كتب محرر الشؤون العبرية
لم يتمكن جيش العدو الصهيوني من أن يفرض على المقاومة الفلسطينية في غزة
معادلته التي حاول أن يكرسها الأسبوع الماضي، عندما استهدف ثلاثة مجاهدين
من كتائب الشهيد عز الدين القسام، في أعقاب تمكن المقاومة من تحسين موقعها
في معادلة الردع القائمة بين قطاع غزة و"إسرائيل".
فقد فاجأت المقاومة الفلسطينية العدو في عمليتها الأخيرة عندما استهدفت
حافلة إسرائيلية بالقرب من قطاع غزة بصاروخ مضاد للدروع. وهو ما دفعه إلى
شن ضربات متوالية استهدفت مدنيين ومجاهدين في قطاع غزة. وهو ما كشف كم كانت
مدوية الرسالة الفلسطينية.
ما يميز استهداف الحافلة، انه تم بصاروخ مضاد للدروع، أي من المفترض في هذه
الحالة أن تكون الخلية التي قامت بالمهمة كانت تعي ما تقوم به، لأننا لا
نتحدث عن صاروخ قسام أو غراد يمكن للصدفة أن يكون لها دورها في التسبب
بإصابات مباشرة. بل عن صاروخ دقيق الإصابة من الضروري أن يكون مطلقه قد
شخَّص ورأى هدفه بشكل مباشر.
وعليه فإن عملية الحافلة، شكلت تحدياً كبيراً جداً للمؤسسة الإسرائيلية.
لكن السؤال الأساسي بالنسبة للقيادة الإسرائيلية، هو إن كان مطلق الصاروخ
يعلم بأن الفتيان الإسرائيليين الذين كانوا على متنها قد نزلوا منها.
في حال كان يعلم، هذا يعني أن الطرف الفلسطيني أراد أن يوجه رسالة ليس إلا،
من دون أن يتسبب في دحرجة الأوضاع نحو مواجهة شاملة وواسعة في قطاع غزة.
والتلويح بأن لدى المقاومة الفلسطينية خيارات واسعة ومؤلمة ان تجاوز خطوطه
الحمراء خلال اعتداءاته.
أما في حال كان لا يعلم، فهذا يعني أن الطرف الفلسطيني أراد أن يوجه ضربة
قاصمة للعدو، وتدفيعه أثمان باهظة، ردا على اعتداءاته. والذهاب بعيدا في
رفض المعادلة التي يحاول فرضها من دون أي اكتراث بالأثمان التي قد يدفعها.
لكن في كلا الحالتين، تشكل عملية الحافلة رفضاً حاداً وشديداً للمعادلة
التي يحاول العدو فرضها، وعن عدم تسليمها بمحاولة "إسرائيل" تصحيح صورة
ردعها التي بدت عليها بعد الجولة السابقة.
في الخلاصة، ما جرى خلال الساعات الأخيرة، أعاد الكرة إلى الملعب
الإسرائيلي وحشر قيادة تل أبيب، مع التأكيد على انه يمكن للتقديرات الخاطئة
أن يكون لها دور في التسبب بتصعيد قد لا يكون مرغوب به لكل الأطراف. كما
أن أي ضربة عسكرية مؤلمة يرى فيها الطرف المستهدف تجاوزا حادا لخطوط حمراء
يرسمها، قد يدفعه إلى الرد المؤلم وبالتالي الذهاب نحو تدحرج تصاعدي.. رغم
أن حرص الطرفين قد يؤدي في نهاية المطاف إلى لجمه.