استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا الوزير المعلم الذي حمل اليه رسالة من الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد تضمنت التهنئة بانتخاب الرئيس التوافقي في لبنان والدعوة الى زيارة دمشق.
تصريح المعلم
وبعد اللقاء الذي استمر ساعة تحدث الوزير المعلم للصحافيين، فسئل: هل تناول البحث العلاقات الديبلوماسية؟ وهل هذا الامر يسير على سكة سليمة؟ اجاب: "بالطبع انه سائر على سكة سليمة، ونحن ننتظر في دمشق زيارة فخامة الرئيس ميشال سليمان في أقرب وقت. والموضوع قيد البحث الجدي وعلى أعلى المستويات بين القيادتين السورية واللبنانية".
سئل: على طريق القصر الجمهوري، وانتم تدخلون الى هنا، كان هناك اعتصام لاهالي المفقودين والمعتقلين في السجون السورية. هل بحثتم في هذا الموضوع مع فخامة الرئيس؟ وبم تطمئنون الاهالي خصوصا واللبنانيين عموما؟ اجاب: "أولا لم أحضر معي عددا من اهالي المفقودين السوريين في لبنان لكي يتظاهروا ايضا. هذا شيء طبيعي ان يتظاهروا وانا افهم مشاعرهم الانسانية، وهذا الموضوع كان قيد بحث بين سوريا ولبنان من خلال لجنة من القضاة الموصوفين بالنزاهة، والامل ان نفعل عمل اللجنة لكي تنجز عملها في أقرب وقت ممكن. هي بدأت العمل وحصل تبادل للمعلومات بين الطرفين وأملي ان تصل الى نهاية عملها في اقرب وقت".
سئل: هل حدد موعد لزيارة الرئيس سليمان لدمشق؟ وماذا سيكون عليه مصير المجلس الاعلى اللبناني-السوري في حال تم تبادل السفارات بين البلدين؟ اجاب: "إن موضوع المجلس الاعلى والامانة العامة سيكونان محل بحث بين الحكومتين السورية واللبنانية، لأن هذا المجلس انبثقت منه اتفاقيات وآليات وهياكل. ونحن نريد ان نصل الى توافق حول هذا الموضوع. ثانيا، قلت ان زيارة فخامة الرئيس لدمشق ستكون في اقرب وقت ممكن، والاتصالات التي ستجري بين قصر الشعب وقصر بعبدا ستجد يوما مناسبا لهذه الزيارة".
سئل: هل سوريا مستعدة في هذه الاثناء ومع فتح هذه الصفحة الجديدة من العلاقات، أن تبحث موضوع المعتقلين الانساني؟ اجاب: "أنا أتفاعل مع هذا الموضوع بصورة انسانية، وقلت ان هناك لجنة عملت وعقدت اجتماعات عدة ويجب الآن تشجيعها على مواصلة العمل".
سئل: ثمة من قال إن رئيس الجمهورية قد يبادر الى طرح فكرة مصالحة بين سوريا وبعض الافرقاء اللبنانيين، هل أنتم مع هذا التوجه؟ وماذا عن المصالحة العربية- العربية بين سوريا وبقية الدول العربية؟ اجاب: "بالنسبة الى الاشقاء في لبنان، قلت مرارا ان قلب سوريا يستوعب الجميع، اما في ما يتعلق بالعلاقات العربية- العربية فنحن في موقع رئاسة القمة العربية نسعى الى تعزيز التضامن العربي والعمل العربي المشترك، ولكن هذا المسعى يحتاج الى طرفين ويجب ان يكون لدى الاخرين التوجه نفسه".
سئل: الرئيس السنيورة قال انه مستعد لزيارة سوريا اذا وجهت اليه دعوة من القيادة السورية، هل ستوجهون اليه هذه الدعوة؟ وماذا في شأن العلاقات السعودية-السورية في ضوء زيارة الرئيس الاسد لفرنسا، خصوصا أن السعودية لم تكن متحمسة لهذه الزيارة؟ اجاب: "ان الرئيس السنيورة اليوم هو رئيس لحكومة وحدة وطنية، وبهذه الصفة يجب التعامل بين الحكومتين. وفي المرحلة المقبلة سنحتاج الى تبادل الزيارات وتفعيل عمل وزراء الحكومتين لكي نصل الى أرضية مشتركة لبناء علاقة مستقبلية تقوم على التكافؤ بين البلدين الشقيقين وايجاد عناصر التكامل التي تخدم مصالح الشعبين".
