سليمان: علينا ألا نجعل من الحكومة حلبة صراع كي يتمكن لبنان من التقدم وإنجاز عملية تبادل الاسرى أمر كبير للبنان
وطنية - باريس - 13/7/2008
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان "أن للشباب اللبناني المغترب خصوصا وللمغتربين اللبنانيين عموما دورا كيبرا جدا في خدمة لبنان، إذ أنه مطلوب منهم أن ينقلوا صورة وطنهم الحقيقية الى الدول التي تستضيفهم"، مشددا في المقابل على "أن على الدولة واجبا كبيرا تجاههم وعليها تأمين حقوقهم وتسهيل عملية إشراكهم في كل أمور الوطن، وفي الانتخابات تحديدا". وقال: "أنا لا اقطع وعودا، بل أقطع عهدا بالعمل من أجل تحقيق عملية إشراك المغتربين في أمور الوطن".
كلام الرئيس سليمان جاء خلال حفل الاستقبال الكبير الذي أقامه سفير لبنان في باريس بطرس عساكر على شرفه والوفد المرافق في قاعة الاحتفالات في جناح دار مونونفيل في جادة لونشان في العاصمة الفرنسية، حضره الى السفير عساكر وأركان السفارة حشد من ابناء الجالية اللبنانية المقيمين في باريس وآخرون اتوا من محل إقامتهم بعيدا من العاصمة الفرنسية خصيصا لتحية الرئيس سليمان وتقديم التهنئة له لمناسة إنتخابه رئيسا للجمهورية ولتشكيل حكومة العهد الاولى. كما حضر الحفل حشد من الفرنسيين اصدقاء لبنان. كذلك حضر ألامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي وصل بينما كان الرئيس سليمان يلقي كلمته، فرحب به رئيس الجمهورية ودعاه للصعود الى جانبه على المنصة الرئيسية. ومن الحضور ايضا عدد من السفراء العرب والاجانب اضافة الى سفراء لبنانيين سابقين.
وقد عرض رئيس الجمهورية للحضور الاوضاع في لبنان من مختلف جوانبها، واشار الى "أن الحكومة تمثل إرادة اللبنانيين"، مكررا الاصرار على "وجوب أن تعمل لتحقيق طموحاتهم لا أن تصبح حلبة صراع". واعتبر من جهة أخرى "ان لبنان في صدد إتمام عملية تبادل الاسرى"، واصفا الامر ب "الانجاز الكبير على أن تبدأ مصالحة اللبنانيين بين بعضهم البعض والانطلاق بالحوار في بعبدا".
وإذ تحدث عن ضرورة التوصل الى حل لمزارع شبعا، أكد حق عودة الشعب الفلسطيني الى ارضه، ووصف من جهة أخرى العلاقات مع سوريا ب "أنها كانت دائما طبيعية". وشدد على "أن لبنان المستقر والسيد على أرضه، يكون أفضل صديق لسوريا في دول العالم وهو يستطيع أن يخدم قضية العرب جميعا".
الرئيس سليمان خاطب ابناء الجالية اللبنانية، شاكرا لهم عاطفتهم وترحيبهم الحار به وبالوفد المرافق، وقال: "إن هذه الاطلالة اليوم مهمة بالنسبة للبنان بعد الصعوبات التي مر بها. وهي تاريخية بسبب وجودكم أنتم هنا، فقد شئتم أن تعطوها هذه الصفة. وفي الواقع أنا إستصعبت المجيء الى هنا من دون تشكيل حكومة، إذ كان صعبا علي أن آتي لأراكم وفي نفسي شعور بالتقصير تجاهكم لو لم يتم التشكيل".
واضاف: "نحن كنا نرغب في أن يكون عنصر الشباب في الحكومة أكثر عددا وأن تكون حصة السيدات أكبر، لكن كان هذا هو الممكن في هذا الظرف. وأنا واثق أن الحكومة تمثل الارادة الوطنية الجامعة بسبب وجود كل الاطراف فيها. وهذا أمر في غاية الاهمية. أضف الى ذلك وجود كفاءات جيدة ونوعية فيها، ونصف أعضائها وصلوا الى الوزارة للمرة الاولى".
