من شأن الثورة المصرية ان تفاقم الوضع الامني والسياسي للكيان الغاصب، وعلى المؤسسة العسكرية في كيان العدو البدء بالاستعداد لمواجهة تغيرات بيئتها الجديدة، بدءا من بلورة تصور جديد لاصل التهديدات، مرورا بوسائل الجمع الاستخباري والتقييم والتحليل، وصولا الى تغيير بنية القوة العسكرية وتشغيلها في الجيش الاسرائيلي، وهي مسائل تتطلب جهودا وسنوات، من المشكوك ان تستطيع استخبارات العسكرية تأمينها في آماد قصيرة.
يقدر كيان العدو، كما يشير خبراؤه ومحللوه، انه عاجز عن تقدير الموقف واستشراف مآلات الثورة المصرية، وبالتالي عاجز عن ايجاد وسائل لمواجهة تهديدات لا يمكن تلمسها والاحاطة بها في هذه المرحلة. فالثورة المصرية مرشحة الى مزيد من التداعيات السلبية على الكيان الاسرائيلي، لن تقتصر فقط على مسألة التحولات المصرية بل تستبعها تحولات في "البناء الاعتدالي" في المنطقة، الذي كانت مصر احدى اعمدته الاساسية.
وفي هذا السياق يشير رئيس مركز "موشيه دايان" للدراسات، "ايال زيسر"، الى ان الثورة المصرية تعبّر عن تغيير تاريخي في المنطقة، وما بدأ في القاهرة لن ينتهي مع استقالة مبارك، بل ان التقديرات تشير انها لن تتوقف حتى استبدال النظام واجهزته بالكامل، بحسب "زيسر"، الذي يرأس ايضا قسم التاريخ في الجامعة العبرية ويعتبر من اهم الخبراء في الشؤون العربية في كيان العدو، فان "الثورة المصرية لم تنته، ولن تنتهي الا بعد سقوط كامل للمنظومة الحاكمة"، ويتابع "زيسر" ان الجيش الذي يملك كامل الصلاحيات، "لا يمكنه ادارة الدولة، على الطريقة التي اديرت بها في ستينات القرن الماضي.. اذ ما زالت تنتظرنا فترة طويلة من الغضب المصري".
الجيش الاسرائيلي يجب ان يخطط لامكانات المواجهة المستقبلية المقدرة
|
في هذا الاطار، يشير أكثر من محلل اسرائيلي، الى ان للثورة المصرية تداعيات منتظرة على صعيد المواجهة وموازين القوى العسكرية مع قطاع غزة، بحسب هؤلاء فان تزايد وتيرة ومستوى وحجم "تهريب" السلاح الى غزة، هو نتيجة شبه مباشرة للحدث المصري، ما سيعني حاجة متزايدة في اليقظة الاستخبارية عن ذي قبل، مع الاشارة الى صعوبة ذلك في ظل تراخي الضغوط على المهربين، بل وعدم الاهتمام، في الجانب المصري، قياسا بفترة مبارك التي كان النظام المصري في حينه شريكا اساسيا بل واكثر بسبب المصلحة المصرية في عدم تعزيز قدرة قطاع غزة في وجه "اسرائيل".
كما ويشير معلق الشؤون العسكرية في القناة الاولى في التلفزيون العبري، "يؤاف ليمور"، الى ان موقع "اسرائيل" في مجموعة الاعتدال في المنطقة يتجه نحو الهزيمة، ويقول ان الجيش الاسرائيلي بدء بالفعل التحدث عن زيادة الميزانية وزيادة في عديد القوات بعد تقلص طوال ثلاثين عاما منذ توقيع اتفاقية السلام مع مصر، ويشير الى ان التطورات المصرية ستدفع بـ"اسرائيل" لتغييرات هامة، "في مجال الاستخبارات والعودة الى جمع المعلومات عن الجارة الجنوبية (مصر) التي تحولت الى خطر، بل وتنذر بان تتحول الى تهديد".