سئل: في ما يتعلق بالعلاقات الديبلوماسية، على أي مستوى سيتم تنظيم هذه العلاقات وأطرها؟ هل على مستوى وزيري خارجية البلدين ام على مستوى مجلس الوزراء ام على مستوى رئاسي؟ وهل تطرقتم الى هذه التقنيات التفصيلية؟ اجاب: "لا بد أن نلاحظ ان هناك اختلافا في الممارسة بين صلاحيات رئيس الجمهورية وصلاحيات رئيس الحكومة والوزراء. هذا الشأن من جانب سوريا سهل حسمه، اما من جانب لبنان فيجب ان يعطينا تصوره حول هذا الموضوع لكي نتصرف وفق ما يقرره".
سئل: هل هناك مدة زمنية محددة في هذا الاطار؟ اجاب: "نحن منفتحون على أي توقيت يريده لبنان في هذا السياق، ولكن كما قلت هناك خلافات في هيكلية العمل الحكومي".
سئل: ما هو مصير الاتفاقات الثنائية الموقعة بين البلدين، وخصوصا أن هناك كلاما عن تعديل بعضها؟ اجاب: "هناك أصوات في لبنان تقول إن بعض الاتفاقات مجحفة بحق لبنان، كذلك هناك أصوات في سوريا تقول إن هذه الاتفاقات مجحفة بحق سوريا. نريد ان نرى هل هذا صحيح؟ لا احد يقيم علاقة مع طرف آخر عنوة. ما يرغب فيه لبنان وما تجد فيه سوريا مصلحة نتعامل على اساسه، فاذا كانت هناك اتفاقيات مجحفة بحق لبنان لا نريدها، كما انه اذا كانت هناك اتفاقات في المقابل مجحفة بحق سوريا فلا نريدها ايضا، نحن نريد خدمة مصالح الشعبين وهذا ما نصبو اليه".
سئل: هل تؤكد سوريا اليوم ان عهد الوصاية السورية على لبنان والذي اعتبره عديدون احتلالا قد انتهى الى غير رجعة؟ ولماذا لا يكون حزب الله سوريا في سوريا يؤازر حزب الله اللبناني كي لا يتحمل لبنان وزر المقاومة وحده؟ اجاب: "لم نطلب من الاشقاء اللبنانيين في حزب الله ان يأتوا لتحرير الجولان، فهم يقاومون دفاعا عن لبنان وارضه وشعبه، والانتصارات التي سجلوها لا احد يستطيع ان يسأل عنها، هي انتصارات واضحة كالشمس. اما في ما يتعلق بالوصاية فهذا وهم لدى البعض الذي يتجاهل من خلاله التضحيات التي قدمتها سوريا لانهاء الحرب الاهلية في لبنان. من يتحدث عن هذه الوصاية كان أحد زعماء هذه الحرب الاهلية، لذلك اقول انه ليس في مصلحة لبنان ان نتحدث بمثل هذه الالفاظ التي لم تكن يوما على أرض الواقع حقيقة".
سئل: ماذا عن ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا؟ وهل هذا الموضوع على جدول البحث؟ اجاب: "اهلا وسهلا. لا شيء يمنع ترسيم الحدود، آخذين في الاعتبار التداخل السكاني بين القرى الحدودية. هل هذا سيفيد ام لا هؤلاء المواطنين؟. انا اعرف كثيرا من ابناء القرى اللبنانية يدرسون ويزرعون ويعملون في سوريا، مع ذلك اذا كان لا بد من ترسيم للحدود فنحن جاهزون".
سئل: ماذا تقول لأهالي المعتقلين في السجون السورية الموجودين الان بالقرب من قصر بعبدا؟ اجاب: "أقول لهم من صبر أكثر من ثلاثين عاما منذ الحرب الاهلية يستطيع ان يصبر لأسابيع".
سئل: هل هناك من جديد حول هذا الموضوع؟ اجاب: "انا لا اريد ان استبق عمل اللجنة ولست عضوا فيها. انما قلت ان اعضاءها قضاة نزيهون من الطرفين ويبذلون جهودا للتوصل الى نهاية اعمالهم".
