كتب المحرر العبري
مع الإعلان عن التفاهم الأميركي الإسرائيلي حول ضرورة الانتقال إلى
المفاوضات المباشرة بين كيان العدو والسلطة، تبرز أهمية الإطلالة على تصور
بنيامين نتنياهو نتنياهو للترتيبات الامنية وتحديدا في الوقت الذي يسعى
فيه رئيس الوزراء الصهيوني إلى البروز كرجل يطمح للمفاوضات والتسوية وبأن
المشكلة تكمن في الطرف الفلسطيني الرسمي.
في هذا المجال يشير المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس، عكيفا الدار،
(7/7/2010)" إلى أن التغير (إذا صحت تسميته بالتغير) الجوهري وربما الوحيد
في سياسة نتنياهو هو موقفه من الحدود؛ فبدل ان يعرض حدود 67، التي يشترط
الفلسطينيون اتخاذها أساساً للتفاوض كـ "حدود اوشفيتس"، يدعو (نتنياهو)
محمود عباس الى التفاوض حول "حلول أمنية". وهكذا يبدو من خلال تصريحاته
انه بدل رفع شعار المحافظة على "أراضي الوطن ومدافن الآباء"، يكتفي زعيم
الليكود بـ "ترتيبات أمنية" باردة، تضمن ألا يؤدي الانسحاب من مناطق في
الضفة الغربية الى تحولها لمناطق انطلاق للمقاومة ضد الكيان الصهيوني.
يضيف الدار القول انه لدى رئيس الحكومة نظرية متكاملة حول العلاقة بين
الحدود والأمن، كان قد عرضها، في ولايته السابقة، على الحكومة على شاكلة
خارطة "مصالح إسرائيل الحيوية". وينقل الكاتب عن نائب السكرتير العسكري
لرئيس الحكومة آنذاك، العقيد احتياط "شاؤول اريئيلي"، قوله أن "حدود
نتنياهو الأمنية تُبقي في يد إسرائيل أكثر من 40% من أراضي الضفة". ويلفت
إلى أن هذه الخارطة "تعني بمفاهيم اتفاق اوسلو الثاني، الذي وقعه اسحاق
رابين، نقل المنطقة (ب) (سيطرة عسكرية اسرائيلية وسيطرة مدنية للسلطة) إلى
المنطقة (أ) (سيطرة فلسطينية كاملة) وضم نحو40 % تقريبا من المنطقة ج
(سيطرة إسرائيلية كاملة).
والاهم في هذا المجال أن الدار يؤكد على أن خارطة نتنياهو "للمصالح
الحيوية" – انطلاقا من مجموع تصريحاته – لم تتغير من الناحية الجوهرية.
مضيفا أنها لا تأخذ في الحسبان مصالح الفلسطينيين الحيوية. خاصة وأنها
تفصل فلسطين عن غور الأردن وعن شمال البحر الميت. وتُخلِّد ضم الاحتلال
للقدس الشرقية والقرى من حولها ومن ضمن ذلك "غلاف القدس"، بدء من مستوطنة
"موديعين العليا" إلى "ميشور ادوميم" ومن هناك رجوعا الى كتلة "غوش
عتصيون".
ويلفت الدار ايضا الى انه يسكن في هذه المناطق "الأمنية" نحو 85% من
المستوطنين (من ضمنها الأحياء اليهودية في شرقي القدس). فيما البقية مركزة
في أكثرها في منطقة سفح الجبل، وهي ضئيلة العدد في الحقيقة (خمسون ألف
نسمة تقريبا) لكنها معروفة بتصلبها الأيديولوجي. وهم الذين استخفوا وسخروا
من قرار الحكومة من تجميد البناء في المستوطنات ويقودون النضال لاستئنافه.
وليس من الصعوبة التكهن بطبيعة ردهم إذا ما تبين أن نتنياهو قرر تقديم
خارطة تخرجهم من حدود المصالح الحيوية لدولة إسرائيل.
في ضوء ما تقدم، يتضح أن ما يُحكى عن إمكانية التوصل إلى اتفاق تسوية ليس
سوى أوهام يتعمد الأميركيون والإسرائيليون الإيحاء بها لإبقاء الآمال
الكاذبة ماثلة أمام من تبقى من الشعب الفلسطيني يراهن على خيار التسوية،
بهدف عدم إيصالهم إلى اليأس التام لأنه في هذه الحال سيُترجم، بالتأكيد،
التفافا شاملا حول خيار المقاومة.