساد المنصرف مئير دغان: "الهجوم في ايران هو أمر غبي".
ـ اولمرت: باراك يكذب، هو الذي عرقل صفقة شليط.
ـ تلوث الوقود سيشوش الاقلاع من مطار بن غوريون الى ما بعد يوم الاستقلال.
ـ التنسيق الامني مستمر بعد اتفاق المصالحة ايضا.
ـ بينما اسرائيل ترفض، اوروبا تنقل الملايين الى السلطة.
ـ خامنئي لاحمدي نجاد: إقبل صلاحياتي أو إستقيل.
ـ هذا المساء تبدأ الأحداث لاحياء ذكرى شهداء معارك اسرائيل.
ـ نحو 16 ألف خطأ لغوي اكتُشفت في كتب التعليم في الوسط العربي بسبب غياب الرقابة.
صحيفة "اسرائيل اليوم":
ـ نذكر الجميع.
ـ مكابي تل ابيب في النهائي.
ـ عصر الطبق الفضي لم ينته.
ـ في برشلونة الصفراء.
ـ دغان: هجوم جوي في ايران – فكرة غبية.
ـ الحياة السرية لابن لادن.
ـ رئيس الوزراء: "اوروبا لم تقرر بعد بشأن الدولة الفلسطينية".
ضغط على اسرائيل: "إدفعوا للفلسطينيين"..
المصدر: "يديعوت احرونوت – ايتمار آيخنر"
" في أعقاب رفضها استئناف نقل اموال الضرائب الى السلطة الفلسطينية علقت اسرائيل في مواجهة حادة مع الاسرة الدولية.
اسرائيل تعرقل منذ اسبوع تحويل اموال الضرائب الى السلطة الفلسطينية بسبب اتفاق المصالحة بين فتح وحماس.
الدول المانحة للسلطة ـ وعلى رأسها النرويج – ردت بغضب وتمارس على اسرائيل
ضغطا شديدا لتغيير موقفها. ورغم الضغط توجد حاليا أغلبية بين وزراء
السباعية لموقف وزير المالية يوفال شتاينتس بعدم تحويل الاموال. اما
نتنياهو فلم يعلن بعد عن انعقاد السباعية للبحث في هذا الموضوع.
وزير الدفاع ايهود باراك يعارض عدم تحويل الاموال. وهو يعتقد بانه يجب
تحويلها وبالتوازي التأكد – من خلال الامريكيين والسلطة الفلسطينية – من
الا تصل هذه الاموال الى حماس والى تمويل النشاطات الارهابية. وفي أحاديث
مغلقة قال باراك: "نحن سنتابع الى أين ستصل الاموال، واذا رأينا أنها تحول
الى حماس، عندها نعمل. ولكن الاعلان اننا لن نحول الاموال بكل الاحوال –
هذا خطأ. الاموال ليست لنا. نحن نمنع الفلسطينيين من اقامة ميناء ونجبي
عنهم الضرائب. الاموال تعود لهم بفعل اتفاقات دولية".
رئيس مؤتمر الدول المانحة للسلطة الفلسطينية، وزير الخارجية النرويجي غار
ستورا، التقى أول امس بنائب وزير الخارجية داني ايالون في اوسلو ونقل اليه
طلبا رسميا باسم مؤتمر الدول المانحة لاستئناف تحويل الاموال فورا.
وكان ستورا التقى قبل ذلك ابو مازن وسمع منه رسائل تهدئة بموجبها في واقع
الامر "لم يحصل أي شيء" وأنه في الحكومة الجديدة لن يكون رجال حماس. وعلى
ذلك قال ايالون لستورا: "من ناحيتنا، من اللحظة التي وقعت فيها السلطة على
اتفاق مع حماس، لا فارق بينهما".
ووعد ستورا بان يقيم مؤتمر الدول المانحة "سورا ناريا" يضمن الا يصل المال الى الارهاب.
واوضح ابو مازن للنرويجيين بانه مصمم على التوجه الى الجمعية العمومية
للامم المتحدة في ايلول وطلب الاعتراف بدولة فلسطينية. التقدير هو أن
الفلسطينيين لن يتوجهوا الى مجلس الامن لانه من المتوقع هناك سقوط الاقتراح
بفيتو امريكي.
وقال ايالون للنرويجيين انهم اذا ابلغوا ابو مازن مسبقا بان اوروبا لن تصوت
معه حتى في الجمعية العمومية للامم المتحدة فانه لن يذهب الى هناك لانه لا
يريد أن يصدر قرارا فقط باصوات المسلمين والدول غير المنحازة. وشدد ستورا
على أن النرويج تعارض الخطوات احادية الجانب، ولكنه ادعى بان الوحدة
الفلسطينية جيدة لاسرائيل.
رد ايالون: "هذه وحدة ارهاب، لان حماس لم تتراجع عن تطلعها لابادة اسرائيل".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بينما اسرائيل ترفض: اوروبا تنقل الملايين الى السلطة..
المصدر: "هآرتس – دانا هيرمان"
" أعلن الاتحاد الاوروبي أول أمس بانه سيمنح السلطة الفلسطينية 85
مليون يورو كي يمكنها من دفع الرواتب لموظفين حيويين ومساعدة العائلات
المحتاجة. وذلك، في أعقاب رفض اسرائيل تحويل أموال الضرائب المجبية الى
السلطة الفلسطينية. وفي الاسبوع الماضي منعت اسرائيل تحويل 105 مليون دولار
من أموال الضرائب الى السلطة بسبب اتفاق المصالحة بين فتح وحماس.
وجاء بيان الاتحاد الاوروبي في ختام زيارة الى اوروبا قام بها رئيس الوزراء
بنيامين نتنياهو. وعلى مدى ثلاثة ايام حاول نتنياهو اقناع الزعماء بمعارضة
الاتفاق بين فتح وحماس وعدم ادارة اتصالات مع حكومة الوحدة المرتقبة، الى
أن تقبل بالقطع حق اسرائيل في الوجود.
وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي، كاترين اشتون، افادت في بيان نشرته ان
الاتحاد يحث تحويل المبالغ الجديدة بناء على طلب رئيس الوزراء الفلسطيني
سلام فياض واشارت الى أن 45 مليون يورو موجهة الى الرواتب ودفعات التقاعد
لموظفين حيويين، ولا سيما الاطباء، الممرضات والمعلمين، وان 40 مليون يورو
اخرى ستحول في صالح مخصصات الرفاه الاجتماعي للعائلات الفلسطينية المحتاجة.
وجاء في البيان انه "مهم ان تستمر الخدمات العامة الحيوية دون عراقيل وان يحترم الحق في الخدمات الاجتماعية".
"هذا القرار يجدد التزامنا بدعم الاكثر ضعفا في اوساط الفلسطينيين وهو جزء
من دعمنا لخطة بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية، في ظل المساهمة في الرواتب
ودفعات التقاعد لموظفي السلطة والعاملين في فرعي الصحة والتعليم".
ويوفر الاتحاد الاوروبي دعما اقتصاديا حاسما للفلسطينيين منذ فترة طويلة،
ومنذ 2008 منح السلطة مساعدة بمبلغ 762 مليون يورو – اضافة الى 276 مليون
يورو، منحت للسلطة مباشرة من الدول المختلفة في الاتحاد الاوروبي. المساعدة
الحالية جاءت اضافة الى 100 مليون يورو سبق ان اقرت للعام 2011.