سئل: لماذا لبنان مستثنى اليوم من التنسيق مع سوريا في موضوع المفاوضات مع اسرائيل؟ وهل اخذت سوريا في الاعتبار الاخطاء التي وقعت خلال السنوات الماضية، والبعض يتخوف من ان تكون السفارة اليوم شبيهة بعنجر او البوريفاج؟ اجاب: "لا أدري إن كنتم تريدون فتح سفارة ام لا، فنحن لا ندري ماذا يريد البعض، بعدما تحدثنا عن السفارة. نحن عازمون على افتتاحها مع التبادل الديبلوماسي. لكن هذا العزم يجب ان يكون مشتركا بين الطرفين. أما الحديث عن الاخطاء فهي ارتكبت من الجميع. وفي موضوع المفاوضات، نحن اليوم في مرحلة مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل عبر الوسيط التركي، وعندما نصل الى مرحلة التفاوض المباشر، بعد التوصل الى اتفاق على عناصر السلام الاساسية انطلاقا من مبدأ الارض مقابل السلام، وعندها نبدأ بمحادثات مباشرة تكون ارضيتها جاهزة. اما ان يشترك لبنان او لا يشترك فهذا قرار لبناني لا نتدخل فيه، بل نحن نرحب بانسحاب اسرائيل من كل شبر من الاراضي العربية".
سئل: أعلنت سوريا سابقا ان ارض شبعا لبنانية، فهل هي مستعدة لتقديم الاوراق والوثائق التي تبرهن لبنانيتها؟ وكيف تنظرون الى وضع هذه المزارع تحت الوصاية الدولية؟ هل تقبلون بذلك؟ اجاب: "ثمة خطأ في السؤال، لأننا لا نزال نقول ان مزارع شبعا لبنانية، اما ان تكون المشكلة بين سوريا ولبنان حول هذه المزارع فهذا أمر خاطئ. المشكلة هي في الاحتلال الاسرائيلي للارض اللبنانية في مزارع شبعا والغجر وتلال كفرشوبا. هناك احتلال اسرائيلي لا بد من انهائه كما هو الاحتلال الاسرائيلي في الجولان. اما ان ترابض قوات الامم المتحدة فهذا لا يعني انهاء الاحتلال بل انسحابا للجنود الاسرائيليين وحضورا مكانهم لقوات الامم المتحدة، فشبعا ليست الارض فقط، بل ايضا المياه".
سئل: هل تقبلون بوضع الجولان تحت وصاية الامم المتحدة؟ أجاب: "هذا قرار سوري. ايهما اهم، ان تبقى تحت وصاية الاحتلال ام الامم المتحدة؟"
سئل: تحدثتم عن مرحلة إيجابية ومرحلة انفتاح، هل يمكن ان نرى تعاطيا ايجابيا سوريا بالنسبة الى لبنان سواء كان سياسيا أو اقتصاديا؟ اجاب: "إن العلاقة بين لبنان وسوريا تقوم على التكامل، واليوم في لبنان هناك رئيس للجمهورية توافقي لديه علاقة وثيقة مع الرئيس بشار الاسد. وهذه العلاقة يمكن استثمارها لحل الكثير من القضايا التي كانت قائمة بين البلدين في الفترة السابقة. تفاؤلنا ينبع من أن لبنان بدأ يسير على سكة حل مشاكله الداخلية بعد اتفاق الدوحة، فأصبح لديه رئيس للجمهورية توافقي وحكومة وحدة وطنية. ونأمل أن تكون هناك انتخابات نيابية في الربيع المقبل تضع لبنان على سكة الحل الصحيح في وحدة وطنية متكاملة. لا أحد يستطيع ان يفرض على لبنان شيئا اذا كان موحدا وبين كل طوائفه هناك تآخ، كي تكون رسالة لبنان الى العالم واضحة. من هنا أقول هذه هي ارضية تفاؤلي بعلاقات مستقبلية".
سئل: سيكون هناك تغيير في التعاطي؟ اجاب: "هذا يتوقف على التغيير في لبنان".
سئل: هل تعتبر سوريا ان المشروع الاميركي في المنطقة قد هزم وهناك صفقة جديدة ستعقد بين سوريا والمنطقة؟ وكيف قرأت سوريا عملية تبادل الاسرى؟ اجاب: "ان عملية التبادل عرس للبنان وللعرب جميعا وانتصار للمقاومة الوطنية اللبنانية يثلج قلوبنا جميعا، ونحن نرى كيف عاد سمير القنطار ورفاقه ونترحم على جميع الشهداء، لذلك نحن سعداء بهذا الانتصار. إن الادارة الاميركية، خلال سبع سنوات ونصف سنة لم تكن تدرك وقائع المنطقة، الآن نلمس وجود تغيير ما في توجهاتها نأمل ان يكون ايجابيا يخدم أمن المنطقة واستقرارها وقضية تحقيق سلام عادل وشامل. إذا كان هذا هو التوجه الجديد للادارة الاميركية فنحن نرحب به، اما اذا استمرت على ممارستها فان ذلك لن يؤدي الى نتيجة".