وتابع: "أنا اقول انها حكومة جيدة إذا ما عملنا من خلالها لتحقيق طموحات اللبنانيين. وعلينا ألا نجعل منها حلبة صراع، بل يجب توحيد الآراء حول الامور التي نتفق بشأنها كي يتمكن لبنان من التقدم. نحن من بإمكاننا أن نجعل منها حلبة صراع أو مكانا للاتفاق. وأن كل قرار ستتخذه هذه الحكومة يؤمن الوحدة الوطنية اللبنانية ويصونها يكون قرارا جيدا، واي قرار يفرط بالوحدة الوطنية هو غير جيد للبنان مهما كان فاضلا".
وقال: "إن الحكومة الجديدة قد لا تكون بقدر طموحاتكم لكنها في الاحوال كافة جيدة، ونحن يجب علينا أن نعمل على فصل الوزارة عن النيابة كي يأتي الوزير ليؤمن مصلحة وطنه وليس مصلحة سياسته الشخصية. وكما تعلمون، فإنه تقع على عاتق هذه الحكومة أعباء كثيرة في وقت قصير، من هنا وجوب الاسراع في العمل والاهتمام بما تكلمنا عنه في خطاب القسم. أنا اعلم أن هذا الخطاب لم يأت بجديد، وكل ما ورد فيه هو خلاصة آراء اللبنانيين والشباب الذين إضطروا الى الابتعاد عن الوطن قسرا، إما بسبب المطلب الامني أو بداعي المطلب المعيشي".
وقال: "علينا الاهتمام بالشباب وبإصلاح الاشكاليات الدستورية كي لا تاتي الانتخابات في كل مرة ويكون لدينا سوء فهم في تفسير الدستور. فلننطلق في تفسير واحد سواء لجهة النصاب أو المهل الزمنية، او لجهة جعل مبدأ فصل السلطات أمرا واقعا".
واضاف: "اليوم نحن في صدد إنجاز عملية تبادل الاسرى، وهو أمر كبير للبنان يدخل ضمن إطار تنفيذ القرار 1701، وستبدأ مصالحة اللبنانيين بين بعضهم البعض وسننطلق في الحوار إعتبارا مما توصلنا إليه في المرة الاخيرة، في بيت الشعب اللبناني في بعبدا، حيث سيجتمع الجميع تحت أبوة رئيس لبنان. علينا أن نصل إلى إتفاق حول المواضيع كافة على أن ننطلق للتنفيذ معا".
وقال: "نحن ننتظر ايضا تحرير مزارع شبعا، وهذا الملف بات مفتوحا على الطاولة. ولكن ليس فقط مزارع شبعا إنما تلال كفرشوبا ايضا. وكما قلت ان اسرائيل لم تنسحب بعد عدوانها الاخير من الغجر، وجزء كبير من هذه البلدة أراض لبنانية. نحن ننتظر كذلك رفع الظلم عن الفلسطينيين وتأمين حق العودة لهم، لأنه قبل الكلام على رفض التوطين نحن نريد حق عودتهم الى ديارهم، فمن دون تأمين هذا الحق يبقى الارهاب الاسرائيلي قائما على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية. ونحن نعلم جيدا أن الارهاب اليوم الذي إتخذ من الاسلام غطاء يدعي رفع الظلم عن الفلسطينيين لكن هذا غير صحيح ابدا. إن اسرائيل وأعداءنا هم الذين يغذون الارهاب الموجود اليوم من جراء إرهابهم المستمر منذ نحو خمسين عاما. ولقد تحدثت عن الامر في لبنان مع الرئيس ساركوزي، وهو قال لي بالحرف انه لا يفهم كيف يمكن إعطاء الفلسطينيين دولتهم الى جانب الدولة الاسرائيلية ولا يسمح لهم بالعودة الى ديارهم. فهذا أمر غير مقبول ومرفوض تماما".