تحويل الاموال الى السلطة الفلسطينية يحدث انتقادا من جانب اسرائيل. فقد
قال أول أمس نائب وزير الخارجية داني ايالون ان "هذا المال من شأنه ان يمول
المس بالمواطنين وباطفال اسرائيل. حماس ملزمة بقبول شروط الرباعية التي هي
على أي حال جزءا من اتفاقات اوسلو. نحن نؤيد المسيرة ونعارض احادية
الجانب".
هذا وقد منعت اسرائيل تحول الاموال الى السلطة الفلسطينية وذلك لانه من غير
المنطقي تحويل اموال الى منظمة مصممة على ابادة اسرائيل، كما شرح نتنياهو
في لقاءاته. وبين اللقاءات مع رئيس وزراء بريطانيا دافيد كامرون والرئيس
نيكولا ساركوزي في باريس، وجد نتنياهو وقتا للقاء اوري جلر من مواليد
اسرائيل".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التنسيق الامني مستمر بعد اتفاق المصالحة ايضا..
المصدر: "هآرتس ـ آفي يسسخروف"
" بعد التوقيع على اتفاق المصالحة بين المنظمات الفلسطينية. في
نهاية الاسبوع عقد لقاء رفيع المستوى بين قادة اجهزة الامن الفلسطينية
ونظرائهم الاسرائيليين. وفي مستويات أدنى أيضا تواصل الاتصال بين قادة
الجيش والمخابرات الاسرائيلية ونظرائهم الفلسطينيين على نحو منتظم.
في الاسبوع الماضي أفادت حماس بان قوات الامن الفلسطينية اعتقلت عدة نشطاء
للمنظمة في نابلس أغلب الظن بعد أن اكتشف في المدينة مخزون من الوسائل
القتالية. ويبدو أن المعتقلين خططوا لعملية ضد اسرائيل.
يوم الجمعة جرت مسيرات مصالحة في عدة مدن في الضفة، بمشاركة مئات
الفلسطينيين. ولاول مرة منذ سنين، رفعت بشكل رسمي اعلام حماس في رام الله،
طولكرم والخليل فيما سمحت السلطة الفلسطينية بذلك دون تدخل أو عرقلة. وفي
يوم الخميس اجرت حماس مسيرة اولى في نابلس بمشاركة احد قادة المنظمة في
الضفة، حامد البيتاوي. وفي هذه الاثناء صرح رئيس المكتب السياسي لحماس خالد
مشعل بان منظمته ستنسق طرق التصدي المستقبلية، حيال اسرائيل مع فتح تبعا
لاتفاق المصالحة الفلسطيني الداخلي. وهكذا المح مشعل بان منظمته تعتزم
الامتناع عن ضرب أهداف اسرائيلية.
في مقابلة مع "وول ستريت جورنال" اجريت في القاهرة، شدد مشعل على أنه
"الان، بعد التوقيع، علينا أن ندير الصراع مع اسرائيل في ظل توافق داخلي
والتفكير بالطريق الاسلم والاكثر نجاعة لتحقيق اهدافنا، متى تصعيد الصراع
ومتى وضع السلاح".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
داغان: سيكون من الغباء مهاجمة ايران..
المصدر: "معاريف – ايلي بردنشتاين"
" يعتقد رئيس الموساد السابق، مئير داغان انه لا يجب الموافقة على
النووي الايراني، ولكن يعارض بشكل قاطع الهجوم الجوي على المنشآت النووية
في ايران.
"هجوم جوي على المفاعلات هو فكرة غبية وليس فيها أي ميزة. من يهاجم ايران
يجب أن يفهم بان من شأنه أن يشرع في حرب اقليمية في اطارها تطلق صواريخ من
جانب ايران وكذا من جانب حزب الله في لبنان"، قال دغان يوم الجمعة الماضي
في كلمة علنية اولى ونادرة منذ انهى مهام منصبه.
"يجب تصميم المشكلة الايرانية كمشكلة دولية ومواصلة العمل على تأخير
التنمية النووية الايرانية"، قال دغان امام محفل جمعية الطاقم الاعلى في
الخدمة العامة في مؤتمر في موضوع الزعامة والامن 2012 عقد في بيت بلجيكا في
الجامعة العبرية في القدس. وفي محاولة لتحليل ما يجري في العالم العربي
قال دغان انه عمليا لا يوجد "تسونامي" تغيير في الشرق الاوسط. "ما يحصل
يعبر عن شروخ تاريخية في المجتمع العربي".
وشدد دغان على أن حاجز الخوف زال، وانه لم يعد ممكنا اخفاء الاحداث التي
تجري في الشرق الاوسط. وتطرق الى مصر وقال ان "ما حث وخلق آلية الجماهير
التي تخرج الى الشوارع كان قرار عقيلة الرئيس مبارك تعيين ابنها جمال
خليفته. وقال دغان انه "في مصر لم يكن انقلاب بل تغيير للزعيم. عموم
القيادة السلطوية بقيت كما كانت، وعليه فلن يطرأ تغيير ذو مغزى في علاقاتها
مع اسرائيل".
ويقدر دغان بانه لا احتمال في أن يسيطر الاخوان المسلمون أو أن يستولوا على
الحكم، وان النخبة السائدة في مصر ستواصل الحكم، وانه بالتوازي ايضا
الخطاب اللاسامي في مصر سيستمر. وتطرق الى ما يجري في سوريا وقال دغان ان
لاسرائيل سيكون افضل اذا ما اسقط بشار الاسد من الحكم إذ بذلك ستمنع
المساعدة لحزب الله، يضعف نفوذ ايران وتتعزز السعودية. وشدد دغان على أن
لبشار الاسد وللطائفة العلوية السائدة لا يوجد بديل غير القتال حتى النهاية
– إما النصر أو الموت".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دولة عديمة السند
المصدر: "هآرتس"
" احدى الحجج الثابتة لمعارضي اقامة دولة فلسطينية في الضفة
الغربية، هي التخوف من أنه من داخل اراضيها السيادة سيكون بوسع المخربين
اسقاط طائرات مسافرين من مطار بن غوريون بصواريخ ارض – جو؛ وحتى لو لم تقع
مصيبة كهذه عمليا، يكفي الخوف منها لشل المواصلات الجوية من والى اسرائيل.
يوم الخميس الماضي تبين انه من أجل تعطيل الاتصال الجوي من والى اسرائيل لا
حاجة الى حدود محاذية ووسائل قتالية متطورة ولا حتى لعدو. تكفي لذلك مادة
لزجة، مطاطية، في الوقود النفاثة، التي بدونها لا يمكن للطائرات ان تقلع
وتطير بأمان. اسرائيل الفخورة، المتباهية بنموها الاقتصادي وبصناعاتها
الغنية بالتكنولوجيا، تبينت كدولة انبوب واحد. عندما يسد الانبوب، تسد
الدولة ايضا.
كلما كانت الدولة اكثر تطورا وأكثر حوسبة، هكذا يزداد تعلقها بـ "عنق
الزجاجة" للصناعات الحيوية ويسهل اخراجها عن توازنها بعمل تخريبي او بخلل.
في اسرائيل تضاف الى عناصر الخطر العقلية التي تقول "سيكون الحال على ما
يرام"، والتي تستبعد كل تخطيط مسبق واستعداد للازمات وترى في الارتجال الحل
لكل مشكلة. والنتيجة هي ان البنى التحتية في اسرائيل، الاجتماعية
والمواصلاتية على حد سواء، هزيلة ومتعلقة بشعرة. وهي تبدو ظاهرا بانها
منيعة، حتى التحدي الذي يكشف هشاشتها.
