مواقف الرئيس سليمان جاءت خلال الكلمة التي ألقاها في مؤتمر "قمة باريس من أجل المتوسط "، التي إنعقدت اليوم في "القصر الكبير" وسط العاصمة الفرنسية. وجاء فيها:
"فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية، السيدات والسادة رؤساء الدول والحكومات، السيدات والسادة،
إسمحوا لي بداية، فخامة الرئيس، أن أتوجه بالشكر للاستقبال الحار الذي حظينا به من قبل فرنسا، والفرنسيات والفرنسيين، ما ترك في نفوسنا أعمق الاثر.
وإنني أتوجه إليكم بالشكر أيضا، لأنكم جمعتم حولكم بلدان حوض البحر الابيض المتوسط، للبحث معا في مستقبل هذه المنطقة من العالم، التي كانت مهد الحضارة العالمية. وسط عالم دمرته الحروب وكثر فيه البؤس، ووسط عالم يهدده الإرهاب، وتكبر فيه الهوة بين البلدان الغنية وتلك الفقيرة، تأتي دعوتكم لانعقاد هذه القمة فخامة الرئيس، لتحاول ردم الفوارق المختلفة القائمة بين ضفتي البحر الابيض المتوسط. ومن غير الممكن العمل على ردم هذه الفوارق، ما لم نعمل جميعا من اجل أن تكون حقوق جميع الشعوب محترمة، ولاسيما حقوق الشعب الفلسطيني ويتم تطبيق العدالة وتحرير كل الاراضي المحتلة. من هذا المنطلق، يمكن لمشاريع الإنماء أن تقود إلى الرفاهية وإلى تأمين التوازن في المساواة بين الجميع.
إن التأجيل المتواصل لإيجاد حل لأزمة الشرق الاوسط جعل من المواجهات أساسا لعدم الاستقرار في المنطقة، الذي يهدد الاستقرار في المتوسط والعالم. فلنتفق معا على استراتيجية متوسطية يكون قوامها إيجاد حل للنزاع العربي - الاسرائيلي، والانسحاب من الاراضي المحتلة وتطبيق كل القرارات الدولية ذات الصلة الصادرة عن الامم المتحدة.
فخامة الرئيس،
إن الاتحاد من اجل المتوسط هو، بالنسبة إلى لبنان، مشروع يحمل في طياته الأمل، وبلدي حاضر للتعاون مع الدول المعنية، في مختلف المجالات، سواء الاقتصادية منها أو الاجتماعية أو الثقافية، أو في مجالات التعليم والابحاث.
ومن أجدر من لبنان، هذا الوطن الذي خبر تعاقب حضارات العالم، ليكون مقرا لحوار الثقافات والحضارات والأديان؟ فعلى أرض لبنان التقى الشرق والغرب معا. وعلى أرضه، يمكننا أن نخدم، بصورة فضلى، قضايا السلام والديمقراطية والنمو المستدام.
إن رسالة لبنان كانت، ولا تزال، النضال من أجل أن تكبر مساحات الحرية، ويضمحل الظلم الاجتماعي، وتعود الكرامة لكل أحد. إن هذه المثل هي أيضا قيم شعوب ضفتي المتوسط، المناضلين في سبيل السلام والحوار والنمو. إن تجاربنا وثقافاتنا المتنوعة يمكنها أن تساهم معا، في توطيد الاستقرار، ليس فقط في المتوسط بل في العالم.
فلنبن معا، ثقافة الاحترام المشترك، من أجل مجتمع متوسطي متناغم، بإمكانه مواجهة التحديات التي تهدده، وابرزها: التدمير البيئي، احادية ثقافاتنا وانتشار الفقر في مجتمعاتنا.
نحن مدعوون لإعادة النظر في سياسات النمو التي نعتمدها، فلقد آن الأوان لمصالحة الإنسان مع بيئته، وليس إلا من خلال الثقافة يمكن للانسانية أن تجد سلامها.
لنعمل من أجل أن يترافق تبادل السلع مع تبادل للأفكار. ولنعمل أيضا من اجل أن يتمكن أبناؤنا وبناتنا كافة، من دخول أبواب التربية والتعليم. وليكن التزامنا أن نجعل من تأمين التعليم أولوية لها المكانة التي تستحق في مشاريعنا. الا فلنوحد جهودنا من اجل خلق مساحات أبحاث متوسطية، مؤهلة لنشر العلوم وتفعيل آفاق المعرفة. وفي هذا الإطار، أتقدم، فخامة الرئيس، باقتراح إنشاء مركز للأبحاث العلمية المتوسطية، يكون مقره في لبنان، ويشكل ملتقى للأبحاث والمشاريع العلمية المنبثقة عن القمة.
فخامة الرئيس،
على حوض المتوسط، المتميز بتعددية شعوبه، أن يكون موحدا ومتضامنا، بحيث يمكن لكافة القناعات والأفكار والأديان ان تتعايش معا. إن مصائرنا مترابطة، وما من بلد يمكنه أن يدعي بمفرده، القدرة على مواجهة كل تحديات هذا القرن. هذه هي رسالة لبنان، وهذا، على ما أعتقد، هو طموحنا المشترك في هذه القمة.
وإني اشكركم".