المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

آية الله فضل الله: بيان القمة الروحية الإسلامية المسيحية استهلاكي والتحرك المذهبي لدول في المنطقة يثير الخطر على لبنان


27/6/2008
ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"لا تزال الوقائع والأحداث تؤكد لنا بأنه ليس للولايات المتحدة الأميركية سياسة خارجية أميركية، وإنما سياسة إسرائيلية مع كل دول المنطقة. وآخر ذلك إيقاف صفقة سلاح أميركية مع لبنان تقدر ب400 مليون دولار، تحت ضغط إسرائيلي بحجة أن الجيش اللبناني لا يمثل الجهة التي يمكن الاعتماد عليها. واكتفت الإدارة الأميركية بتكثيف برامج التسليح للجيش اللبناني بالسلاح الخفيف إضافة إلى التدريب. ومن اللافت أن بعض الدول العربية زودت هذا الجيش بعدد من المروحيات من دون تزويدها بأنظمة إطلاق الصواريخ، خوفا من اعتراض أميركا على ذلك، لأنه لا يراد ـ أميركيا وإسرائيليا ـ للبنان أن يملك القوة التي يستطيع فيها أن يدافع عن نفسه بالسلاح الصاروخي ضد عدوان إسرائيل".

اضاف:" ولنا أن نضع تساؤلا برسم كل العقلاء في لبنان وخارجه: هل من المقبول أمام كل العراقيل التي توضع أمام تقوية الجيش اللبناني ليكون في موقع الدفاع عن الأرض والإنسان، إضافة إلى أنه لحد الآن لم يصدر عن مجلس الأمن وقف لإطلاق النار منذ عدوان تموز 2006، وأمام كل الحماية الدولية إلى حد التواطؤ مع الكيان الغاصب، مما لا يمنع مستقبلا أي حركة عدوانية على لبنان، للثأر من الهزائم المتتالية، أو لفرض استسلام هذا البلد أمام كل الأطماع الصهيونية، هل من المقبول والمنطقي أن يتحدث عن سلاح المقاومة الذي يملك مواجهة أي عدوان إسرائيلي على لبنان، وقد عرف اللبنانيون تجربة المقاومة منذ 1982 وصولا إلى عام 2000 وانتهاء بتجربتها الرائدة في تموز 2006؟".

وتابع:" أم لعل البعض لا يزال يرى بأن لبنان ليس دولة حرب في الدفاع عن حدوده، لأن قوته في ضعفه، في الوقت الذي يعرف الجميع أن المجتمع الدولي لم يتدخل في أي مرحلة لتحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي أو من عدوان الكيان الغاصب عليه، بما في ذلك احتلال عاصمته، قبل أن يكون هناك تنظيم للمقاومة؟".

واكد إن المنطق الحضاري يقول: "إن من لديه أوراق قوة لا يلقيها من يده، ولا سيما في ظل التحديات الكبرى والمنعطفات الخطيرة التي يمر بها عالمنا العربي والإسلامي، وفي ظل انعدام أدنى مستويات القيم الإنسانية والحضارية عن حركة السياسة العالمية التي تسيطر الدول المستكبرة على كل مفاصل القرار الفاعل فيها. وفي نفس السياق، تؤكد حركة كثير من الدول الأوروبية، انسحاق قيمها الإنسانية والحضارية أمام إسرائيل التي زارها الرئيس الفرنسي مؤخرا، وقد تنكر فيها ـ أمام الكنيست ـ لمبادئ حرية الشعوب التي أطلقتها الثورة الفرنسية، عندما أكد على حماية إسرائيل، ذلك الكيان الذي قام على أنقاض شعب طرد من أرضه بالحديد والنار، من دون أن نسمع منه، أو من أي مسؤول أوروبي، أنه سوف يحمي الشعب الفلسطيني الذي يواجه مجازر إسرائيل الوحشية وحصارها الخانق، واغتيالاتها اليومية للشباب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة، وآخرها من خلال مجموعة الاغتيالات التي أنشأها الجيش الصهيوني. إضافة الى الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي لعائلة الجندي الإسرائيلي الأسير "شاليط"، تعبيرا عن مدى اهتمامه بقضيته، متجاهلا عذابات الآلاف من المعتقلين الفلسطينيين وما يعانونه من أنواع التعذيب الوحشي الذي يمارسه الجيش الصهيوني ضد المعتقلين بوسائل وحشية غير إنسانية، وهو ما أثير الحديث عنه حتى في داخل هذا الكيان، من دون أن نسمع أي احتجاج أو استنكار دولي أو حتى عربي على ذلك، لأنهم لا يحترمون إنسانية الشعب الفلسطيني".