خلل الوقود ينضم الى سلسلة أزمات، كشفت في السنوات الاخيرة ضعف المنظومات
المدنية في اسرائيل: انهيار الجبهة الداخلية في الشمال تحت وابل الصواريخ
في حرب لبنان الثانية؛ حريق غابة الكرمل، الذي أظهر الى العيان كل هزال
منظومة الاطفاء؛ وسلسلة نقاط خلل وحوادث في قطار اسرائيل شوشت الحركة. هذه
المرة كانت هناك علائم مسبقة للتلوث في الانبوب، بل واجريت فحوصات، ولكن
الاخطار لم يصل الى درجة الاستعداد المناسب لثبات الاتصال الجوي. وفقط بعد
ساعات من التأخير والغاء عشرات الرحلات الجوية، وجد الحل الاعتباطي –
تزويد الوقود من مخزون سلاح الجو – الامر الذي سمح للطائرات بالعودة الى
الاقلاع من مطار بن غوريون.
الحل ليس في تعيين لجان تحقيق اخرى، بل في المسعى لتغيير نهج التوكل وتطوير
ثقافة من الجاهزية والاستعداد في منظومات البنى التحتية الوطنية".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابنة 63.. حرب التحرير الثانية
المصدر: "يديعوت احرونوت – اوري مسغاف"
كانت حرب 48 الاقسى والاطول بين حروب اسرائيل، والوحيدة التي
عرضتها لتهديد وجودي حقيقي. عدد القتلى فيها 6 الاف، هو الاكبر بين معارك
اسرائيل، ضعف ونيف حتى من مصيبة يوم الغفران. احد الاسماء التي اعطيت لها
كان حرب التحرير.
بعد 63 سنة من انتهائها، مطالبة اسرائيل لخوض حرب تحرير اخرى. ليست حرب
دبابات ومدافع حيال خصم عربي، بل صراع داخلي شجاع ومصمم يسمح لها بالتحرر
من العقدة الامنية الخانقة التي تهدد مستقبل الصهيونية. جيل رابع ولد هنا،
ولا تزال هذه العقدة تنبع بقدر كبير من صدمة 48.
باستثناء حرب الايام الستة، فان معظم شهداء الجيش الاسرائيلي منذ 48 سقطوا
في المعارض التي كان يمكن منعها. حرب سيناء كانت مغامرة غير حيوية. حرب يوم
الغفران فاجأت اسرائيل واتخذت صورة الحرب الدفاعية، ولكنها نشأت عن الغرور
السياسي. حربا لبنان كانتا حربين فضائحيتين جاءتا بخيار، والمكوث 18 سنة
في الوحل اللبناني هو قصور وطني لا بد سيحقق فيه في المستقبل.
حرب الايام الستة هي قصة اخرى: بقدر كبير حشرت في حينه اسرائيل في الزاوية.
غير ان النصر اللامع كان لامعا اكثر مما ينبغي. وبدلا من أن يشفي جروح 48
ويحرر اسرائيل من الخوف الوجودي على أمنها، جعلها قوة عظمى اقليمية متغطرسة
وواقعة في عشق قوتها العسكرية. اضافة الى ذلك، فان ما يجعل الايام الستة
في النظرة التاريخية مصيبة لاسرائيل حقا، ترك النصر في يد الدولة اراض
محتلة. وكان يفترض بها أن تكون رهينة للسلام، الا انها أصبحت سببا متواصلا
للحرب.
اسرائيل عاشت 19 سنة في حدود 67. منذئذ مرت 44 سنة، اكثر من الضعفين.
اسرائيل اقامت واحتفظت بالمستوطنات في كل المناطق التي احتلتها – في
الجولان، في الضفة الغربية، في قطاع غزة وفي سيناء. عميقا في القرن الحادي
والعشرين، بتأخير غير مميز، تصر على أن تعيش ككيان استعماري.
مع الاستعمار تأتي عقدة الامن. اسرائيل مستعبدة للجيش وللعسكرة، ولكن
العلاقة بين سياستها الامنية والواقع هزيلة حتى النفي لوجود هذه الصلة.
القوة البرية للجيش الاسرائيلي، في النظام وفي الاحتياط، هائلة وعديمة
التوازن مع التهديدات. احتمالية أن يغزوها جيران اسرائيل بريا هي احتمالية
صفر. لم تعد هناك حروب كهذه. حجوم التسلح باسلحة هجومية ودفاعية غير
منطقية. وفي الاسبوع الماضي مثلا، قرر رئيس الوزراء ووزير الدفاع شراء
غواصة اخرى من المانيا. والكلفة: مليار دولار.
الاسرائيلي المتوسط غير قادر على الاطلاق على ان يتخيل الحياة خارج الخانة
الامنية. من ناحيته هذا قضاء ومصير. وهو يجد صعوبة في أن يشخص الثمن الامني
الذي لا يطاق ويجبيه منا الاحتفاظ بالجولان وبالضفة، باسم الأمن بالطبع.
نماذج تاريخية معاكسة وايجابية على نحو واضح، مثل الانسحابين من سيناء
ولبنان، تكنس جانبا عن الذاكرة الوطنية. ومحلهما يسيطر هناك المرة تلو
الاخرى الخوف الوجودي، رغم أنه منذ اقامة المفاعل في ديمونا لم يعد على
اسرائيل تهديد وجودي.
ذروة الخطوة هي بالطبع في أشهر الربيع، وسفيرها الاكثر نجاحا هو بنيامين
نتنياهو. في خط مباشر واحد، منطقي وغير قابل للشك، يربط باسرائيل احشفاروش،
فرعون، هتلر واحمدي نجاد. وبدلا من الشمس والازدهار والتجدد والتفاؤل
يزرعون فينا الخوف والاحساس بالمطاردة.
في لحظة الذروة نحد على الشهداء ونتوجه للاحتفال بالاستقلال، ولكن البكاء
الوطني على شهداء الحروب دون السعي الى السلام هو تحقير للذكرى بدموع
التماسيح، والاحتفال بالاستقلال انطلاقا من خليط من نزعة الضحية الخائفة
والغرور العسكري – الاستعماري هو محزن وسخيف. يكفي هذا. في عمر 63، حان
الوقت للتحرر".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إحترقت أوراق لعبنا كلها
المصدر: " هآرتس ـ تسفي برئيل"
" يتجول بنيامين نتنياهو مثل أب ثاكل في أنحاء العالم ويرثي
لنفسه: فقد أضاع محمود عباس. لكن ليس شعور الثكل هو الذي ينبعث عن بيبي بل
هو الغضب العظيم لمن خانته زوجته وقد زعم دائما انه ليست له كذلك. انه زوج
داهية يبدو ضعيفا متعلقا وكأن حياته متعلقة بنتنياهو. انه خانع دائما
وكلامه متردد وبعيد جدا عن الصلابة الاندفاعية للاشريك الاسرائيلي. سار ابن
الملك والفقير معا، وعدم الشراكة بينهما تصلهما بمسامير صدئت بسبب قدم
الصراع – لكن ذلك الى بُعد قصير. كانت تلك علاقات مصوغة جيدا تضمن البقاء
الى الأبد ولو من اجل اخفاء عجزها.
