حسان إبراهيم
الرد الاسرائيلي على الموقف التركي والتحول الذي تبديه أنقرة في الفترة
الاخيرة ضد حليف الامس، تل أبيب، خرج عن اطار التلقي للفعل التركي دون رد،
لكن بحذر شديد من قبل المسؤولين الاسرائيليين.
في الايام القليلة الماضية، يبدو ان القرار الاسرائيلي قد اتخذ بالفعل، في
المباشرة الى "تشويه" صورة الاتراك في المحافل الدولية، لكن بالواسطة،
ودون ترك بصمة مباشرة لكيان العدو تدل بشكل مباشر على جهة التحريض او
"تسريب" المعلومات. فقد نشرت صحيفة "الكوريري ديلا سيرا"، الايطالية،
تقريرا حول دور جديد لتركيا في تسليح حزب الله، من خلال اتفاق سري بينها
وبين الاستخبارات الايرانية، يجعل من الاراضي التركية قناة "تهريب" للسلاح
الى لبنان، ومن مختلف الوسائل القتالية. وايضا نشرت الاسبوعية الالمانية،
"دير شبيغل"، تقريرا يشير الى استخدام الجيش التركي للسلاح الكيميائي ضد
الاكراد، مشيرة الى وجود مطالبات بلجنة تحقيق دولية ضد تركيا.
وكما هو معروف، يعتمد كيان العدو اسلوب تسريب المعلومات والمواقف، الى
الصحافة الاجنبية، في كل ما لا يريد ان يصدر مباشرة على لسان مسؤوليه او وسائله الاعلامية، خاصة ان الوسائل الاعلامية الاجنبية التي تنشر سلسلة
المقالات والتقارير ضد تركيا، هي مرتبطة بشكل او بآخر بالاسرائيليين، وبعد
الفحص يتبين ان كتاب التقارير لديهم علاقة وثيقة مع الجهات الاستخبارية
الاسرائيلية، ومعتمدين لديها لنشر ما لا تريد ان تنشره مباشرة.
عمليات النشر المتواصلة ضد تركيا في الصحافة الاجنبية، من قبل العدو، يشير الى حقائق ويعزز اخرى:
ان العدو الصهيوني ما زال الى الان، يحافظ على "شعرة معاوية" مع الاتراك،
وبالتالي لا يجد مصلحة في مهاجمة الاتراك بشكل مباشر، ويستخدم لذلك
"عملائها" في الصحافة الاجنبية.
التقديرات الاسرائيلية ترى بان التحول التركي متأت من حالة خاصة مردها رأس الهرم التركي الحاكم
|
ان العدو الصهيوني يرى وجوب التحرك ضد تركيا، واحراجها في المحافل الدولية، اذ لا يمكن لتل ابيب ان تتلقى الضربات التركية دون رد، لكنها في نفس الوقت لا تريد ان تتسبب بتدهور اضافي للعلاقات البينية، الامر الذي يدفعها الى استخدام الصحافة الاجنبية كمنبر للرد على الاتراك.
ان تشخيص وزير الحرب الصهيوني، ايهود باراك، تعيين رئيس استخبارات تركي جديد، حقان فيدان، بانه تعيين مقلق ومثيرة للخشية، مرده تحديدا إمكانات فيدان وميوله في تشخيص المصلحة التركية، التي ترى العلاقة مع ايران وسوريا افضل من العلاقة مع الاسرائيليين ومجدية اكثر لتركيا، الا ان تقرير الصحيفة الايطالية،
"كوريري ديللا سيرا"، يشير الى ان القلق الاسرائيلي متجذر بالفعل، ويصل
الى حدود التدخل التركي المباشر في تعزيز قدرات اعداء "اسرائيل".
من المقدر ان يواصل الكيان الغاصب حملته على تركيا، ومن المقدر ان تشهد
الصحافة الغربية مزيدا من التقارير الهادفة الى احراج الاتراك في المحافل
الدولية..
وهي مصداق واضح لكلام رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في الجلسة الاخيرة امام لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، اذ قال نتنياهو ان "الحزب الحاكم في أنقرة يسعى ليصبح زعيم العالم الإسلامي، وسوف يدفع ثمن جراء ابتعاده عن الغرب"، مشيرا الى ان "هذا التغيير يؤدي إلى تراجع الوضع الداخلي في تركيا، ومنذ اللحظة التي أدركت تركيا فيها إنها لن تدخل في الاتحاد الأوروبي، توجهت إلى قيادة العالم الإسلامي وأدى هذا الى تعامل سلبي للغاية مع إسرائيل".
ومن هنا، فان التقارير الغربية المضادة لتركيا، ليست الا في سياق الثمن، الذي تحدث عنه نتنياهو، والمقدر ان يستمر ويتعاظم، في الفترة المقبلة.