هيلدا المعدراني
يشترط سياسي مثقف لتنقية صورة المشهد السياسي على الساحة اللبنانية ووقف
التشويش عليها، إهمال العناوين التي يضعها فريق 14 آذار على الاحداث التي
تدور على هذه الساحة، فمهمة هذه العناوين ليست للتأشير إلى مضمون تلك
الأحداث، إنما العكس، وهو إخفاء حقيقتها وتزييفها عبر لبننتها وإظهارها على
معان داخلية، فالمسألة عنده تتجاوز الأبعاد اللبنانية لتتركز على موضوعات
كبرى تتصل بترتيب المنطقة وإعادة توزيع النفوذ بين القوى الإقليمية
المتنافسة على إدارة المنطقة.
ويقول هذا السياسي، إن محور واشنطن – تل أبيب هو اليوم في طور استجماع
اوراق القوة التي يملكها في المنطقة، وهو يعتبران كل ملفات الشرق الاوسط
واحدة من الملف النووي الإيراني إلى المحكمة الدولية مرورا بمستقبل العراق
والصراع العربي الإسرائيلي وغيرها من الموضوعات التي تحدد وجه المنطقة، اي
ان هناك طاولة واحدة للمفاوضات الاقليمية مع ايران والاطراف الاقليمية
الاخرى، وبالتالي كل الملفات متداخلة وكان هذا المحور اعتبر ان المحكمة
الدولية مكملة لرزمة العقوبات الاقتصادية مع ايران .
ويضيف: ربما تبدلت المقاربة الاميركية منذ العام 2005 وحتى اليوم اي بتغيير
الادارة الاميركية وانتقالها من المحافظين الجدد إلى الديمقراطيين بوصول
ادارة اوباما، ربما المقاربة تغيرت فيما يخص استخدام المحكمة كاداة في
الصراع، ولكن هذه مقاربة تفصيلية اي بمعنى تقنية تكتيكية، ولكن ادارة
اوباما تعتبر او ترى المحكمة الدولية كما ادارة جورج بوش بانها جزء مكمل
لرزم العقوبات الاقتصادية المعروفة بالقرار الدولي 1929 المفروضة على
ايران، وهناك سلسلة متتابعة من العقوبات في اربع رزم كان مفترض ان يتم
تطبيقها، وبالتالي كان الهدف من هذه العقوبات اضعاف النظام الايراني، وكان
يجب ان تترافق هذه العقوبات مع استخدام المحكمة الدولية من اجل اضعاف حزب
الله، وهم يعتبرون ان ما يقومون به من خطة مركبة على مستوى المنطقة بهدف
احتواء النفوذ الايراني واضعاف نفوذه الاقليميي ولا سيما في المشرق العربي
هو بديل للحرب او للضربة العسكرية المباشرة للبنى التحتية للمفاعل النووي
وللاهداف التي كان يتكلم عنها الاميركيون قبل اربع سنوات تقريبا ( المنشآت
النووية اضافة الى حوالى اربعة الاف هدف كان البنتاغون يدرس خطة لضربها
داخل الاراضي الايرانية)، وبالتالي اليوم المحكمة الدولية بالنسبة لادارة
اوباما هي جزء من الحرب البديلة، وهي مكملة للعقوبات الاقتصادية، وتستطيع
الادارة الاميركية ان تتحكم بتوقيت وبتسريع صدور القرار الظني، وكما سبق
وشاهدنا ان القرار الظني كان من المفترض ان يصدر في منتصف كانون الاول
الماضي، ثم تم تاجيله نتيجة الاتصالات الاقليمية التي حصلت اي السعودية
والسورية والقطرية مع الادارة الاميركية بعد ان توسط الفرنسيين بعد لقاء
الرئيس الاسد مع ساركوزي، وأدى تدخل الاخير مع ادارة اوباما إلى تأجيل صدور
القرار الظني لفترة، واعتقد اليوم انه تم توقيت إحالة القرار عشية الجولة
الثانية من المفاوضات الخمسة زائد واحد (الدول الغربية مع ايران) في
اسطنبول، لذلك ارى ان هناك امعان في التسييس لا بل اصرار عليه، ودوز
التسييس اصبح مرتفعا خاصة لناحية التوقيت فملائمة صدور القرار مع الخطة او
مع التكتيك الاميركي المتبع في الضغط على ايران او على قوى المعارضة
للسياسة الاميركية في الشرق الاوسط.
ولا يستبعد السياسي نفسه المعلومات الاخيرة المتوفرة من داخل المحكمة
الدولية التي تقول ان فرانسين سيختصرالوقت القانوني الممتد من شهر إلى
شهرين لدراسة تقرير بلمار، وبدل ان يأخذ وقته في درس اجزاء القرار الظني
الذي يقال انه يستند الى مطالعة من مئات الصفحات حوالى 300 صفحة، وبدل ان
يأخذ وقته في التمحيص والتدقيق وفي دراسة القرار الظني، المعلومات تقول انه
قد يتبنى القرار الظني لبلمار ويصدر القرار الاتهامي في وقت سريع في
الايام القليلة المقبلة تبعا لما ستنتهي إليه مفاوضات اسطنبول.