وفجأة، مثل فعل شيطان يطلب ان يُقضى دينه، انقطعت الصلة ومضى عباس الى حماس
وفعل بيبي ما يفعله كل من وقعت عليه خيانة: أغلق حساب المصرف المشترك،
وقطع تيار المال، وهدد بضم ارض الفلسطينيين وجرى الى العالم ليتحدث عن
إنكار شريكه للجميل. أي إنكار جميل. ان هذا تهديد حقيقي، وكيف يمكن النظر
الى من ينام في سرير أشباه ابن لادن في غزة.
لا يهم بيبي ألبتة هل تنجح ضفتا الدولة الفلسطينية في التوحد والامتزاج.
وكذلك لا يهمه من سيكون رئيس الحكومة الفلسطينية وهل الشعب الفلسطيني يريد
هذا الامتزاج. إن الشعارات التي رفعها المواطنون الفلسطينيون في رام الله
وفي غزة، وكُتب فيها بلون احمر براق أن شعبهم موحد، انزلقت عن أذنيه
وعينيه. فهو لا يرى ذلك أمرا فلسطينيا أو عربيا، كل شيء اسرائيلي أو اذا
شئنا أصح من ذلك – الجميع ضد لاسرائيل. لا يستطيع أي شيء حسن ان يُنتج من
هذه الوحدة. ومن عدم المفاجأة الكبير ان من لا يرفض المصالحة هب فورا
لتحديد أماكن الألغام التي قد تنفجر من المصالحة كي يُسلي نفسه بأن الحديث
أصلا عن تصريح لا عن جوهر، وأننا قد حضرنا مثل هذا العرض مرات كثيرة.
كم هو مغضب هذا. تعودنا هذا الانقسام كثيرا الى درجة أن أصبح ركنا أساسيا
في سياسة اسرائيل إزاء الفلسطينيين. وضمن انه حتى لو قرر عباس المضي الى
الامم المتحدة لطلب اعترافها بالدولة الفلسطينية فان اسرائيل تستطيع ان
تسحب دائما ورقة غزة وأن تقول انه لا يمثل كل الشعب الفلسطيني في المناطق
وانه لا يسيطر على حماس وإن نصف الدولة الفلسطينية توجه حربا حقيقية ضد
اسرائيل. وهذه نفس المزاعم بالضبط التي زعمتها حماس في مواجهة عباس عندما
أدار مفاوضته العقيمة لاسرائيل.
إن الانقسام الفلسطيني الذي كان يُرى في اسرائيل واقعا أبديا أباح لها ان
ترسم خريطة المنطقة كما تشاء: فسوريا وايران وحماس وحزب الله من جهة، ومصر
والسعودية والاردن والسلطة الفلسطينية من الجهة الاخرى. كانت تلك خريطة
جيدة رُوج لها جيدا في واشنطن واوروبا. ولم يُفسد ذلك سوى تركيا وربما
النرويج ايضا، لكن لا يُحسب لهما حساب.
فجأة احترقت أوراق لعب اسرائيل كلها، فقد تلاشت مصر، وسوريا مشغولة بقتل
مواطنيها، وايران لن تطلق علينا قنبلة ذرية كما يعد اهود باراك ولم نسمع عن
حزب الله لاسابيع طويلة، وبقي لاسرائيل ان تتمسك بحماس وحدها باعتبارها
رمزا للواقع الذي لا يتغير، وقد خانت هي ايضا الآن.
وُلد الاخفاق القديم عندما استقر رأي اسرائيل على أن الشعب الفلسطيني لن
يتوحد أبدا وأن المسيرة السياسية ليست مع شعب وقادة بل مع مناطق جغرافية.
في الضفة أجرت المناطق الاسرائيلية، المستوطنات، التفاوض مع المناطق
الفلسطينية. ولم تكن حكومة اسرائيل والسلطة الفلسطينية سوى ممثلتين لتلك
المناطق وأدارتا تفاوض راسمي خرائط لا قادة. لم تشارك غزة في اللعبة، فقد
ظلت تُدير معارك مقاومة كان همّها كله أن تصد حوار المناطق بين اسرائيل
والسلطة الفلسطينية.
الآن قام عباس وخالد مشعل بتحول مغضب. فهما يريدان اجراء تفاوض في مستقبل
الشعب الفلسطيني. وهما يريدان دولة معترفا بها في الامم المتحدة، وما عادا
مستعدين لتفاوض منظمات مع دولة بل دولة مع دولة. وبيبي لم يستعد لهذا.
اعتاد ياسر عرفات ان يقول عن ذلك: من لم يعجبه ذلك فليشرب ماء البحر
الميت".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدولة الثابتة في المقبرة
المصدر: "اسرائيل اليوم ـ حاييم شاين"
" تتحدث المقبرة العسكرية في كريات شاؤول بصمتها عن قصة نهضة دولة
اسرائيل. انها دولة صغيرة قامت من رماد المحارق والابادة الفظيعة والحل
الذي كاد يكون نهائيا للمشكلة اليهودية. اذا كانت توجد معجزات في العالم
فان أكبرها هي قدرة بقايا السيف على إحياء رؤيا العظام التي جفت والخروج في
رحلة اخرى للتضحية والتغرير بالنفس من اجل تجديد البعثة اليهودية في ارض
اسرائيل بعد ألفي سنة جلاء.
في كل سنة في يوم ذكرى ضحايا معارك اسرائيل أخطو بين صفوف طويلة من شواهد
القبور دُفنت تحتها أحلام لن تتحقق أبدا وأمل لن يرى النور. الازهار
الحمراء والنباتات الخضراء بين القبور سقتها دموع الآباء والاخوة
والاصدقاء. وهي دموع تُسفح في تيار لا ينتهي في هاوية النسيان التي لا
تنسى.
منذ يوم انشاء دولة اسرائيل حتى هذا اليوم لم تكف هذه الارض عن استيعاب
الضحايا الذين بذلوا أنفسهم من اجل نهضة الشعب والبلاد. إن كثرة القبور
تضلل احيانا، فكل جندي سقط هو عالم كامل خرب. عالم بلغ نهايته قبل أن يبدأ
وجدان أوله. مثل اشجار الزينة تلك التي اجتُثت قبل أن تُخرج ازهارها
الجميلة.
ماذا كان يحدث لو؟ اسأل نفسي أكثر من مرة وأتخيل رفاقي الذين سقطوا في حرب
يوم الغفران. رفاق السلاح. خرجنا معا لحرب دامية، ولم نتخيل ان الحروب تبدو
كذلك: حمراء وسوداء ومهدِّدة. إن مئير شتاين الذي كان معي في دبابة وقُتل
حينما أصابتنا قذيفة اصابة مباشرة كان يمكن أن يصبح واحدا من قادة جهاز
الامن العام وجدا لأحفاد. ويسرائيل اغلبرغ مع مواهبه المميزة كان يمكن أن
يصبح صاحب مشاريع هاي تيك ناجحا تسع العالم، وايال شاحم الذي خدمت معه في
دورة ضباط مدرعات وفي اللواء 188 كان يمكن ان يصبح ضابطا كبيرا متقاعدا مثل
والده في حينه تماما. وقائمة اولئك الذين كانوا يستطيعون ان يكونوا طويلة
ومؤلمة. انهم عوالم كاملة خربت.
