لم تعد "إسرائيل" كما كانت.. ولا عدوان على لبنان للتعذر
كتب محرر الشؤون العبرية
يعيش كيان العدو حالة ترقب مع منسوب مرتفع من القلق حيال المرحلة المقبلة. وتدرك تل ابيب سلبيات ما يجري في العالم العربي وتداعي حلفائها، لكنها لا تدرك بعد حدود هذه السلبيات، فجزء اساسي من مقدراتها بدء بالتداعي، وهي عاجزة عن تحديد ماهياته النهائية. كانت انظمة "الاعتدال" العربي، ما سقط وما هو آيل الى السقوط، مكونا من مكونات استقرارها طوال العقود الماضية، وعلى غير عادة، تعجز تل أبيب عن التدخل لتغيير الاتجاهات السلبية من ناحيتها في الشارع العربي نحو ما يخدم مصالحها، او في حد ادنى يحافظ على هذه المصالح.
كان لدى تل أبيب فرصة عام 2006، من البوابة اللبنانية، لاحداث انقلاب في المنطقة يسبق ما يجري، الا انها ضيعت الفرصة ومن غير المقدر ان يتسنى لها فرصة اخرى. فشلت ومن ورائها واشنطن في تحقيق نبؤة الشرق الاوسط الجديد، كما دعا اليه الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز ووزيرة الخارجية الاميركية السابقة كونداليزا رايس، ولا مبالغة في القول ان احد تعبيرات فشل حرب عام 2006، ما نراه اليوم من تغييرات في الساحات العربية، وما يسميه رئيس الحكومة الاسرائيلية بـ"الزلزال في العالم العربي".
لم يعد كيان العدو كما كان. في العام 2006 سقط جبروت الجيش الاسرائيلي، والفزاعة الاميركية في المنطقة لم تعد كما كانت عليه. كسرت المقاومة جبروت الكيان الغاصب بمقومات عام 2006، وما بات لديها من مقومات للعام 2011، قادر على هزيمتها شر هزيمة، وهذا ما تقره تل أبيب في معرض النفي، فمنسوب وحجم الحديث عن الحرب المقبلة من ناحية العدو الصهيوني، الذي يبدو كهاجس، والتأكيد على وجوب ابعاد الحرب وعدم خوضها، وعلى وجود الردع المتبادل بينه وبين المقاومة، وعن قصور اليد في تحقيق النتائج المرجوة من اي مواجهة، اضافة الى الأصوات الاسرائيلية التي تدعو الى التواضع والبحث عن تحسين الملاجيء والرثاء لحال الاسرائيليين القاطنين بالقرب من المراكز العسكرية، اشارات دالة على الخشية من الحرب، وأنها لن تكون حربا ابتدائية اسرائيلية.
يضيف الواقع العربي الجديد، والسعي الاسرائيلي للحد من الخسائر، عاملا اضافيا من عوامل منعة لبنان وقدرته. "زلزال العالم العربي" من شأنه ان يحد من قدرة تل أبيب على المناورة وعلى تحقيق المصالح بأساليب عسكرية عدائية، اعتادت استخدامها في الماضي. فكرد فعل، وليس ابتداءا، سكت العدو الصهيوني وجيشه من ناحية عملية عن الرد على قصف مدينة بئر السبع وجوارها انطلاقا من قطاع غزة، الذي كان من شأنه في ظروف مغايرة اطلاق ردة فعل شديدة جدا على الفلسطينيين، وجبي اثمان باهظة منهم، الامر الذي بات متعذرا حاليا.
كان مضحكا جدا ومثيرا للسخرية، حديث رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، في سعيه للحد من قلق الجمهور الاسرائيلي حيال ما يجري في العالم العربي.
كان مثيرا للسخرية ان يتحدث عن ان إقفال قناة السويس سيعني فائدة للكيان لانها ستطور السكك الحديدية لديها من إيلات الى اشدود، للتعويض على اقفال القناة، وبالتالي سيتحول الكيان الى حاجة للغرب، رغم التعذر من ناحية فعلية إمكان تعويض قناة السويس بأي طريق بري اخر. من المثير للسخرية أكثر، أن يتحدث نتنياهو، في معرض طمأنة الاسرائيليين، بان الغرب سيكون بحاجة اليهم لان "العقل اليهودي" قادر على ايجاد بدائل عن النفطّ!!.