سئل: هل للبنان شروط مسبقة لإعادة العلاقات الثنائية الى طبيعتها او لإقامة علاقات ديبلوماسية؟ وهل قدم الغرب حوافز لسوريا مقابل التقارب مع لبنان، وتحسين العلاقات اللبنانية-السورية؟ وهل تشمل هذه الحوافز تسوية ما لملف استشهاد الرئيس الحريري؟ اجاب: "أؤكد لكم ان لا سوريا ولا لبنان يبنيان علاقاتهما المشتركة على شروط معينة، ولكن على قاعدة الروابط التاريخية والجغرافية والاخوية. نحن بلدان يكمل بعضهما البعض، وما من شروط نضعها مقابل بعضنا البعض. أما في خصوص الشق الثاني من السؤال، فإننا لا نقبل ضغطا ولا حوافز لبناء علاقات ايجابية مع لبنان. من الطبيعي ان نبني علاقات مع لبنان. وهذه مسألة ثنائية، لا نقبل بتدخل أي طرف اجنبي، او أي طرف ثالث بينها".
سئل: ما هو الموقف من سلاح التنظيمات؟ اجاب: "هذا شأن لبناني بحت وهو موضوع من مواضيع الحوار الوطني اللبناني الذي سيرعاه الرئيس سليمان. نحن نقيم علاقة مع لبنان دون ان نتطرق الى قضايا تخصه".
سئل: يقولون ان هناك تهريب أسلحة من سوريا الى لبنان، يقول ذلك الامين العام للامم المتحدة.... اجاب: "من يقول ذلك، اذا يراقب الحدود ويرى، فكيف يسمح بحصول التهريب؟".
قيل: لا اثباتات؟ اجاب: "بالضبط".
سئل: الى اي حد يؤدي فتح السفارات الى تغيير الوضع على الحدود من لبنان واليه، خصوصا في ما يتعلق بالاوراق المعتمدة وجوازات السفر؟ اجاب: "لن يغير شيئا".
سئل: هل سيكون هناك حاجة الى جوازات سفر؟ اجاب: "لا. سيبقى الحال كما هو عليه، وربما اذا تطور الوضع بشكل افضل تحصل تسهيلات اكبر. كانت هناك فكرة لدى الاستاذ نصري خوري لاقامة مركز حدودي مشترك لبناني-سوري، وقد نصل اليها لاحقا".
سئل: بالنسبة الى اتفاقية التعاون المشترك، ما هي الآلية التي ستحدد النقاط المجحفة بحق الجانب اللبناني وتلك المجحفة بحق الجانب السوري؟ اجاب: "الوزراء المعنيون في كلا البلدين سيحددون أي اتفاقات يريدونها وتلك التي لا يريدونها، وذلك بشكل منصف وعادل".
سئل: انتم اليوم تدعون الرئيس اللبناني الى زيارة الرئيس السوري بشار الاسد وتقولون ان لديكم ثقة بأن هذه الزيارة ستحدث تعاونا وثيقا بين البلدين، هل هذا سيكون ثابتا وراسخا في ظل الحملات التي لا تزال متواصلة ضد سوريا؟ اجاب: "كما لمستم كإعلاميين ان سوريا لم ترد على هذه الحملات اطلاقا رغم ان بعضها وصل الى درك منخفض جدا، ونحن لا نزال نعتبرها صرخات في واد لن نرد عليها. نحن ننظر الى جوهر الامور وفي اطارها وأفقها الواسع. ما يهمنا هو الشعب اللبناني بكل فئاته ومصالحه كما يهمنا الشعب السوري ومصالحه، لذلك لن نرد على من يضع العصي في العجلات لاهداف خاصة".
سئل: هل تسعون مع فرنسا بالنسبة الى المسألة اللبنانية؟ اجاب: "قلت مرارا ان العلاقات بين لبنان وسوريا مسألة ثنائية بين بلدين شقيقين ولن نقبل بطرف ثالث يتدخل فيها".
سئل: هل عدم إعلان نتائج التحقيقات في اغتيال القيادي في "حزب الله" عماد مغنية مرتبط بفك العزلة الدولية مع سوريا؟ اجاب: "لا، على الإطلاق، التحقيقات مستمرة وعندما نصل الى نتائج حقيقية سنعلنها".
سئل: هل سيزور الرئيس الاسد لبنان قريبا؟ اجاب: "ان شاء الله".