كتب المحرر العبري
لخص قائد المنطقة الشمالية في جيش العدو، "اللواء غادي آيزنكوت"، المعضلة
التي تواجه كيانه الغاصب أمام حزب الله بوصف الواقع الذي تشكل بعد حرب
تموز/ يوليو 2006، على انه مركب، شارحا ذلك، في كلمة له في "جبل ادير"
المطل على الحدود اللبنانية، بالقول انه من جهة أولى يسود هدوء لم يشهده
الشمال منذ عشرات السنين. ومن الجهة الأخرى، يراكم حزب الله قدراته
العسكرية، ليخلص بالنتيجة إلى وصف هذا الهدوء بالمضلل.
من حيث الإجمال يمكن القول أن تعبير "ايزنكوت" يمتلك قدرا من الدقة، لكنه
يحتاج إلى المزيد من الايضاحات التي ينطوي عليها هذا التوصيف سواء فيما
يتعلق بالهدوء أو مراكمة القدرات العسكرية.
يبدو ان قادة العدو انتبهوا بعد سنوات من تلك الحرب لضرورة الحديث عن بعض
من الايجابيات التي انتهت اليها الحرب، من دون ان يتراجعوا عن حقيقة فشل
الجيش في تحقيق الاهداف الاستراتيجية لتلك الحرب. واخذوا يركزون على
الهدوء الذي يسود الحدود الشمالية منذ اربع سنوات وتقديمها كإنجاز للجيش
الإسرائيلي.
لكن ما لم يقله "ايزنكوت" في هذا المقام هو أن الجيش الإسرائيلي أيضا لم
يبادر إلى شن اعتداء عسكري مباشر على الأرض اللبنانية خلال هذه الفترة،
أضف إلى أن الهدوء، الذي يتحدث عنه "ايزنكوت"، يتنعم به الجنوبيون ايضا،
وهو أمر لم يشهدوه منذ عشرات السنين أيضا، ومن الجدير الإشارة إلى أن
"ايزنكوت" نفسه اقر في محاضرة له في مركز أبحاث الأمن القومي، مطلع هذه
السنة إلى أن حزب الله لم يطلق الصواريخ إلى شمال "إسرائيل" الا ردا على
ضربات للجيش الإسرائيلي حتى خلال فترة الاحتلال قبل العام 2000. وعليه فإن
مسألة الهدوء متبادلة وليست من جانب واحد.
إلى جانب ذلك، من الجدير الإشارة إلى الوجه الآخر لهذا الهدوء وهو انه
تحول إلى عامل يخدم خطة حزب الله في ردع العدو الذي اخذ يشعر انه في حال
اعتدائه على الأراضي اللبنانية سوف يخسر هذا الهدوء الأمر الذي ادى إلى
حضوره بقوة في اعتبارات قيادة العدو لدى دراسة أي قرار يتخذونه تجاه لبنان.
أما لقضية بناء حزب الله قدراته العسكرية والصاروخية، فهذا امر اقر به
ايزنكوت بشكل مبكر عندما اعتبر، في العام 2007، أن كيان الاحتلال عاجز عن
ردع حزب الله عن مراكمة قدراته الصاروخية، والآن يرى قائد المنطقة
الشمالية أن مشكلة هذا الكيان تكمن في حقيقة انه في ظل هذا الهدوء السائد
تتنامى قدرات استراتيجية لحزب الله تشكل خطرا على الامن القومي الإسرائيلي
وسدا امام أي اطماع توسعية وفي مواجهة محاولة فرض هيمنة سياسية على لبنان.