إن قطعة ارض من سقطوا في حرب يوم الغفران الزحام فيها أقل في السنين
الاخيرة. فكثير من آباء القتلى لم يعودوا أحياء. أخذوا معهم الى قبورهم
الحزن الذي لا ينقطع، والابتسامة المكفوفة والشوق الذي لا نهاية له
كالصحراء. يسمع أبناء اخوة شبان أصبحوا هم أنفسهم جنودا في جيش الدفاع
الاسرائيلي، حول القبر قصصا وتفاصيل معلومات عن أعمام لم يعرفوهم وقُتلوا
قبل أن يولدوا. قُبيل نهاية مراسم الذكرى أتوجه الى قبر إشعياء بروختمان من
السرية ب في الكتيبة 890 في قطعة الضحايا في عمليات الرد في الخمسينيات.
وتكاد هذه القطعة تخلو من الزائرين. لم أعرف إشعياء. كنت ولدا عندما قُتل
بصفة جندي من الطلائعيين في سلاح المظليين. كان بيت والديه بالنسبة إليّ
أول لقاء لي مع الثكل. في غرفة الضيوف لديهما كانت صورة لاشعياء بالبزة
العسكرية، وقد وضعوا على وسادة صغيرة جناحي الهبوط المظلي والرمز العسكري.
كان ذلك مذبحا صغيرا لضحية في بيت في تل ابيب، فهمت آنذاك الثكل لأول مرة –
لا نهاية له والألم لا يقف لحظة واحدة. لا تستطيع أي رتابة حياة ان تطرد
التوق والشوق عند أم الى ابنها الذي قُتل.
أورثنا ضحايا المحرقة بموتهم دولة. وأورثنا ضحايا الحروب دولة كان يفترض ان
تكون مستقيمة وسليمة وعادلة. دولة تسوغ التضحية الضخمة للساقطين في الحروب
وأبناء عائلاتهم".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رد هستيري
المصدر: "هآرتس ـ يهودا بن مئير"
" حماس منظمة تستعمل ارهابا فتاكا وتؤيد كفاحا مسلحا هدفه المعلن
هو القضاء على اسرائيل. لم يكن لاسرائيل ولا يمكن ان يكون حوار مع هذه
المنظمة. اجل، السلام يُصنع مع أعداء، لكن مع أعداء يريدون السلام وحماس
ليست كذلك. ان موقف اسرائيل هذا عادل ومنطقي ايضا، واذا عملنا بحكمة يمكن
ان نصوغ حولنا تأييدا دوليا واسعا.
لكن الطريق طويلة من هنا حتى رد الحكومة الشامل غير المتزن على اتفاق
المصالحة بين حماس وفتح. إن تصريح رئيس الحكومة الدراماتي أمام الأمة بعد
أقل من ساعتين من نشر النبأ الاول عن توقيع اتفاق المصالحة، لم يكن في محله
ولم يشهد على برود أعصاب ولا على قدرة ثبات للضغوط ولا على اتزان. مع كل
الخطر في الاتفاق مع حماس، فانه لا يمكن ان يكون سببا لقلب الطاولة وقطع
تام للعلاقة بكل جهة فلسطينية.
تستطيع اسرائيل ان تطلب الى العالم ألا يحادث حماس واعضاء حكومة فلسطينية
يمثلون حماس، لكنها لا تستطيع ان تطلب عدم محادثة من يحادث حماس أو حتى من
يوقع على اتفاق معها. فمحمود عباس ليس حماس حتى بعد اتفاق المصالحة – اذا
تحقق أصلا.
أبو مازن يعترف باسرائيل، ويلتزم اتفاقات وقعت معها، وكرر الاعلان في مقام
التوقيع على الاتفاق بارادته أن يتوصل معها الى اتفاق سلام – حتى لو كان
ذلك بشروط لا نقبل بعضها. أبو مازن يرفض الارهاب، ويجري تنسيقا أمنيا وثيقا
مع الجيش الاسرائيلي و"الشباك" وأعلن انه حتى لو فشلت جهود الفلسطينيين
كلها فانه يعارض بشدة انتفاضة عنيفة. يجوز التحفظ من اتفاق مصالحة مع منظمة
ارهابية والتنديد به لكن تبني سياسة رفض شامل للتحادث مع جهة فلسطينية ما
سيكون خطأ شديدا.
هل يريد نتنياهو حقا أن يُعيد اسرائيل عشرين سنة الى الوراء، الى الفترة
التي لم تحادث فيها الفلسطينيين قط؟ عرفت اسرائيل في الماضي كيف تُفرق بين
حكومة اسماعيل هنية التي قاطعتها وبين أبو مازن وم.ت.ف اللذين حادثتهما. إن
طلب نتنياهو الى أبو مازن ان يختار بين حماس واسرائيل لن يصمد وسيفضي
باسرائيل الى طريق مسدود والى سقوط سياسي.
اجل تُسمع في حلقات اليمين اصوات ابتهاج – فلا يوجد شريك ولا يوجد من
نُحادث ويمكن ان نبدأ زخم الاستيطان. وقد عرض وزراء في الحكومة ضم يهودا
والسامرة وهذا أمر لم يقترحه حتى مناحيم بيغن واسحق شمير. بل إن رئيس
الائتلاف عضو الكنيست زئيف ألكين بشر الأمة بأن فكرة الدولة الفلسطينية قد
دُفنت. هذه سخافات ويصعب ان نفترض ان يؤمن رئيس الحكومة بأنه يوجد في
العالم من يقبل هذه السلعة.
لم يُلغِ اتفاق المصالحة الحاجة الى مبادرة سياسية اسرائيلية بل عززها، وهو
يؤكد بقوة أكبر حيوية والحاح الأخذ بمبادرة كهذه. مطلوب الى رئيس الحكومة
ان يعمل باتزان ومسؤولية. إن التأليف الواعي فقط بين المقاومة الشديدة
لحماس ومبادرة سياسية عملية جريئة صادقة سيُمكّن اسرائيل من الانتصار في
الصراع السياسي الصعب الذي يواجهها".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلتتفكك سوريا
المصدر: "معاريف ـ عوفر شيلح"
" الجميع يعرف لمن تعطى النبوءة، وفي الوضع الحالي في الشرق
الاوسط يقل عدد من يتطوعون لان يكونوا شاذين. في جهاز الامن، الذي توقع
قادته في نهاية السنة السابقة استمرار استقرار الانظمة العربية لم يعد احدا
مستعدا لان يضع مكانته على كفة الميزان، ويتنبأ اذا كان بشار الاسد سينجو
من العاصفة الحالية. عندما تقع مثل هذه الموجة، فان الاشخاص الفهيمين
ينظرون اليها بتحفز وينتظرون رؤية نتائجها.
هذه لحظة اختبار لرجال الاستخبارات ولزبائن معلوماتهم وتحليلاتهم. وهي تذكر
بما مر على اجهزة الاستخبارات الغربية قبل عشرين سنة: عالم كامل، مرتب
ومعروف، كل الاجهزة ووعيها اتجه لفهمه، انهار دفعة واحدة وحلت محله الفوضى.
فليس فقط من الصعب معرفة ما سيحصل، بمعنى من سيسيطر في دمشق وكم ستكون
مستقرة السلطة. ينبغي، في ظل الحراك، تغيير اقراص التفكير التي تجمعت على
مدى عشرات السنين وبسرعة.
