وأثار السيد فضل الله مع السفيرة البريطانية، مسألة تكريم ملكة بريطانيا لسلمان رشدي، وتقليده وساما رفيع المستوى، مشيرا إلى أن ذلك كان محل مفاجأة في الأوساط الإسلامية، وخصوصا أن هذا التكريم الذي يمثل إساءة لمشاعر المسلمين في العالم، عمل على إعادة إنتاج هذه القضية بكل ما تمثله من إهانة ومن استهتار بقيم وعقائد مليار ونصف مليار مسلم، وما تحمله في طياتها من محاولة تحد لمشاعر هؤلاء.
وتساءل: ما هي الحكمة من وراء إعادة هذه المسألة إلى الواجهة، وخصوصا في هذا الوقت بالذات، الذي يسعى فيه الفريق الإسلامي المنفتح على المسألة الإسلامية الحضارية لإخراج العلاقات الإسلامية ـ الغربية من دائرة التعقيد والتوتير، إلى آفاق الحوار الجدي والصريح، بعيدا عن الإساءات المتكررة التي انطلقت وتنطلق على قاعدة التخويف من الإسلام وتقديمه كنموذج عنفي دموي لا يقبل الآخر ولا يعترف به؟.
وأكد أن ما أقدمت عليه ملكة بريطانيا يمثل خطأ كبيرا وجسيما، وأن المطلوب هو سحب هذا التكريم بطريقة وأخرى، والاعتذار من المسلمين، وخصوصا أن هذه الخطوة لا يمكن النظر إليها إلا من زاوية ما تقوم به الكثير من الإدارات والمؤسسات في الغرب من توفير كل المناخات الثقافية والسياسية الملائمة لكل من يسيء إلى الإسلام والمسلمين، ودائما تحت عنوان حماية حرية التعبير.
وأبدى السيد فضل الله الخشية من أن تعمق تصرفات من هذا النوع ما يتطلع إليه البعض من تعقيد في العلاقات مع الغرب، الأمر الذي قد يمهد السبيل للجماعات المتطرفة التي تفضل سلوك طرق العنف للإيغال في استخدام هذا الأسلوب متذرعة بمثل هذه الإساءات التي تنطلق من هنا وهناك.
وأشار إلى موقف دول الاتحاد الأوروبي الأخير من المسألة النووية السلمية الإيرانية، داعيا إلى أن يخرج الاتحاد الأوروبي هذه المسألة من إطارها السياسي الذي يتحرك في نطاق ضغوط تمارسها الإدارة الأمريكية عليه، مشيرا إلى أن الموقف الإسلامي الشرعي الذي أطلقه مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، سماحة السيد خامنئي، في التحريم الحاسم لإنتاج أسلحة نووية، هو موقف صريح وواضح، وكان ينبغي على الدول الغربية وخصوصا دول الاتحاد الأوروبي أن تتلقفه وتعمل عليه في سياق السعي لإعادة بناء الثقة مع إيران على قاعدة سلمية ملفها النووي، بعيدا عن التهاويل التي تنطلق من هنا وهناك والتي تسلك طرقا سياسية ونفسية، وصولا إلى العقوبات الاقتصادية والتي بات المسلمون يفهمونها في إطار كونها محاولات متكررة تهدف إلى منع المسلمين من تطوير إمكاناتهم الذاتية على الصعيد العلمي والتكنولوجي.
وحول الوضع اللبناني، شدد على أن ما يجري في لبنان لا يخرج عن السياق نفسه الذي مرت به المسألة اللبنانية منذ إنشاء لبنان على قاعدة نظام المحاصصة الطائفية، مشيرا إلى أن ذلك يبقي لبنان في دائرة الااستقرار، ولكنه لا يخرجه إلى دائرة الحرب وإن طغت بعض الأمور ذات الطابع الأمني على سطح الأزمة اللبنانية التي تمثل الصورة الأوضح لما يجري في المنطقة عموما.