واضاف: "أما بالنسبة للعلاقات الدبلوماسية مع سوريا، فهي باتت على الابواب. بالطبع نحن لا نريد أن نقول "تطبيع العلاقة" مع سوريا، فعلاقاتنا معها كانت دائما طبيعية وإذا ما اعتراها أحيانا خلل معين فيجب علينا أن نزيله. نحن سننطلق مجددا في علاقتنا مع سوريا. ولبنان المستقر والسيد على أرضه هو أفضل صديق لسوريا في دول العالم، وهو يستطيع أن يخدم قضية العرب جميعا كونه وطن رسالة كما قال عنه البابا القديس يوحنا بولس الثاني منذ عدة سنوات. وأنا اليوم عندما اتطلع الى ما يجري في العالم من العراق الى إفغانستان وفلسطين من صدامات وإرهاب أجد أن لبنان أصبح رسالة اليوم أكثر من أي وقت مضى بسبب تعددية مكوناته الشعبية. وهذه التعددية نعمة إذا ما عرفنا الافادة منها، وتصبح نقمة إذا ما فرطنا بهذه الهبة من الله للبنان وشعبه. إن عالم اليوم بحاجة الى دليل دامغ لتفاعل الثقافات والاديان كي تنشأ في العالم حضارة فريدة شبيهة بالحضارة اللبنانية المشعة في العالم. وبالرغم من اننا قد نحبط احيانا بسبب ما يجري من احداث، لكن إذا إلتفتنا من حولنا وفي محيطنا القريب نجد أننا أفضل حالا ويكفينا ان تستقيم الامور السياسية حتى تعود المياه الى مجاريها ويسود الوئام بين مختلف فئات المجتمع اللبناني".
وقال: "إن دوركم كبير جدا في خدمة لبنان، أنتم الشباب المغتربون، فالاغتراب يرتكز عليكم ومطلوب منكم أن تنقلوا صورة وطنكم الموحدة والغنية الى الدول التي تستضيفكم. فكل لبناني يولد برأيي مثقفا ومؤمنا بالتكامل بين الطوائف. اليوم العالم اصبح قرية صغيرة وللدولة اللبنانية واجب كبير تجاه مغتربيها، وهناك واجب على المغتربين الى جانب الدبلوماسيين لتأمين مصلحة الوطن. نحن علينا تأمين حقوق المغتربين وتسهيل عملية إشراكهم في كل أمور الوطن، وفي الانتخابات تحديدا. أنا لا أقطع وعودا بل أقطع عهدا بالعمل من أجل تحقيق هذا الامر. إن إشراك المغتربين في الحياة السياسية والاجتماعية والمناسبات الوطنية والدينية التي نعتز بها أمر ضروري. الواجب الثاني هو دور المغتربين في طريقة نقل هذه الصورة، عبر تصرفهم وخطابهم وعملهم وإخلاصهم لوطنهم كي يعطوا صورة جيدة عن لبنان. نحن جميعا نفتخر أن هذه الصورة جيدة جدا من قبل المغتربين في دول العالم. مطلوب منكم العمل أكثر لجهة توحيد النوادي والمنتديات والجمعيات الاغترابية بحيث يبقى الجميع على تواصل دائم مع الدبلوماسيين من سفراء ومفوضين ومنتدبين من قبل لبنان، فيتكامل العمل ويتطلع الجميع على المستجدات الحاصلة في وطنهم الام، فينقلوا عنه الصورة الصحيحة."
وختم: "سيدعى السفراء سنويا للبنان ليطلعوا بأنفسهم على مجريات الامور والخطاب السياسي للمسؤولين اللبنانيين ويزوروا رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ووزارات الاقتصاد والسياحة...لكي يكون بالامكان نقل صورة حقيقية للمغتربين وعبرهم ومعهم لمواطني الدول التي تستضيفهم ويعيشون ويعملون فيها. نحن أكثرنا من الكلام عن الاغتراب، وأنا عندما اطلعت على خطابات القسم وجدت أنها تكلمت كلها على الاغتراب. أنا اعلم أن مهمتنا صعبة لكننا سنسعى يدا بيد لتأمين مصلحة هذا الوطن.
عشتم وعاش لبنان."
وبعد إلقاء كلمته حرص الرئيس سليمان على تحية أبناء الجالية والحضور فردا فردا، مستطلعا أوضاعهم ومصغيا الى تمنياتهم وتطلعاتهم. وتم إلتقاط الصور التذكارية للمناسبة.