لا أعني في ذلك، بالضرورة، أن صفقة كهذه ستكون خاطئة، إلا أنه لا يمكن غض النظر عن أبعاد هذه الصفقة، والتي بكل تأكيد تستحق دراسة دقيقة في تقرير لجنة فينوغراد.
أقسم نصر الله أمام عائلات الأسرى اللبنانيين على أنه سيحرر أعزائها، وعمل دائماً على تنفيذ التزامه، في الوقت الذي لم تغيِّر فيه حكومة شارون من آلية تقدم حزب الله باتجاه الحدود، ولم تغيِّر أوامر فتح النار في الشمال. إن النجاحات المتواصلة في إحباط عمليات الخطف، أدت في السياق إلى خسارة مصادر استخبارية، والمؤسسة الأمنية لم توفر الأموال اللازمة لتجديد قدرة التعقب والإنذار شمالاً، ما أوصل إلى النتيجة المتراكمة لهذه الأخطاء: خطف إيهود غولدفاسر وألداد رغيف بالقرب من زرعيت. لقد كان نصر الله ينتظر الفرصة لعملية أُعطيت تسمية «الوعد الصادق» مسبقاً.
إنه فشل كبير ومتواصل للجيش وللموساد وللشاباك ولبقية الأجهزة الأمنية والاستخبارية، التي لم تتمكن من بلورة بديل عسكري لصفقة التبادل. ويعني البديل العسكري الوصول إلى المكان الذي يحتجز فيه رغيف وغولدفاسر وإخراجهما منه، ما أدى بالحكومة الإسرائيلية إلى اتخاذ قرارها من دون وجود هذا البديل.
القنطار محكوم عليه بالسجن المؤبد، والفرق بين تخفيف مدة الحكم إلى 25 عاماً أو إلى 28 عاماً ليس جوهرياً ممن يتطلع إلى الانتقام منه، لكنه يضعف ولا يعزز قدرة المساومة لدى إسرائيل إذا مات في السجن. لكن إطلاق سراحه في مقابل أسرى الجيش الإسرائيلي، لا الحنان تننباوم، هو ثمن معقول، وقد دفعت إسرائيل مثل هذا الثمن قبل ثلاث أو أربع سنوات.
لقد فقدت إسرائيل فعلاً رون أراد في عام 1991، عندما عقدت الصفقات مع حزب الله والمنظمات الأخرى التابعة لإيران، وجرى تحرير الرهائن الغربيين من دون الحصول على رون أراد. هذا ما قامت به كل الإدارات الأميركية، وفي مقدمها إدارة بوش الأب. لقد كانت صادقة مع نفسها ومع شعبها، ولم تشترط تحرير رجالها باستعادة الطيار الإسرائيلي. وهذا ما كان يجب أن تقوم به إسرائيل.
الآن، ومن دون قول ذلك بوضوح، فإن الجهة التي ستعاني بفظاعة من الحسم الذي يتبلور هي عائلة أراد، بما يشمل زوجته وابنته وإخوته. والمسؤولان عن ذلك هما شارون وإيهود أولمرت. وهذا أيضاً، للأسف الشديد، انتصار لحسن نصر الله.