في ايلول/ سبتمبر عام 1965، أغارت الطائرات الاسرائيلية على المواقع اللبنانية عند منابع الحاصباني والوزاني، ومنعت لبنان من استغلال مياهه.. في حينه، لم يقوَ لبنان الا على الشكاية، ووضع اليد على الخد استسلاما.. هذا المشهد لن يتكرر، ضد المنشآت النفطية والغازية للبنان، في ظل سلاح المقاومة.
كانت التغطية الإعلامية لرواية العدو الصهيوني عن السفينة "فكتوريا" التي قال ان بحريته استولت عليها في عرض البحر قبل وصول سلاحها الى قطاع غزة، مليئة بالمؤشرات الدالة على حجم وسرعة سباق الجهوزية العسكرية ما بين "الكيان الغاصب" والمقاومة، في قطاع غزة ولبنان. وجاء الاستيلاء على السفينة وحمولتها، في لبنان والعالم العربي، خبراً بدا ضائعا وسط اخبار العرب الملتهبة، وبالتالي، سقط من التداول التحليلي، على اهميته.
وعلى النقيض، كان التحليل والتغطية الخبرية في الكيان الصهيوني ذا دلالات، بحسب مصادر أمنية في تل أبيب، (الإذاعة الاسرائيلية 16/03/2011)، من شأن "صواريخ سي 704"، التي ضبطت ست منها على متن "فكتوريا"، ان "تقيد بشكل كبير مناورة سلاح البحرية، كما من شأنها تهديد منشآت الغاز والنفط في عرض البحر، واجبار القطع الحربية الاسرائيلية الابتعاد عن الساحل"، ما يعني شل قدرتها العملياتية، في اي مواجهة مقبلة.
وفي سياق "احتفال" العدو بـ"الانجاز" الاستخباري والعملياتي جراء الاستيلاء على حمولة "فكتوريا"، كشفت مواقف وتصريحات مسؤولي تل أبيب ومعلقيها، بصورة غير مباشرة، ما عمدت للسكوت عنه طوال الفترة الماضية، وهو ان سلاح البحر الاسرائيلي، محيد تماما في الحرب المقبلة، حيال لبنان.. وكشفت ايضا ان منشآت الغاز والنفط الاسرائيلية، عرضة للتهديد الفعلي، في حال اقدمت تل أبيب على تهديد منشآت النفط والغاز اللبنانية، المزمع المباشرة فيها قريبا. اذا كان المقاومون في قطاع غزة قادرين على تحييد سلاح البحرية والمنشآت الغازية الاسرائيليين، بواسطة صواريخ "سي 704" ضبطت على متن "فكتوريا"، فبشكل آكد، المقاومة في لبنان اقدر على استهداف هذه المنشآت، بما بات لديها من قدرات عسكرية غير مسبوقة، لا تنفيها تل أبيب.
ثبت في الماضي، خلال عدوان الكيان الصهيوني على لبنان عام 2006، ان لدى المقاومة منظومة صواريخ بر ـ بحر، اكثر تطورا وتدميرا من صواريخ "سي 704".
الجهوزية والقدرة
السؤال المطروح الآن، هو: اين وصل مستوى جهوزية المقاومة وإمكاناتها في العام 2011، قياسا بما كان عليه عام 2006؟. سؤال من الصعب الاجابة عليه تفصيلا، في ظل سكوت المقاومة عن جهوزتها العسكرية، لكن التأكيدات الصادرة من أعلى مستوياتها القيادية، تشير الى وجود مستوى مرتفع جدا من الجهوزية النوعية، في اي مواجهة او تحد مقبلين، على شاكلة تهديد منشآت الغاز اللبنانية، او الحرب نفسها.
وتنشيطا للذاكرة، أطلق الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، في الذكرى العاشرة للانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان، معادلة "الردع البحري" حيال "اسرائيل"، وكشف في حينه أن المقاومة قادرة على استهداف وضرب السفن والموانيء والمنشآت الاسرائيلية البحرية، ردا على اي اعتداء اسرائيلي بحري على لبنان. في حينه، التزمت تل أبيب الصمت ولم تعلق. لم يكن بمقدور قادة تل أبيب الاقرار بان لدى حزب الله قدرات تمكنه من تنفيذ تهديداته، وفي نفس الوقت لم يكن بمقدورهم تحدّيه، خاصة ان مشهد اصابة البارجة "حانيت" في حرب عام 2006، يحتل حيزا دائما وحيّا في الذاكرة الاسرائيلية، وبالتالي كان افضل وسيلة للتخفيف من التداعيات السلبية للردع البحري، محاولة تجاوزه وعدم التعليق عليه.
الاسئلة الاسرائيلية، كما عكسته التعليقات الاخيرة في اعقاب الاستيلاء على "فكتوريا"، كانت في عدة اتجاهات:
كم عدد الحاويات التي جرى "تهريبها" الى قطاع غزة ولبنان، قبل الاستيلاء على فكتوريا؟ كم عدد الصواريخ "الكاسرة للتوازن"، التي باتت موجودة في أيدي الغزاويين واللبنانيين، وقادرة على تحييد قطاعات أسلحة، كانت حتى الامس القريب ميزان قدرة تل أبيب الفعلية، على تنفيذ اعتداءاتها؟
اذا كان تقدير استخبارات العدو الصهيوني بان المقاومة في غزة، باتت تمتلك صواريخ متطورة وفاعلة ومؤثرة في الحرب المقبلة، والقطاع طوال السنوات الماضية تحت الحصار البري والبحري والمتابعة الاستخبارية اللصيقة، فما هو، قياسا، حجم الترسانة الصاروخية التي باتت موجودة في لبنان، في ظل قصور "اسرائيل" المعلن، عن منع تعاظمها؟
اذا كانت ستة صواريخ فلسطينية، بقادرة على شل حركة سلاح البحر الاسرائيلي في المواجهة المقبلة وتهديد المنشآت الاستراتيجية في الكيان الغاصب، فكيف بمخزون صواريخ اكثر تطورا وتدميرا ودقة، بات بالفعل في أيدي المقاومة في لبنان؟
بفضل السلاح وفاعليته، لم يعد لبنان ـ ايلول 1965 موجودا. أبى من أبى وعاند من عاند.