ضغوط أميركية لترك الغجر قبل الانتخابات اللبنانية.. واشنطن للإسرائيليين: لا تبيعوا لبنان للسوريين
حلمي موسى
جريدة السفير - 25/12/2008
ذكرت صحيفة "هآرتس" امس، ان الولايات المتحدة أبدت أمام إسرائيل قلقها من عواقب أي اتفاق للسلام مع سوريا على استقرار واستقلال لبنان. وحذرت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش إسرائيل من "بيع" لبنان للسوريين، مشددة على أنه "محظور التضحية بلبنان في مقابل السلام مع سوريا"، وذلك في وقت تضغط واشنطن في إطار دعمها لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة، على إسرائيل للانسحاب من الشطر اللبناني من قرية الغجر قبل الانتخابات اللبنانية.
وأشارت "هآرتس" إلى ان عبارتي "لا تبيعوا لبنان للسوريين"، و"محظور التضحية بلبنان في مقابل السلام مع سوريا"، وردتا في إحدى الرسائل التي نقلها مسؤولون كبار في وزارة الخارجية الاميركية الى نظرائهم في اسرائيل. وقد طلب الاميركيون من اسرائيل التعهد بالحفاظ على استقلال لبنان، وبحسب مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، فإنهم طلبوا ايضاً "ضمانات" إسرائيلية في هذا الشأن. ومع ذلك، فإن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية علق على هذا النبأ بالقول ان "الموضوع غير مدرج على جدول الاعمال على الإطلاق".
وكتب المراسل السياسي لـ"هآرتس" باراك رابيد، أنه بحسب مصادر سياسية إسرائيلية، ينبع التخوف الاميركي من تصريحات لمسؤولين إسرائيليين ـ بينهم رئيس طاقم وزير الدفاع مايك هيرتسوغ ـ التي قال فيها ان سوريا وحدها هي من يمكنها أن تكبح جماح حزب الله في لبنان. وفي مؤتمر عقد مؤخراً في واشنطن، قال هيرتسوغ إنه "في اتفاق سلام، يتعين على اسرائيل أن تعترف بالمكانة الخاصة لسوريا في لبنان"، مما يفهم منه السماح لسوريا باستئناف سيطرتها على الدولة، التي انسحبت منها عام ٢٠٠٥.
وأكد المراسل على وجود خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة في الموضوع السوري اللبناني. وبحسب مصادر في القدس المحتلة، فإن الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل للانسحاب من القسم الشمالي من قرية الغجر قبل الانتخابات النيابية في لبنان في أيار المقبل، وذلك لتعزيز حكومة فؤاد السنيورة. وفي إطار الضغط الاميركي، زار إسرائيل الأسبوع الماضي المسؤول عن الموضوع اللبناني في وزارة الخارجية في واشنطن، ديفيد هيل.
وأبدى الإسرائيليون، الذين التقاهم هيل، أمامه، رأيهم بوجوب أن يكون الانسحاب من الغجر جزءاً من الحل لكل خروقات القرار ١٧٠١ لمجلس الأمن الدولي. ولكن هيل أجاب بحزم ان الولايات المتحدة لن تحتمل المماطلة في هذا الموضوع، وأن إسرائيل ملزمة بالانسحاب من القرية، في إطار التزامها بالانسحاب الى "الخط الأزرق". وأضاف "لا تحاولوا استخدام الانسحاب من القرية لتسجيل نقاط".
ومن المعلوم أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر قرر قبل بضعة أسابيع الشروع في مفاوضات مع الامم المتحدة للانسحاب من الغجر. وقبل ثلاثة أيام، بدأ المبعوث الأممي للشرق الأوسط مايكل ويليامز، اتصـالاته بهذا الشأن بلقاءات عقدها مع مسؤولين إسرائيليين ولبنانيين في القدس المحتلة وفي بيروت.
من جهتها، ذكرت صحيفة "معاريف" أن الاتصالات لإعادة الشطر الشمالي من قرية الغجر، تكثفت في الأيام الأخيرة حيث التقى مايكل ويليامز في تل أبيب الاثنين الماضي، مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية أهرون أبراموفيتش. وتركز اللقاء على تحديد أطر الاتصالات لتنفيذ الانسحاب الإسرائيلي من شمال القرية. وقد عاد ويليامز بعد هذه اللقاء إلى بيروت، حاملاً المطالب الإسرائيلية بشأن إدارة المفاوضات، التي أشارت "معاريف" إلى أنه سيعرضها على رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.
ومع ذلك، شددت مصادر سياسية إسرائيلية على أنه رغم بدء الاتصالات، فإن المفاوضات الجدية بهذا الشأن لم تبدأ بعد، وأن اللقاءات في هذه المرحلة مخصصة لخلق الظروف وتحديد الجداول الزمنية للشروع بالمفاوضات. وذكرت أحد هذه المصادر أن إسرائيل ستصر في أية مفاوضات على ضمان تنفيذ مطالبها الأمنية. وأضاف أن إسرائيل ترمي لتسليم السيطرة على القرية للقوات الدولية، وهو ما يعزز قوة الحكومة اللبنانية، ويضعف حزب الله.
وأشارت "معاريف" إلى أن الأمم المتحدة سلمت إسرائيل قبل بضعة شهور، رسالة تلتزم فيها الحكومة اللبنانية بأن السيطرة الأمنية في القرية ستكون في عهدة القوات الدولية، فيما تتسلم هي السيطرة المدنية. وشكلت هذه الرسالة أرضية المداولات التي تقرر في اثرها الشروع بمفاوضات مع الأمم المتحدة حول إخلاء الشطر الشمالي من قرية الغجر.