"حكومة الارادة الوطنية الجامعة" عقدت جلستها الأولى في قصر بعبدا وشكلت لجنة صياغة البيان الوزاري
جريدة السفير + وكالات - 17/7/2008
عقد مجلس الوزراء اللبناني جلسته الأولى في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال سليمان، بالتزامن مع موعد تحرير الأسرى اللبنانيين وجثامين الشهداء من الأسر الصهيوني، وهي جلسة خصصت اصلا لتشكيل اللجنة الوزارية لصياغة البيان الوزاري، الذي تحددت مرجعياته، ما يعني تحديد عناوينه العامة الكبرى، لا سيما في المواضيع المختلف عليها بين مكونات الحكومة نفسها، والتي يبدو ان تفاصيلها ستؤجل الى مؤتمر الحوار الوطني برعاية رئيس الجمهورية، فيما تواضعت الحكومة وعرفت حدود مهمتها والاجواء التي ستعمل فيها، بحيث انها لا تحتمل اي صدام كبير داخلها، الى حين اجراء الانتخابات النيابية العام المقبل.
وشكل مجلس الوزراء لجنة البيان الوزاري برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، وعضوية الوزراء: فوزي صلوخ، ايلي سكاف، طارق متري، محمد فنيش، جو تقلا، نسيب لحود، محمد شطح، جبران باسيل ووائل ابو فاعور، وهي التأمت خمس دقائق بعد الجلسة واتفق اعضاؤها على عقد اول اجتماع قبل ظهر اليوم الخميس في السراي الحكومي.
وتحددت مرجعيات البيان الوزاري بالاتي: اتفاق الطائف، البيان الوزاري للحكومة السابقة، اتفاق الدوحة، خطاب القسم للرئيس ميشال سليمان، القرارات الدولية، ومقررات مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد العام ٢٠٠٦ ما يعني ان عناوين الخلاف حول سلاح المقاومة والاستراتيجية الدفاعية ودور لبنان في الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وربما الموضوع الامني الداخلي، سترد بصورة عامة وبلا تفاصيل حسب تقدير عدد من الوزراء، وربما كان الامر كذلك بالنسبة للعناوين الاقتصادية والمالية والسياسة الاجتماعية.
وخلال الجلسة، دعا رئيس الجمهورية جميع الوزراء في الحكومة الجديدة، إلى الالتزام بقراراتها والدفاع عنها، معتبرا ان كل وزير في الحكومة مهما كان انتماؤه السياسي، هو عضو في فريق لا يتفرد فيه احد. واطلق على الحكومة اسم "حكومة الارادة الوطنية الجامعة" فهي حكومة تمثل كل الافرقاء ومسؤولياتها كبيرة ووقتها قصير.
وغادر الوزراء بعد الجلسة، من مدخل مبنى موظفي القصر، المقابل مباشرة لقاعة الاجتماعات، ويحمل كل منهم نسخاً من اتفاق الطائف والدستور اللبناني وتنظيم اعمال جلسات مجلس الوزراء.
الصورة التذكارية
وكان سبق عقد الجلسة، التقاط الصورة التذكارية، حيث بدأ الوزراء بالتوافد ابتداء من الساعة التاسعة والربع، ووصل تباعا الوزراء: ريمون عودة، جو تقلا، ماريو عون، غازي زعيتر، الياس المر، علي قانصوه، محمد قباني، محمد شطح، تمام سلام، زياد بارود، غازي العريضي، وائل ابو فاعور، فوزي صلوخ، محمد جواد خليفة، نسيب لحود، جان اوغاسبيان، طارق متري، ايلي ماروني، ابراهيم شمس الدين، الان طابوريان، ابراهيم النجار، محمد الصفدي، طوني كرم، بهية الحريري، عصام ابو جمرة، طلال ارسلان، جبران باسيل، محمد فنيش، والياس سكاف.
ثم وصل الرئيس فؤاد السنيورة حيث دخل مباشرة الى مكتب رئيس الجمهورية وعقد اجتماع بينهما، ليصل لاحقا الرئيس نبيه بري وينضم الى الرئيسين سليمان والسنيورة. وبعدما اخذ الوزراء اماكنهم على درج حديقة الرؤساء، وصل الرؤساء سليمان وبري والسنيورة فأخذوا اماكنهم والتقطت الصورة التذكارية، ليتوجه الجميع، باستثناء الرئيس بري الذي غادر القصر الجمهوري، الى قاعة مجلس الوزراء حيث عقدت الجلسة الاولى للحكومة.
