كتب المحرر العبري
استبعدت تقديرات جيش العدو الصهيوني، نشوب حرب أو حتى مواجهة عسكرية واسعة
خلال السنة العبرية الجديدة، برغم أنها تحدثت عن عدم وجود "بطاقة أمان
واطمئنان".
بموازاة ذلك ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن "إسرائيل قد تتخذ قراراً
بمهاجمة إيران إذا ما حصل هناك " انعطافة نووية"، مع التأكيد على ان الكيان
الإسرائيلي سيبقى خلال السنة (العبرية) الجارية، يواجه تحدي تقدم البرنامج
النووي الايراني، وتنامي وتطور صواريخ حزب الله وحماس، هذا إلى جانب ما
تسميه إسرائيل حملة سياسية دعائية تستهدف نزع الشرعية عنها لتقييد حركتها.
يلاحظ على التقديرات المشار إليها، والتي أوردها المعلق الأمني في "يديعوت
احرونوت"، "رون بن يشاي"، أنها تتناول نيات وقدرات الأطراف المعادية
لـ"إسرائيل"، ولا تشمل ما تخطط له القيادة الإسرائيلية، كما هي الحال مع كل
تقدير يصدر عن المؤسسة الإسرائيلية. ومن الواضح أن جيش العدو استند، في
استبعاده للحرب، إلى تقدير وجود مصلحة قوية لدى الأطراف المعنية في عدم
التسبب بها. كما يرى العدو أن هناك أكثر من دافع لدى حزب الله والجمهورية
الإسلامية في إيران للامتناع عن مواجهة شاملة، على خلفية المحافظة على
المخزون الصاروخي بانتظار استحقاقات عسكرية مقبلة في مواجهة إيران.
أما لجهة العدو الصهيوني، فمن المؤكد أن مصلحته الابتدائية تكمن في توجيه
ضربة عسكرية قاصمة لحزب الله، اليوم قبل الغد والبارحة قبل اليوم، لأسباب
متعددة، سواء لمنع مواصلة مراكمة قدراته، أو ثأرا لفشله في العام 2006
واستعادة قوة الردع التي تصدعت، أو لإضعاف المحور المعادي.. إلا انه بفعل
المرحلة التي بلغها حزب الله على صعيد مراكمة قدراته، وأسباب أخرى، يجد
العدو ان مصلحته المستجدة تكمن في عدم الدخول في حرب غير مضمونة النتائج،
لكنها مضمونة العواقب الوخيمة لجهة الكلفة والاثمان الباهظة التي يمكن ان
يدفعها.
ويلاحظ على تقدير جيش العدو ايضا، انه استثنى من حالة الهدوء الحذر، الوضع
في الضفة الغربية وقطاع غزة وداخل الكيان الإسرائيلي، مرجحا تنفيذ عمليات
عسكرية خلال الفترة المقبلة، على خلفية ارتفاع حافزية كل من حماس وإيران
وحزب الله لإجهاض المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية وحكومة
نتنياهو، محذرا من انه كلما ارتفعت امكانية التوصل إلى اتفاق ازداد احتمال
حصول عمليات عسكرية.
يبدو مما تقدم ان العدو يقر بأن حالة الهدوء النسبي لا تعود فقط للإجراءات
الأمنية والاحترازية والردعية الإسرائيلية، بل ان القوى المعادية
لـ"إسرائيل" ما زالت تملك القدرة العملانية على القيام بتوجيه ضربات موجعة
لها، في حال وجود استحقاقات موجبة.
أما بخصوص إمكانية مبادرة العدو لضربة عسكرية ضد إيران، في حال حصول
"انعطافة نووية" تجدر الإشارة إلى أن المسيرة النووية للجمهورية الإسلامية
تخللتها سلسلة من الانعطافات التي حققتها طوال السنوات الماضية، وصولا إلى
البدء بتخصيب اليورانيوم بدرجة 20%. من دون ان يبادر جيش العدو إلى أي خطوة
عملانية لمعرفته المسبقة، بعدم القدرة على تدمير البرنامج النووي
الايراني، برغم قدرته على استهداف المنشآت النووية الايرانية، وما يمكن ان
يترتب عليها من نتائج وتداعيات اقليمية ودولية.
وعليه يبرز السؤال حول ماهية الانعطافة التي تشكل خطا احمر إسرائيليا ما
دامت إيران تعلن على الدوام أنها غير معنية بإنتاج أسلحة نووية. هذا مع
العلم إلى أن أصل تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية هو خط احمر
إسرائيلي، كما اعلنت العديد من الشخصيات والقيادات السياسية الرسمية.
من جهة أخرى، من المستبعد جدا ان يقدم الإسرائيلي على أي خطوة من هذا النوع
من دون قرار أو ضوء اخضر أميركي، الذي تحكمه اعتبارات وقيود متعددة، وخاصة
ان مصالح الولايات المتحدة أكثر انتشارا وتداخلا في المنطقة. مع الإشارة
إلى أن خبراء معهد أبحاث الأمن القومي، أكدوا في تقديرهم السنوي، أن كلاً
من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب ايهود باراك،
يقران بهذه الحقيقة، وان خلفية الحكومة الإسرائيلية لضغوط الإدارة
الأميركية والتعبير عن الاستعداد لتقديم تنازلات والتوصل إلى تسوية على
المسار الفلسطيني، تنطلق من هذا التسليم.
وعليه يبدو جليا، أن معادلات القوة الجديدة في المنطقة هي التي حالت، وتحول
حتى الآن، دون المبادرة إلى شن حرب، أو حتى مواجهة عسكرية واسعة، وبالتالي
فإن الهدوء الحذر والمتوتر الذي ساد المنطقة خلال السنوات الأربع التي تلت
حرب العام 2006، يعود إلى عوامل تتصل بجهوزية الاطراف المتقابلة، أكثر مما
هي مرتبطة بالظروف السياسية الدولية.
تبقى كلمة أخيرة، انه في مقابل عدو كالعدو الإسرائيلي، ينبغي البقاء في
حالة حذر وجهوزية، سواء تحسبا لتقديرات وحسابات خاطئة لدى قادة العدو، أو
نتيجة تبلور وضع يجعل الحرب بالنسبة للإسرائيلي والأميركي أمراً لا بد منه.