كتب المحرر العبري
كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن توجه لدى القيادة السياسية
بعدم التمديد لكافة قادة المؤسسة الامنية بكل فروعها، من رئيس الموساد
مئير دغان، إلى رئيس اركان الجيش غابي اشكنازي، إلى رئيس الشاباك يوفال
ديسكين، إلى رئيس الاستخبارات العسكرية، امان، اللواء عاموس يادلين، إلى
قادة المناطق الثلاثة في الجيش، الشمالية والجنوبية والوسطى.
وتوقفت هذه التقارير تحديدا عند ما ينطوي عليه قرار عدم التمديد لكل من
اشكنازي (الذي تنتهي ولايته في شهر شباط/ فبراير عام 2011) ودغان (الذي
تنتهي ولايته في شهر كانون الأول/ ديسمبر المقبل)، والخلفيات الكامنة وراء
ذلك.
بخصوص رئيس أركان الجيش، يبدو أن عدم التمديد له يعود في جزء أساسي منه
إلى توتر العلاقة الشخصية بينه وبين وزير الحرب ايهود باراك, ولا يبعد أن
تكون مخاوف الأخير نابعة من خشية لديه من أن يتمكن اشكنازي من تنحيته إلى
الوراء (على المستوى الشعبي) وتصدر الواجهة السياسية خاصة بعد المكانة
المتقدمة التي حققها وسط الجمهور الإسرائيلي بعد الدور الذي لعبه في
إعادة بناء الجيش في أعقاب الضربة التي تلقاها خلال حرب تموز 2006، فضلا
عن دوره في بناء جهوزيته الجيش في مواجهة الخطر النووي الإيراني.
إلى جانب ذلك، يبدو من خلال العديد من التقارير الإعلامية السابقة أن كلا
من باراك ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مستاءان من الثقة التامة التي
يوليها الأميركيون لاشكنازي على اساس كونه ضمانة لعدم تهور القيادة
السياسية بالمبادرة إلى توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووي الايرانية. خاصة
وانه يتعارض مع صورة الدولة المتوثبة التي تحرص القيادة السياسية
الإسرائيلية على الظهور بها بهدف ابتزاز الولايات المتحدة ودفعها نحو
المزيد من الإجراءات العملانية الجادة والفاعلة ضد ايران.
أما لجهة عدم التمديد لرئيس الموساد، يلاحظ ان الطريقة التي اعتمدت في
الإعلان عن ذلك، كانت مسيئة لدغان ولا تتلاءم مع ما يقال عن انجازات
حققها لدولة "إسرائيل" خلال فترة توليه هذا الجهاز خاصة وانه تم عبر تسريب
من مكتب رئيس الحكومة إلى القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي. ومن
الطبيعي ان يتم الربط بين هذه الخطوة وبين فضيحة جهاز الموساد في عملية
اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح.
لكن الجديد الذي قيل في هذه القضية، هو الربط بين عدم التمديد له وبين
موقفه "المعتدل"، إلى جانب اشكنازي، في مقاربة الملف النووي. إذ أوضح
المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" (عاموس هرئيل) "ثمة من يرى بأن نتنياهو
وباراك تقصدا إزاحة اشكنازي ودغان من على مسرح القرار الأمني نظرا
لموقفهما المتحفظ من استخدام الخيار العسكري ضد إيران".
أما لجهة إمكانية أن تكون هذه التغييرات جزء من عملية تمهيد تقوم بها
القيادة السياسية لتوجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية؟ لا بد
من التأكيد على حقيقة أن قرار مهاجمة إيران هو قرار أميركي أولا وأخيرا
خاصة وان خيارا كهذا اكبر من ان تتحمل الدولة العبرية تداعياته فضلا عن
عدم قدرتها على تحقيق كافة اهداف أي ضربة عسكرية توجهها على صعيد البرنامج
النووي الايراني. وعليه لا يبعد ان يكون الحديث عن تعيين مسؤول هنا
واستبدال آخر هناك، تحت هذا العنوان، إضافة إلى سائر التسريبات الإعلامية
الاخرى، بهدف الإيحاء بهذا الاحتمال كجزء من الحملة النفسية التي يديرها
كيان العدو في هذا المجال.
أما إذا قاربنا هذه القضية بعيدا عن الرسائل المدروسة يمكن القول ان
سياقاتها داخلية على مستوى الخلفيات والأهداف، ساهم في تأجيجها تلاقي
الاستحقاقات من الناحية الزمنية.