مواقف الرئيس سليمان جاءت خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، الرئيس الدكتور سليم الحص على رأس وفد "منبر الوحدة الوطنية- القوة الثالثة"، الذي قدم له التهاني بانتخابه رئيسا للجمهورية وأجرى معه جولة أفق تناولت التطورات السياسية الراهنة، والجهود المبذولة لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، والتحضيرات الجارية لعقد مؤتمر الحوار الوطني والمواضيع التي سيتناولها المؤتمر. وعبر الرئيس الحص وعدد من اعضاء الوفد عن مواقفهم من القضايا المطروحة على الساحة الداخلية، ومن الرؤية التي اعلنها الرئيس سليمان في خطاب القسم.
ورد الرئيس سليمان مرحبا بالرئيس الحص والوفد المرافق، منوها بالمواقف التي تصدر عن "منبر الوحدة الوطنية- القوة الثالثة"، وقال: "أعرف كم ان موقفكم الوطني كان متوازنا في الايام الصعبة التي مررنا بها، وكنتم دائما من دعاة التوافق الوطني والتهدئة. وهذا هو الخط الذي يجب ان ينجح في نهاية الامر، اذ ليس هناك من خط آخر يمكن ان يؤدي الى نتيجة على الصعيد الوطني. ان الصراعات تؤدي الى اضاعة الفرص والعودة بالوطن الى الوراء، ولكن ما من مفر من العودة الى اللقاء والاتفاق بين الجميع. ومن الضروري الا تنعكس الخلافات السياسية في الرأي على التنفيذ، بمعنى انه يمكن ان يكون هناك خلاف على قضية معينة، لكن المهم الا نصل الى مرحلة كل ينفذ وفق رأيه فحسب. هذا ما يجب ان نتفاداه، مهما كان حجم اختلافاتنا".
وأضاف الرئيس سليمان: "نأمل أن يعمل الجميع عند تأليف الحكومة، وفق المصلحة العامة. فعلى حكومة الوحدة الوطنية أن تعمل وفق ما يعزز الوحدة، وليس أن يعمد البعض الى دخولها، باسم الوحدة، وهناك يعمل للتفرقة. إن دخول حكومة الوحدة الوطنية يتطلب تضحية وإصرارا ومتابعة. إن الآلية موجودة، وعلى الجميع أن يقتنع بذلك. فالمسألة في النهاية، تتوقف على معرفة ما اذا كنا نريد وطنا مزدهرا للجميع أم لا".
واعتبر الرئيس سليمان "أن البيان الوزاري يجب أن يستلهم روحية بيان وزراء الخارجية العرب واتفاق الدوحة وخطاب القسم الذي لاقى ترحيب الجميع وثناءهم، واعتبارهم انه يجب ان يشكل جزءا من البيان الوزاري. فإذا سرنا وفق هذه الاسس الثلاثة، معززين الوحدة الوطنية، ومؤكدين على البند "ي" من الدستور اللبناني، سنجد أجوبة واضحة تظهر ان كل ما يصب في اطار الوحدة الوطنية يكون مفيدا".
وقال: "لقد قلنا دوما إن المقاومة الوطنية تشكل عنصر قوة للبنان يجب أن نستفيد منه. فاذا استخدم هذا العنصر في اطار القدرة القومية، يمكن الاستفادة منه في رسم سياسة دفاعية صحيحة. وانا اجد ان الجميع في لبنان متوافق حول هذا الموضوع، وحتى خلال الازمة الاخيرة ما من احد تكلم بما يسيء الى المقاومة. نحن اليوم في مرحلة جديدة، يجب علينا ان نستفيد خلالها من كل عناصر القوة لدينا. وان الحوار الوطني سيتواصل حول موضوع الاستراتيجية الدفاعية للبنان، ومواضيع اخرى ايضا".
وعما اذا كان الحوار سيحصل قبيل البيان الوزاري ام بعده، قال الرئيس سليمان: "ما دام الامر يتم بالحوار، فهو محكوم بإرادة الافرقاء. وان كل ما يخدم المصلحة العامة للبنانيين سنقوم به. نحن نتابع الاجواء السياسية والاعلامية التي تتناول هذا الشأن، بحيث نصل الى ما يمكن ان يرضي الجميع، خصوصا ان كل ما سيصدر عن الحوار سيكون بإرادة مشتركة من مختلف الافرقاء، الذين يعود اليهم طوعا أمر تحسين النظام السياسي. فاذا لم تتوافر هذه الارادة، ما من أمر يمكن أن يحصل خصوصا في بلد مثل لبنان، مبني على التعددية التي تتطلب حدا أدنى من القواسم المشتركة بين الجميع. أما إذا توصلنا معا الى أمر ما، فأنه يغدو بالغ الاهمية، وعلى مستوى عالمي وليس فقط محليا او اقليميا. وفي حالة العكس، يبقى التنافر والتنابذ قائمين ويؤديان الى مزيد من اضاعة الفرص. واني آمل ان يكون مناخ الحوار افضل من ذلك الذي ساد في الفترة الماضية".