دخل الوزراء الى القصر الجمهوري بلباسهم الابيض بمعظمهم، فيما خالف العرف الوزير غازي العريضي بلباس كحلي، والوزير الان طابوريان بلباس رمادي، وتوالى وصولهم الى العاشرة حيث تجمعوا في صالون السفراء، ثم انتقلوا الى قاعة مجلس الوزراء بعد اخذ الصورة التقليدية في حديقة القصر، بحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي حضر الى القصر لهذه الغاية ثم غادر فورا.
قرارات الجلسة
وعقب الجلسة تحدث وزير الاعلام الدكتور طارق متري فقال: استهل رئيس الجمهورية الاجتماع بتهنئة الوزراء الجدد والقدامى ايضا وتمنى لهم جميعا التوفيق، واشار الى ان التئام عقد هذه الحكومة يتزامن مع عودة الاسرى احرارا الى لبنان. كما تزامن تشكيلها مع سفر الرئيس الى باريس للمشاركة في قمة "الاتحاد من اجل المتوسط"، ومن قبل كان انتخاب الرئيس قد تزامن مع ذكرى التحرير في ٢٥ ايار. ورأى الرئيس في مجموعة المصادفات هذه فأل خير، وهذه المناسبات في تزامنها ستكون ان شاء الله خيرا على الوطن وعلينا جميعا.
اضاف: وتحدث الرئيس ايضا، عن الجو السائد في البلاد في الفترة الاخيرة، مشيرا الى تزايد اعداد الوافدين الى لبنان من لبنانيين وغير لبنانيين، ما يعد ايضا بالخير. وقال ان هذه الحكومة قد اطلق عليها اسم حكومة الوحدة الوطنية، لكنه أراد ان يطلق عليها اسما ثانياً وهو "حكومة الارادة الوطنية الجامعة" فهي حكومة تمثل كل الفرقاء ومسؤولياتها كبيرة ووقتها قصير.
وتابع: تحدث الرئيس عن التحولات في المنطقة والعالم، وقال: ان هذه التحولات تدعونا الى التماسك والتضامن. فاذا اتت بالخير استطعنا مواكبتها والافادة منها، وان لم تأت بالخير استطعنا حماية لبنان مما قد تلحقه به. وان كل قرار تتخذه الحكومة هو قرار الحكومة، أي ان وحدة الحكومة ودفاع اعضائها عن قراراتها امر في غاية الاهمية، فكل شخص في الحكومة ايا كان انتماؤه السياسي هو عضو في فريق وفي مجموعة لا يتفرد فيها احد. هدفنا ان نعمل معا لكي نصل الى ما هو مشترك وندافع عن هذا المشترك. علينا جميعا ان نلتزم بقرارات الحكومة ايا كانت آراؤنا في المناقشات التي تسبق اتخاذ القرار. قد نختلف في ما بيننا في الرأي اثناء المداولات، لكن متى وصلنا الى قرار يترتب علينا جميعا ان ندافع عنه فهو قرار الحكومة.
واضاف الرئيس ـ حسبما قال متري: ان اول مهمة سوف تقوم بها هذه الحكومة، هو الاتفاق على بيان وزاري. ان ملامح البيان الوزاري قد تكونت من عناصر نجدها في ما اسماه "مرتكزات" اجمع الكثيرون من المهتمين من اللبنانيين عليها. هناك نصوص دولية او لبنانية معبرة عن الاجماع الدولي او الاجماع الوطني يجب ان تؤخذ كنقاط ارتكاز عند صياغة البيان الوزاري ومنها بالطبع، وثيقة الوفاق الوطني في الطائف. فكل ما نقوم به يستظل مظلة الاتفاق الوطني في الطائف ويعود الى هذا النص المرجعي والى هذه الوثيقة السياسية الدستورية. وهناك قرارات الشرعية الدولية وبشكل خاص قرار مجلس الامن ١٧٠١. اضافة الى مقررات هيئة الحوار الوطني عام ،٢٠٠٦ ومقررات وزراء الخارجية العرب في كانون الثاني ،٢٠٠٨ ومقررات الدوحة في ايار ،٢٠٠٨ واخيرا لا آخرا هناك خطاب رئيس الجمهورية اثناء جلسة تأدية القسم الدستوري الذي اشاد به اللبنانيون وخلق ارتياحا كبيرا في لبنان وخارجه.
وقال متري: وتحدث الرئيس ايضا عن اهمية العمل في مختلف مؤسسات الدولة، وانه يترتب علينا جميعا كوزراء ان نعمل على ضبط هذه المؤسسات وتحسين فاعليتها، وذلك من اجل مصلحة المواطنين.
