كتب محرر الشؤون العبرية
بعد التحذيرات المتكررة التي أطلقها رئيس الاستخبارات العسكرية،
السابق، اللواء عاموس يادلين، من الخسائر غير المسبوقة التي ستتعرض لها
سلطة الاحتلال في أي حرب مستقبلية، مع حزب الله وسوريا. وبعد حديث رئيس
أركان الجيش غابي اشكنازي، عن أن الكيان الغاصب سيضطر إلى إخلاء السكان من
المدن والمستوطنات في أي حرب مستقبلية، انضم احد المؤسسين الأساسيين
والمدير السابق لمنظومة حيتس الاعتراضي، "عوزي روبين"، إلى القائمة بالحديث
المسهب عن توازن قوى جديد في المنطقة، بين حزب الله وسوريا من جهة،
والكيان الاسرائيلي من جهة مقابلة. وأشار روبين إلى وجود نحو 1500 صاروخ
موجه، من سوريا ولبنان، نحو منطقة تل أبيب، يزن كل رأس انفجاري منها نحو
1000 كلغ من المتفجرات. إضافة إلى تغطية صواريخ حزب الله لكافة أنحاء
الكيان الغاصب وصولا إلى النقب في الجنوب. ومن ابرز ما توقف عنده روبين،
دقة صواريخ حزب الله التي تمكنه من انتقاء الأهداف في أي نقطة من كيان
الاحتلال، لافتا إلى أن كل من حزب الله وسوريا أصبحا كمن يمتلكا تفوقا جويا
من دون سلاح جو" نتيجة قدرتهما على استهداف المنشآت المدنية والعسكرية في
كل الكيان.
ومما يلاحظ على الكلام الصريح والمباشر الذي أدلى به روبين:
أن قيمته تنبع من كون صاحبه من أكثر الشخصيات خبرة في مجال الصواريخ، من هنا يفترض ان يكون له أصداء واسعة داخل الجمهور الإسرائيلي.
بالمقارنة مع ما أدلى به رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، قبل انتهاء
ولايته، يمكن القول أن ما قاله يادلين، أو ما سُمح بنشره في وسائل الإعلام،
كان إجماليا ويغلب عليه التعميم، في حين يتميز كلام روبين بالتفصيل الدقيق
سواء إزاء أعداد الصواريخ، وحجم رؤوسها الانفجارية إضافة إلى المفاعيل
الاستراتيجية لاجتماع الدقة في الإصابة، والمدى الطويل والقوة التدميرية
الكبيرة لصواريخ حزب الله. ومن الواضح أن من أسباب التباين في التعبير يعود
إلى أن الأول أدلى بكلامه في الوقت الذي كان يتولى منصبا رسميا، أما الآخر
فهو متحرر من هذه القيود.
أما بخصوص حديثه عن أن هدف حزب الله في الحرب المقبلة "سيكون مهاجمة
المجتمع الإسرائيلي، وليس مهاجمة الجيش الإسرائيلي" فله وجهان: انه نتيجة
الهوة الهائلة في موازين القوى، اعتمد حزب الله على السلاح الصاروخي القادر
على استهداف العمق الإسرائيلي، بكل عناصره. أما فيما يتعلق بوجهة تركيز
حزب الله (على الجيش ام العمق الإسرائيلي) فيعود إلى طبيعة الحرب التي
ستشنها قوات الاحتلال، فإن اكتفت بحرب نارية عن بعد سيواجهها حزب الله بشكل
أساسي بقصف العمق الإسرائيلي، اما في حال شن العدو هجوما بريا، من الطبيعي
أن يتركز رد حزب الله على مواجهة الجيش وقصف الجبهة الداخلية معا.
أيضا، كان لافتا اعتبار روبين امتلاك حزب الله لصواريخ دقيقة وذات مديات
بعيدة إلى جانب قوتها التدميرية الكبيرة، كمن يملك تفوقا جويا من دون
طائرات حربية. والحقيقة أن منشأ هذا التقدير يعود إلى أن سلاح الجو يتميز
بميزتين أساسيتين، إلى جانب مزايا أخرى: دقة الإصابة وقوة التدمير.
وبتعابير أخرى، أن ما كان يريد حزب الله أن يستهدفه، لو كان يملك سلاح جو
فعال قادر على اختراق الأجواء الإسرائيلية، أصبح بإمكانه استهدافه الآن عبر
الصواريخ.
وعليه يمكن القول أن هذه المعطيات، وما تنطوي عليه من أبعاد، تكشف عن وجود
ردع متبادل مع الدولة العبرية، وبأن حسابات الربح والخسارة في أي قرار
تتخذه القيادة الإسرائيلية تعكس حقيقة وجود أثمان غير مسبوقة وكلفة لم يسبق
أن تكبدتها إسرائيل طوال تاريخها. ولعل في دعوة روبين الإسرائيليين إلى
الإصغاء جيدا لتهديدات سماحة الأمين العام لحزب الله، ما يكشف ايضا عن
الصدى والآثار التي تتركها مواقف سماحته لدى النخبة والجمهور الإسرائيليين.