هذا صحيح على نحو خاص بالنسبة لسوريا، التي على مدى عقدين كانت الهدف
المركزي لاجهزة الاستخبارات الاسرائيلية. وعندما أجمل رئيس شعبة
الاستخبارات السابق عاموس يدلين مهام منصبه، قال في المحافل المغلقة انه
وجد منظومة استخبارية كانت مشبعة بالمعرفة بالنسبة لسوريا، مقابل انعدام
المعلومات الاستخبارية عن اهداف حيوية اخرى. صحيح، ذات المنظومة فوتت على
مدى السنين فرصة معرفة بناء المفاعل في دير الزور، ولكنها اكتشفته لاحقا
وجلبت المعلومات التي سمحت بادانته وهيأت مشروعية الهجوم الذي دمره، وليس
اقل من ذلك ساعدت في الخطوات التي منعت الاشتعال بعد القصف. في كل الاحداث
الامنية العليا في العقد الاخير، وعلى رأسها حرب لبنان الثانية، وجدت
تعبيرها الفرضية في أن سوريا – جيشها، زعماءها، منظومة قراراتها – نحن
نعرفها جيدا.
اما الان، فسوريا كفيلة بان تكون مختلفة تماما، وربما بشكل متطرف: سيناريو
محتمل يقول ان الاسد لن يستبدل بحكم مركزي آخر بل ان سوريا ستدخل في فترة
طويلة من انعدام الاستقرار، النزاعات الطائفة والتفكك لمؤسسات الحكم. بقايا
النظام العلوي ستتصدى للاغلبية السنة، وستواصل قوى انعزالية ومحلية اخرى
نحو اتجاهاتها. ايران، التي في عهد الاسد الابن اصبحت السند الاساس لسوريا،
لن يكون بوسعها التنازل عن النفوذ وعن الاتصال المباشر مع لبنان، والذي
منحها اياه النظام القائم. بالتوازي، سيتعين على المنظومة الاسرائيلية ان
تتكيف مع الحديث عن سوريا بتعابير اخرى تماما. التاريخ يبين ان هذا هو احد
الامور الاصعب بالنسبة لمنظومة الاستخبارات واتخاذ القرارات.
* * *
الجيش الاسرائيلي، والامور معروفة، ايد المفاوضات مع سوريا على نحو متواصل
في العشرين سنة الاخيرة، منذ حدد رئيس شعبة الاستخبارات اوري سغي الاسد
الاب كمن "اختار استراتيجيا" طريق المفاوضات. ولهذا التأييد كانت نقاط
ذروة، مارست فيها القيادة العسكرية الحد الاقصى من الوسائل المشروعة في
نظرها من أجل ان تدفع القيادة السياسية التي جرت أرجلها نحو المفاوضات.
رئيس شعبة الاستخبارات أهرون زئيفي فركش تعرض للتوبيخ من رئيس الوزراء
شارون عندما تجرأ على ان يعرض على الحكومة تحليلا من هذه الزاوية. رئيس
الاركان السابق غابي اشكنازي حث اولمرت، باراك ونتنياهو على استغلال ما
يبدو في نظره كفرصة لتحطيم هلال النفوذ الايراني، وتغيير الوضع في المنطقة
من اساسه.
هذا التأييد يعتمد على فهم بان نظام أبناء الاسد هو نظام مستقر، وكلمته
كلمة، والاتفاق معه ينجح في الاختبار. ويجدر بالذكر ان من خرق وضع عدم
الهجوم بيننا وبين السوريين كانت اسرائيل: في الاجتياح للبنان في العام
1982، في ظل الوصول الى مواجهة مباشرة ومحتمة مع القوات السورية واستخدام
كامل لخطة القتال الجوي التي وضعت منذ يوم الغفران. بالهجوم على أهداف
سورية، ردا على نار حزب الله على الجليل (بشكل بارز في حملة "طب بديل" في
العام 1999، بعد أن رد حزب الله على انتصار باراك في الانتخابات بوابل كثيف
من صواريخ الكاتيوشا). في اصابة غير مقصوده لمواطنين سوريين في حرب لبنان
الثانية (نحو ثلاثين منهم قتلوا في قصف لسلاح الجو في البقاع)، وحسب
المصادر الاجنبية المعروفة ايضا في قصف المفاعل في دير الزور. في كل هذه
الحالات سوريا لم تبادر، وباستثناء حرب لبنان الاولى، لم ترد ايضا.
* * *
يجدر بنا أن نتذكر ذلك ايضا حين نفكر مثلما يفعل البعض الان، بسيناريو
بموجبه يحاول الاسد الخروج من ضائقته من خلال تسخين الحدود مع اسرائيل،
وذلك لتوجيه الغضب منه الى العدو الصهيوني. هذا سيناريو يطرح في كل مرة
يكون فيها زعيم عربي في ضائقة، ولكنه لا يوجد له اساس حقيقي من الصحة.
الاسد يعرف جيدا ماذا ينتظر سوريا في مثل هذه المواجهة. من امتنع عن الرد
على تدمير المفاعل، مشكوك ان يقرر بان الحل للمظاهرات في درعا هو حرب نارية
قاسية مع اسرائيل. هذا لا يعني أن هذا السيناريو مستحيل، ولكن ليس فيه لا
منطق ولا سابقة تاريخية. في كل تحليل استخباري لسوريا يظهر بقاء النظام
بانه الدافع الاول في سموه بالنسبة للاسد. مشكوك ان يفكر بان هجوما على
اسرائيل سيساعده في هذا البقاء. الاكثر معقولية هو انه اذا ما نجا ولم
يسقط، فان سوريا ستسقط من خريطة المفاوضات المحتملة وكذا من خريطة التهديد
الفوري، لزمن غير معروف. كما أن التأييد في اسرائيل لمثل هذه المفاوضات
كفيل بان يهبط، حين يكون في الجهة الاخرى نظام جديد او مترنح. الثمن
المعروف – التنازل عن هضبة الجولان باسرها، حسب "وديعة رابين" – ليس محببا
على معظم الاسرائيليين، والكثيرون من اولئك الذين كانوا مستعدين له مقابل
دفعة استراتيجية موازية، ولا سيما خرق التحالف مع ايران، لن يؤيدوه في مثل
هذا الوضع.
ايران. هذه هي الكلمة الاساس شبه الوحيدة لجهاز الامن الاسرائيلي في هذه
الايام، والمنشور الذي من خلاله ستفحص كل التطورات، بما في ذلك في سوريا.
ايران كقوة عظمى اقليمية مضادة، لديها استراتيجية عالمية ومعادية لاسرائيل
بشكل مطلق – وايران بصفتها الموزعة الاكبر لوسائل النار من بعيد، والتي
أحدثت تغييرا استراتيجيا في المنطقة لا تزال معانيه غير واضحة تماما حتى
لقادة الامن الاسرائيليين.
ايران استخدمت سوريا بشار الاسد كانبوب تزويد لحزب ا لله، كصمام عبره تدفق
جزء من تأثيرها على ما يجري في العراق، كطعم تلوح به امام ناظر اسرائيل
والولايات المتحدة بينما يرتبط جيدا، كما يظهر في كل ظرف اختباري، بالحبل
السري لطهران. هل سيكون لايران تأثير مشابه على نظام سني، كفيل بان ينشأ
على حطام نظام الاسد؟ ومشوق بقدر لا يقدر ان نعرف كيف ستتمكن طهران من
التأثير اذا ما علقت سوريا حقا في وضع غير مستقر، تتنافس فيه جماعات قوة
مختلفة على مدى الزمن، ولا تتمكن من الوصول الى حسم؟
* * *
يوجد في الساحة الاسرائيلية ممن يرون بالذات ميزة في مثل هذا الوضع.