وختم: "نحن مدعوون الى تحصين وضعنا لمواكبة التطورات التي تحصل من حولنا. فاذا ما كانت هذه التطورات متجهة نحو الهدوء والسلام، فعلينا بصورة متوازية ان نستفيد منها لتحقيق اهدافنا. أما إذا أدت الى تصادم معين، فعلينا عندها، على الاقل، ان نتوصل الى تخفيف الاضرار عنا بقدر المستطاع، من خلال تضامننا".
تصريح الرئيس الحص
وبعد اللقاء تحدث الرئيس الحص فقال: "كنا نأمل ان يكون هذا اللقاء لتهنئة الرئيس بقيام حكومة جديدة. ولكن يا للاسف الشديد، هذه الحكومة ما زالت رهنا بالمخاض العسير الذي رافق تأليفها. ونحن نأمل ان تتألف بسرعة لأن في ذلك مصلحة للبلد".
وأضاف: "كان هذا اللقاء للتعرف الى فخامة الرئيس شخصيا من جانب جميع اعضاء منبر الوحدة الوطنية. وكانت مناسبة طيبة لمناقشة بعض المحاور الاساسية، منها البيان الوزاري وما يجب أن يتضمنه، والحوار الوطني الذي يعتزم الرئيس اطلاقه، وكيف يجب ان يكون، والمواضيع التي يجب ان يتطرق اليها. وكذلك لا بد للحكومة من ان تعكف على الاهتمام بالشأن المعيشي والاقتصادي في البلد نظرا الى الحالة المتردية التي بلغتها البلاد على هذا الصعيد، والناس تعاني الغلاء والبطالة. وبالتالي هناك هجرة عارمة للشباب من لبنان الى الخارج".
سئل: هل أنتم متفائلون بمستقبل لبنان ولا سيما بعد انتخاب رئيس الجمهورية ومع قرب تشكيل الحكومة وفي ظل الاجواء الاقليمية التي تتحدث عن تسويات في المنطقة؟ أجاب: "نحن متفائلون جدا بمستقبل لبنان على المدى الطويل، ولكن لا نستطيع قول هذا الشيء بالنسبة الى الحكومة بالذات. فنحن لا نأمل كثيرا من هذه الحكومة ونعتبر أنها ستكون حكومة تتميز بالعقم الى حد بعيد، لأكثر من سبب: أولا لأنها تضم أطرافا متنازعين، وثانيا لان فترة ولايتها لن تكون كافية، وهي لن تدوم اكثر من عشرة اشهر وسيكون عليها ان ترحل مع انتخاب مجلس نيابي جديد. ثم إن تركيبة الحكومة كما ظهرت بوادرها حتى هذه اللحظة لا تختلف كثيرا عن تركيبة الحكومات السابقة، والتي لم ينتج منها الكثير. فلا نستطيع ان نرتجي الكثير من هذه الحكومة، لكننا من المتفائلين بمستقبل هذا البلد".
سئل: ألا تعتبر أن هذه الحكومة هي حكومة وحدة وطنية؟ وبماذا تصفها؟ اجاب: "بالطبع هي حكومة وحدة وطنية لأنها تضم مختلف الاطراف. ولكن هل ستكون منسجمة ومتجانسة في المواقف التي ستطرح عليها او القرارات التي يجب ان تصدر عنها؟ يجب ان ننتظر قبل أن نحكم عليها".
سئل: ما هو المطلوب لتحقيق هذا الانسجام؟ أجاب: "حسن النيات اولا واخيرا، والتصميم. أكثر ما نخشاه هو أن تكون الانتخابات النيابية المقبلة، وهي على الابواب، هاجس غالبية الوزراء، فتشغلهم عن قضايا الوطن والمواطن".
سئل: ماذا لمستم لدى رئيس الجمهورية بالنسبة الى الولادة الوشيكة للحكومة؟ اجاب: "لمسنا أملا بولادة سريعة لهذه الحكومة، وإن شاء الله خلال الساعات المقبلة".