كتب محرر الشؤون العبرية
تعهد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو بإبقاء غور الأردن تحت سيطرة الجيش
الإسرائيلي في أي تسوية مقبلة مع الفلسطينيين، مشيراً إلى أن "الحدود
الآمنة لإسرائيل هي نهر الأردن" ومعتبرا انه في حال كان هذا الموقف "صائبا
قبل الهزة التي تضرب المنطقة فإنه أصبح أكثر صوابا اليوم". وحذَّر نتنياهو
من انه في حال "كانت الحدود منتهكة" فإن الصواريخ ستصل من طهران "إلى تل
أبيب والقدس وكل الدولة".
يلاحظ على هذا الموقف انه أتى بعد أيام على حديث وسائل الإعلام الإسرائيلية
عن عزم نتنياهو تقديم مبادرة سياسية لدفع عملية التسوية على المسار
الفلسطيني، تتضمن إقامة دولة فلسطينية بحدود مؤقتة. لكن يبدو انه حرص فيه
على إبقاء مسألة السيادة على الغور مفتوحة للمفاوضات مع الفلسطينيين كونه
تحدث فقط عن الإبقاء على قوات للجيش على طول نهر الأردن.
لا يخفى أن خلفية موقف نتنياهو التمسك بغور الأردن يعود إلى الأبعاد
الأمنية والاستراتيجية التي تتميز بها هذه المنطقة، كونها تُشكِّل منطقة
فاصلة بين الدولة الفلسطينية المرتقبة والأردن ومن هناك مع العالم العربي
والإسلامي. وعليه يمكن القول أن موقع غور الأردن بالنسبة للضفة كموقع محور
فيلادلفيا بالنسبة لقطاع غزة. بل أكثر أهمية انطلاقا من الأهمية
الاستراتيجية التي تنطوي عليها الضفة الغربية في كيان العدو. من هنا كان
ربط نتنياهو باستمرار تواجد قوات الجيش الإسرائيلي في تلك المنطقة بمنع
تدفق الصواريخ إلى "تل أبيب والقدس وكل أنحاء الدولة". ومن هنا يأتي تأكيد
رئيس الحكومة السابق إسحاق رابين في خطابه الأخير في الكنيست في تشرين
الأول عام 1995 أنّ "إسرائيل يجب أن تحتفظ بغور الأردن بكل ما تعنيه هذه
الكلمة من معنى في أي اتفاق للسلام يتم التوصل إليه".
وبنظرة مستقبلية، يريد نتنياهو ايضا الاحتفاظ بقوات في تلك المنطقة تشكل
طلائع لقوات الجيش في حال تطور الأوضاع في الأردن باتجاهات خطرة على
إسرائيل. ولا شك أن للمنطقة أبعاد أخرى بالنسبة للكيان الإسرائيلي، يمكن
تلخيصها، انطلاقا من بعض الدراسات الإسرائيلية، وفق التالي:
ـ تطمح "إسرائيل" إلى إنشاء مشاريع صناعية وزراعية مرتبطة بالاقتصاد "الإسرائيلي"، إضافة للمشاريع السياحية في المنطقة.
ـ السيطرة على الغور يعني السيطرة على الأحواض المائية الجوفية في الضفة
الغربية، خاصة الأحواض الشرقية منها، نظراً لأهميتها في تنمية المنطقة.
ـ الإبقاء على قوات فيه يعني الفصل الجغرافي بين فلسطينيي الضفة الغربية
وفلسطينيي الأردن الذين يمثلون "عمقاً ديموغرافياً" لأي كيان فلسطيني قادم.