الانتباه السوري سيتجه الى الداخل، التخوف من المواجهة مع اسرائيل سيزداد
فقط. الاراضي الاقليمية السورية السائبة تماما – في السنوات الاخيرة كانت
غير قليل من الهجمات العسكرية بل وايضا التصفيات لاهداف مثل عماد مغنية،
والجنرال سليمان، دون رد سوري – ستصبح مشابهة اكثر للبنان منها للدولة
السيادية في عهد حافظ الاسد. لعله لن يكون ممكنا الوصول الى اتفاق، ولكن
السلام مع سوريا لم يكن ابدا امنية اسرائيلية. وحتى من أيده، رأى فيه اساسا
وسيلة لتحقيق أهداف أمنية. سوريا من شأنها أن تتفكك ومعقول أنه في كل
الاحوال ستعاني من عدم الاستقرار على مدى زمن طويل. ليس مؤكدا أن في
اسرائيل سيوجد كثيرون ممن سيذرفون أي دمعة".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمر اعتقال
المصدر: "هآرتس ـ عميره هاس"
" بدأ ذلك بما يجربه عشرات الفلسطينيين كل شهر: فتحت جنح الليل
ركل للباب أو صراخ من ورائه، البيت محاط بجنود يسددون البنادق. كانت
البنادق هذه المرة مسددة الى فتاة في الرابعة عشرة وجدتها ابنة السابعة
والستين اللتين حلتا ضيفتين عند الخالة ابنة الثالثة والخمسين وابنتها ابنة
الثانية والعشرين في بيتهما في البيرة. قالت الشابتان بعد ذلك إن الجنود
نبحوا، كما قالتا، بأوامر واسئلة وتهديدات.
جاء الجنود لاعتقال الدكتور احمد قطامش ابن الستين. في 1998 أُفرج عنه بعد
خمس سنين ونصف في الاعتقال الاداري. والتهمة انه مسؤول كبير في الجبهة
الشعبية لتحرير فلسطين والنشاط في المنظمة – لم يتم البرهان عليها بمحاكمة
قط. احتاج "الشباك" الى اطالة أمر الاعتقال الاداري أي الى الاعتقال الطويل
بلا محاكمة، ولا حتى المحاكمة العسكرية المعروفة بتنازلها المفرط عن
المباديء والاجراءات السوّية.
منذ تم الافراج عن قطامش أنهى شهادة الدكتوراة في العلوم السياسية ويعيش
على التدريس. استمر في كتابة كتب ونشر مقالات تعارض اتفاق اوسلو وتؤيد دولة
ديمقراطية واحدة، وتقاوم الفساد في السلطة الفلسطينية.
وفجأة – في 21 نيسان فجرا، جاء الى البيت عشرة جنود وكان عشرات حوله. وكان
الأمر أن يمثل قطامش (الذي كان عند أخيه) فورا. أصر قطامش على ان يأتي
الجنود اليه وأوضح كيف يأتون.
في الثامن والعشرين من نيسان مُدد اعتقاله بالمحكمة العسكرية في معسكر
"عوفر". وطلبت النيابة العسكرية الاعتقال 11 يوما. قال وكيل النيابة محقق
الشرطة ايتسك شموئيل إن الحديث عن شبهة عضوية ونشاط في الجبهة الشعبية.
وتفصيلات ذلك في "التقرير السري". وقال ايضا: "كان هناك قصد الى اعتقال
المشتبه فيه اعتقالا اداريا وتقرر في ضوء التطورات في هذه المرحلة طلب
تمديد اعتقاله من اجل التحقيق... التحقيق مهيمن وسيتقرر بحسب التطورات هل
يُحقق مع المشتبه فيه أم لا".
عارض قطامش أن يُعرف بأنه "مشتبه به". فالحديث عن آراء يعبر عنها بصراحة
ولهذا تم اعتقاله كما قال، فاذا حدثت محاكمة فستكون سياسية لا أمنية. قضى
القاضي شموئيل كيدار بأنه في "مادة الأدلة التي جُمعت حتى الآن لا توجد
امور حقيقية فيها ما يسوغ استمرار الاعتقال، لكن المحقق قدم تقريرا سريا
فُصلت فيه شبهات كبيرة عن نشاط معادٍ وعن اعمال التحقيق التي تريد السلطات
القيام بها". وحكم بستة ايام اعتقال حتى الثالث من أيار، في الخامسة بعد
الظهر.
في 3 أيار بدأ يوم اعوجاج للاجهزة:
الصباح. أبلغت موظفة تسجيل في السجن المحامي محمود حسان من جمعية "الضمير"
(لدعم الأسرى) ان قطامش سيُفرج عنه ولهذا لا يوجد بحث لتمديد الاعتقال.
وعادت الموظفة وصدقت هذه المعلومة في الثانية بعد الظهر (أي ان "الشبهات
الكبيرة" والسرية في الثامن والعشرين من نيسان لم تؤدِ الى شيء).
الرابعة بعد الظهر. العائلة تنتظر قطامش في حاجز بيتونيا – من هناك الدخول/ الخروج الى المحكمة العسكرية والى سجن "عوفر".
الخامسة بعد الظهر. قالت موظفة التسجيل لحسان: تعال، يوجد تباحث في التمديد لانهم ينوون اصدار أمر اعتقال اداري.
الخامسة والنصف. حسان يسرع الى حاجز بيتونيا. الجنود: لم يُسجل أي تباحث
ولهذا لا إذن لك بالمرور. يتصل حسان بمدعي عسكري ويقول هذا: لا يوجد أمر
اداري ولا يوجد تباحث. قطامش سيُفرج عنه. وتصدق ذلك موظفة التسجيل في
السجن: لا يوجد تباحث وقطامش سيُفرج عنه. وهي تُعده للافراج عنه.
السابعة مساء. موظفة التسجيل لحسان: هناك مشكلة مع موكلك. طلب "الشباك" إليّ الانتظار.
الثامنة. موظفة التسجيل: يقول "الشباك" ان هناك أمرا (اعتقالا اداريا). وفي اللحظة التي يأتي فيها سأتصل.
الحادية عشرة ليلا (بعد ست ساعات من زوال فاعلية تمديد اعتقال قطامش).
تُبلغ موظفة التسجيل حسان بأنه قد جاء بالفاكس أمر الاعتقال الاداري. وقد
وقع على الامر العقيد يئير كولس وضابط استخبارات من قيادة المركز.
في يوم الاربعاء صباحا تلقى حسان الأمر وأصيب بالدهشة: فقد عُرف الامر بأنه
"تمديد" اعتقال اداري؛ وتحت اسم المعتقل ورقم بطاقة هويته ومدة الاعتقال
التي كُتبت بخط يدوي، لوحظت علامات محو بالتيبيكس؛ وسنة الولادة المذكورة
مخطوءة (1952 بدل 1951)؛ وفي السطر الوحيد الذي يتناول سبب الاعتقال كُتب
ما يلي: "بسبب كونه نشيطا من حماس يُعرض أمن الجمهور للخطر". وقد ورد في
تمديد مدة الاعتقال ان قطامش هو نشيط في الجبهة الشعبية. فكيف قفزوا من هنا
الى نشاط في حماس في أمر الاعتقال الاداري؟.