وتابع: واطلع رئيس الجمهورية مجلس الوزراء على اهم ما دار في مؤتمر قمة الاتحاد من اجل المتوسط الذي ترأس وفد لبنان اليه، وعلى اللقاءات العديدة الثنائية والمتعددة الاطراف التي شارك فيها. وقال ان حضوره القمة في باريس كان مناسبة مهمة لشرح موقف لبنان والدفاع عن مصلحته العليا، وانه خلال القمة اكد مرارا على اهمية التزام اسرائيل تنفيذ القرارات الدولية، وعلى ان تنفيذ اسرائيل للقرارات الدولية شرط لدخول لبنان في العملية السلمية وفق مندرجات مبادرة السلام العربية. واشار في هذا المجال الى ان البيان الختامي لقمة الاتحاد من اجل المتوسط لم يأت بالاسم على ذكر مبادرة السلام العربية الا انه تحدث عن مرجعية مدريد، وهي في مضمونها تشير الى اهم ما جاء لاحقا في نصوص مرجعية اخرى قامت على اساسها مبادرة السلام العربية.
وقال: وتحدث ايضا عن الزيارتين المتبادلتين بينه وبين الرئيس السوري وعن دعوة الرئيس السوري لرئيس لبنان لزيارة سوريا، وان وزير خارجية سوريا وليد المعلم سيأتي الى بيروت ليسلم الرئيس دعوة لهذه الزيارة التي يتوقع ان تتم سريعا. وختم الرئيس استهلاله اجتماعنا بالقول: سنستقبل جميعا بعد الظهر الاسرى الذين يعودون الينا متضامنين وشاهدين على ان العمل كبير والانجاز مهم. وتمنى للحكومة التوفيق في عملها.
ثم تحدث رئيس مجلس الوزراء فرحب ايضا بالوزراء الجدد والقدامى، واشاد بعمل الحكومة السابقة التي عملت في ظروف صعبة، وشكر رئيس الجمهورية على كل الجهود التي بذلها منذ انتخابه رئيسا وفي خلال مرحلة تأليف الحكومة وبعد تأليفها. وقال: اننا امام تحديات كبيرة ونشهد تحولات كبيرة ما يدفعنا للتشديد على التضامن الوطني والاهتمام بصورة خاصة بأمن اللبنانيين وبالنمو الاقتصادي وبضرورة تحريك الحياة اللبنانية في مجالات الاقتصاد والثقافة وسواها. واكد ان تنوعنا على اختلاف انتماءاتنا السياسية والمناطقية وسواها، لن يكون على حساب وحدتنا كحكومة ولا على حساب احترامنا للدستور وللمعايير الديموقراطية، ومن وراء ذلك احترام الدولة. هذا ما يتطلع اليه اللبنانيون، وهذا ما سيحاسبنا عليه اللبنانيون، وهذا حقهم علينا.
بعد ذلك جرى التداول في تأليف لجنة للعمل من اجل اعداد البيان الوزراي، وبعد التشاور تقرر تأليف اللجنة من الوزراء: الياس سكاف، طارق متري، محمد فنيش، فوزي صلوخ، يوسف تقلا، نسيب لحود، محمد شطح، جبران باسيل ووائل ابو فاعور.
حوار
وسئل الوزير متري: هل تتوقعون ان يأخذ البيان الوزاري وقتا كما حصل مع تأليف الحكومة؟ أجاب: سوف نعمل ابتداء من صباح الغد (اليوم)، واعتقد ان اعضاء اللجنة مصممون على انجاز مهمتهم بالسرعة والجدية المطلوبة. لا اريد ان احدد موعدا لكننا كلنا مستعجلون وراغبون في انجاز عمل جيد في اقرب وقت ممكن.
واشار الى ان اللجنة اجتمعت لمدة ٥ دقائق للاتفاق على موعد اجتماع اليوم، لتوزيع الوثائق من حيث هي مرتكزات لمشروع البيان الوزاري الذي ستعده.
وسئل: هل سيتطرق البيان الوزاري الى موضوع سلاح حزب الله؟ ام انه سيترك للحوار في بعبدا؟ اجاب: اللجنة ستجتمع غدا.
وعن مكان انعقاد اللجنة الوزارية، قال: في السرايا الكبير لأن من يرأس اعمال اللجنة هو رئيس مجلس الوزراء.
وسئل: هل تم الاتفاق على انعقاد جلسات مجلس الوزراء في مقر خاص ام انها ستكون مداورة بين قصر بعبدا والسرايا الحكومي؟ اجاب: لم نتحدث في هذا الامر وعندما نتخذ القرار المناسب سوف نعلمكم به.