آية الله فضل الله دعا الدول الاسلامية لرسم خططها الاستراتيجية: ليفهم العرب ان اميركا لا صداقة ثابتة لها الا مع "اسرائيل
وطنية - 27/7/2008
أكد آية الله السيد محمد حسين فضل الله في تصريحٍ تناول فيه ما قد يقبل على المنطقة من متغيرات في المرحلة المقبلة، وجاء في تصريحه:"لقد بات من المفيد للدول العربية، وخصوصا تلك التي تستدعي وزيرة الخارجية الأمريكية وزراء خارجيتها، وتلتقي بمسؤوليها بين الوقت والآخر، لتضعهم في أجواء الأدوار المرسومة لهم ضمن البرنامج الأميريكي في المنطقة... أن يدركوا أن الإدارة الأمريكية لا تبحث عن الأسباب التي من شأنها أن تحمي استقرار هذه الدول، بل تعمل لتحقيق هدفين أساسيين، أولهما: تأمين الاستمرارية لنهج هذه الإدارة عبر التسويق للمرشح الجمهوري في الأشهر الأخيرة من عمر ولاية بوش، وثانيهما: البحث الجدي عن الكيفية التي يحفظ من خلالها الدور الإسرائيلي الأمني والسياسي في المرحلة المقبلة على مستوى المنطقة كلها، وخصوصا بعد الكدمات التي تعرض لها الكيان الصهيوني والتي جعلته يفقد الكثير من ثقته بتفوقه النوعي، ما استدعى كل حركة الزيارات العالمية لإرضاء خاطره، وطمأنته إلى أن الاعتراف العالمي بمكانة إيران الإقليمية، لا يعني الموافقة على أن تتحول إلى قوة إقليمية قاهرة ومتحكمة بسير اللعبة السياسية والأمنية في المنطقة".
وتابع: "لذلك، فإن على العرب قبل غيرهم أن يعرفوا أن شعارات الديموقراطية وحقوق الإنسان أصبحت وراء ظهر إدارة الرئيس بوش التي لم تستخدم هذين العنوانين إلا في سياق توفير الأجواء الملائمة لغزو مواقع جديدة في المنطقة، وإذا كانت التطورات قد عملت على سحب هذين العنوانين وغيرهما من الواجهة بفعل الضائقة السياسية والأمنية التي تمر بها أمريكا في المنطقة، فإن على الأنظمة العربية أن تدرك جيدا مدى خطورة الرهان على أميركا ـ بوش الحاضرة للعب بمصير أي نظام تعتقد بأن مهمته قد انتهت، خصوصا أن تجربة النظام العراقي السابق لا تزال ماثلة أمام الجميع، لأن أميركا ـ الإدارة لا صداقات ثابتة لها باستثناء صداقتها لإسرائيل، ومن هنا، وجب على العرب أن يفهموا ما معنى أميركا البراغماتية الحاضرة لبيع أنظمتهم أو استخدامهم على مذبح مصالحها ومصالح إسرائيل".
وقال: "إن التطورات الأخيرة في المنطقة بوقائعها ومعطياتها المتعددة، والتي أفرزت توازنات جديدة لمصلحة قوى الممانعة، وأعادت الاعتبار لقوى المقاومة، ينبغي أن تدفع العرب قبل غيرهم لإدراك خطورة ما تتحرك به الإدارة الأميريكية، والخروج من دائرة السبات السياسي الذي وضعوا أنفسهم فيه، والعمل لإعادة صوغ علاقاتهم مع محيطهم العربي والإسلامي، لتعود العلاقات العربية ـ العربية، والعربية ـ الإسلامية إلى مستوياتها المعهودة والطبيعية، وإلى المتانة والقوة اللتين تستدعيهما المرحلة بدقتها وخطورتها، لأن من السذاجة أو من الغرابة بمكان، أن تتحرك الإدارة الأمريكية في اتجاه ترميم بعض العلاقات في المنطقة، أو نحو ترتيب بعض الأوضاع مع هذه الدولة الإسلامية أو تلك الدولة العربية، من دون أن تتحرك الدول العربية والإسلامية لترتيب أوضاعها وعلاقاتها في ما بينها، والأخطر من ذلك كله، أن تمنع هذه الدول من القيام بذلك، ثم أن ترسم لها الأدوار للحاق بالقطار الأميريكي عندما تنطلق صافرة البداية لتعلن عن ولادة مرحلة جديدة في المنطقة يكون فيها دور هذه الدول على هامش الهامش من الدور الأمريكي في المنطقة".
وختم: "إننا نريد للدول العربية ـ بما فيها تلك التي تصنفها الإدارة الأمريكية في خانة الاعتدال ـ والدول الإسلامية، أن تتداعى للقاء والاجتماع من تلقاء نفسها، وأن تحاول دراسة المرحلة المقبلة على أساس المتغيرات القادمة، لترسم الخطط السياسية والاقتصادية التي من شأنها أن تحفظ القضايا العربية والإسلامية، وتجعل الأمة بمنأى عن التحولات السلبية القادمة، وتعيد الوحدة إلى الساحة العربية والإسلامية على أساس وحدة القضايا والمصير، وبعيدا من الأطر المذهبية التي أريد لها أن تتفجر في قلب الواقع الإسلامي والعربي لتتركه في حال من الفوضى والاضطراب".