من الواضح انه في مكان ما في قيادة المركز قد أُصدر أمر تمديد اعتقال فلان،
وصُور وأُصدر بأكبر قدر من الاهمال. قد يكون الجيش الاسرائيلي يوفر
الاوراق، لكن هل الاعتقال ستة اشهر بلا محاكمة هو أمر ضئيل جدا بحيث لا
يوجب على الادارة فحصا أساسيا للتفاصيل؟.
جاء عن متحدث الجيش الاسرائيلي ردا على ذلك: "كان يفترض ان يزول في ليل
3/5/2011 سريان فعل اعتقال احمد موسى قطامش الذي اعتقل حتى هذا التاريخ من
اجل التحقيق. مع ذلك تلقت عناصر الامن في ذلك اليوم معلومات محدثة لم تكن
تملكها قبل ذلك فيها ما يُبين خطرا شديدا من المعتقل. وبناء على ذلك صدر
أمر اعتقال اداري له. وقع الامر إذ كانت المادة الأمنية تحت بصر القائد
العسكري. بسبب سرعة اصدار الامر وقعت بضعة اخطاء في صياغة الامر وأُصلحت
بعد ذلك".
حدثت معجزة في اسرائيل! ففي وقت ما بين الخامسة والثامنة قبل ان يفرج عنه جرى تلقي معلومات طازجة عن الخطر الامني البالغ من قطامش.
تم التحقيق معه مرة واحدة منذ يوم اعتقاله حتى 2 أيار. واستمر التحقيق عشر دقائق كما قال لمحاميه".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أُحبك أيتها المحطة الأخيرة
المصدر: "هآرتس ـ جدعون ليفي"
" حلت بنا كارثة قومية جديدة في نهاية الاسبوع: فقد تم تأخير بضع
مئات من المسافرين عدة ساعات في مطار بن غوريون. عناوين صحفية رئيسة ونشرات
بث دراماتية – كارثة. لم يعلم أحد ماذا حدث بالضبط، لكن كانت توجد أوصاف
آخر الزمان: طائرات قد تتحطم، وقد يكون الوقود كله في الدولة ملوثا مع
اشارات الى عملية تفجير ضخمة. نهاية العالم. أُرسل التلويث "البيولوجي" من
الفور الى أكثر المعاهد سرية في نيس تسيونا والى المانيا ايضا؛ وكان هناك
عشرات ممن أصابتهم النائبة وتم تأخير رحلتهم للحظة وأُجريت معهم مقابلات
مرهقة، يتحدثون للأمة الهائجة عن مصيرهم المر ويكشفون للجميع عن معاناتهم
ويهددون برفع دعاوى. وكل شيء أصبح قزما حيال الامر الأفظع: مئات المشجعين
الصفر الذين توجهوا الى دور الرباعي النهائي والذين كانوا يوشكون ان يضيعوا
ساعة كازينو في برشلونة. تبين انه يسيء الينا حقا ان نرى طائرة كبيرة لا
تقلع من خلال دمعة شفافة.
سنغفر اضراب الاطباء، ونتجاهل اضراب العاملين الاجتماعيين، بل لا تسيء
الينا القطارات المعطلة ألبتة؛ لكن لا تمسوا فقط بمطار بن غوريون. فكل
اضراب طويل ينضم اليه عمال مطار بن غوريون يحكم عليه بنهاية فورا. لأننا
نتجاوز عن كل شيء، ونلف أنفسنا بعدم اكتراثنا إزاء كل شيء إلا هذا. حتى في
ارض الكوارث – الحقيقية أو المتخيلة في الأساس، حيث تصبح كل عطسة خطر وباء
جماعي وكل تهديد ضئيل تحذيرا عالميا من السفر؛ وكل حريق غابة حدادا وطنيا
وكل انخفاض في مستوى بحيرة طبرية طبيعية؛ في دولة تتلهى بكوارثها وتدمن
التهديدات عليها، ليس فيها كارثة أكبر من اغلاق المطار الجوي اليها ومنها
للحظة واحدة. دعوكم من حائط المبكى وانسوا مغارة الماكفيلا – إن مطار بن
غوريون وفيه منطقة التجارة الحرة هو المكان الأقدس للاسرائيليين.
عندما نقول "الحقل" نقصده. انه منطقة الاشواق. جواز سفر ثان لكل من يستطيع،
لكن لا تغلقوا لنا "بابنا الجوي". لا يوجد برهان أسطع على شعور الاختناق
والحصار، وعلى المحرقة التي تقوم دائما قريبة منا، وعلى الشعور بالمطاردة
الفطري، ورهاب المحرقة المكتسب، ولم تغير شيئا حتى حقيقة انه أصبح يمكن
مغادرة البلاد عن طريق البر الى دولتين جارتين لا تطلب واحدة منهما حتى
تأشيرة دخول. وكذلك لا تغير شيئا حقيقة انه يوجد طريق هرب بحري من هنا. في
الوقت الذي يحلم فيه أكثر السجناء دائما بالبحر باعتباره رمز الحرية، نحلم
نحن بالجو. أنا أحبك أيتها المحطة الاخيرة.
في شبيبتنا عندما كانت الرحلات الى الخارج ما تزال باهظة السعر، كان يُلح
علينا السؤال المصيري دائما: ماذا سنلبس في الرحلة الجوية؟ كما تسأل العروس
عن ثوب الزفاف. وكنا في طريقنا الى الخارج نلبس أفضل ما نجد في ديزنغوف
وأللنبي وكنا نلبس في طريق العودة الملابس الفخمة من الخارج كي نبدو في
أفضل مظهر في الرحلة الجوية ولنؤثر في نفوس المستقبلين الذين انتظرونا هنا
متأثرين في المحطة الاخيرة. لم يتغير الكثير منذ ذلك الحين سوى توالي
الرحلات الجوية وعدم الحرص على اللباس – فقد بقيت الرحلة الجوية الى الخارج
كما كانت، حلما تحقق وقد يكون الحلم الاسرائيلي الأكثر تميزا. كل سفر الى
الخارج ولا يهم الى أين ولماذا، ما يزال يُعد هنا مصدر سعادة (وغنى) ورمزا
الى المكانة الاجتماعية وبقيت المحطة الاخيرة في المطار هي الباب السحري.
صحيح انه يوجد عند أبوابها إظهار قبيح على نحو خاص للعنصرية على صورة "صباح
الخير" أو "مساء الخير" من الحراس المسلحين، من اجل معرفة اللهجة فقط؛
وصحيح ايضا ان المكان ممنوع على الفلسطينيين من المناطق وملعون بالنسبة
للعرب من اسرائيل؛ وصحيح ان المكان هناك احيانا مزدحم ضاج، وأننا جميعا
هناك بلا صبر، أكثر من المعتاد، لكن منطقة التجارة الحرة وبعدها الاقلاع
الى أعلى الجو، يصنعان بنا شيئا ما يُخيل الينا أنه أصبح غريبا على شعوب
كثيرة اخرى في العالم الحديث.
هذه مفارقة: فقد عرض استطلاع عالمي للرأي نشر في المدة الاخيرة
الاسرائيليين باعتبارهم أحد أكثر الشعوب سعادة في العالم؛ فنحن جميعا ذوو
شعور وطني والمهاجرون من هنا يُعدون "في مقام أدنى من الهجرة"، فحب البلاد
قيمة عليا، وتوجيه انتقاد اليها يُعد خيانة. ومع ذلك كله يوجد مطار بن
غوريون.
أقول في اليوم الذي نعرف فيه كيف نعيش مع مطار مغلق للحظة واحدة سنعرف أننا بلغنا سكون النفس والهناء".