وقال:" ومن اللافت أن هذا الرئيس الفرنسي يتحدث عن أن الأزمة الإيرانية هي الأكبر في العالم، مما يدعو إلى السخرية لأن المسألة في مشروع إيران هي أنه مشروع سلمي، ثم لو كان مشروعا نوويا عسكريا فهل يملك أن يكون الأخطر في العالم أمام الترسانات الذرية التي تملكها الدول الكبرى كأميركا وبريطانيا وفرنسا، حتى إسرائيل التي تملك 200 قنبلة ذرية، والتي قامت بمناورات عسكرية ضخمة، في مستوى حشد مائة طائرة من طراز أف 15 وأف 16، في بداية تجربة تبدو استعدادا لهجوم محتمل للجيش الصهيوني على المنشآت النووية الإيرانية.. في محاولة أميركية لشن حرب نفسية على إيران باليد الإسرائيلية، لأن أي ضربة لإيران لا يمكن أن تتجرأ عليها إسرائيل إلا بضوء أخضر وقرار أميركي".

وتابع: "إنهم يحاولون إثارة الخوف لدى الشعوب وخصوصا الشعوب العربية في التأكيد بأن هذا الحشد النووي العسكري بما فيه الإسرائيلي يمثل حشد سلام لا مشروع حرب، في استغلال للسذاجة السياسية التي حاولوا أن يثيروها تخويفا من إيران وسلاما لإسرائيل دول الغرب".

واشار الى انه في موازاة ذلك، نرى أن الاتحاد الأوروبي استجاب لرغبات الرئيس الأميركي بوش في فرض مجموعة من العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية على إيران، حيث بتنا أمام دول تحولت إلى أنظمة دكتاتورية تضغط على حريات دول العالم الإسلامي في محاولته للحصول على الخبرات العلمية، لأنهم يريدون بقاء هذا العالم في حالة حاجة إلى صناعاتهم ليفرضوا عليه شروطهم السياسية والأمنية والاقتصادية".

وقال:" من المؤسف أن العالم الإسلامي الذي لم يستطع أن يتحول إلى كيان صناعي يعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من جهة، وتصدير ثرواته إلى العالم بشروطه الاقتصادية من جهة أخرى، قد تحول إلى مزق متناثرة خاضعة إلى سياسات الدول الكبرى حتى في التصرف بثرواته وتحديد أسعارها، كما نلاحظه في الضغط عليه لزيادة إنتاج النفط من دون أية حاجة اقتصادية عالمية، لأن ارتفاع الأسعار خاضع للمضاربات لا لقلة الإنتاج".

وتحدث آية الله فضل الله عن لبنان وقال: "اما في لبنان، فإن اللعبة الداخلية والخارجية لا تزال تتحكم في أوضاعه الأمنية والحكومية التي ينتظر الجميع معه أن تتحقق ولادتها في خلاصه بالطريقة القيصرية، وقد اقتنع الكثيرون بأن الأزمة الداخلية في اتهامات التعطيل المتبادلة بين هذا الفريق أو ذاك الفريق تعبر عن حركة التدخلات الخارجية في الاستفادة من لبنان الساحة التي تحتضن صراعات الدول الإقليمية ـ بما فيها الدول العربية والأجنبية الكبرى، وخطوط إسرائيل في العبث المخابراتي بأمن البلد بطريقة خفية. وربما كان نجاح اتفاق الدوحة عقدة لدى بعض دول المنطقة مما يؤدي إلى أن تتحرك من أجل إرباكه وإسقاطه بالحوادث الأمنية المتنقلة من مكان إلى آخر، أو بالإثارات المذهبية في الدائرة الإسلامية من خلال بعض الجهات الدينية والسياسية التي لا ترى في إسرائيل أو في أميركا مشكلة للبنان، بل تراها في أتباع هذا المذهب أو ذاك، خضوعا للفتنة التي توحي بها بعض الجهات الإقليمية أو الدولية".

اضاف:" لعل ما يثير الخطر على لبنان أن بعض الدول في المنطقة أصبحت تتحرك مذهبيا في حركتها لخدمة مصالحها في أكثر من دولة في الشرق الأوسط، لتضم إلى مواقعها السياسية أكثر من موقع مذهبي للاثارة في التمييز بين الناس حتى بين مواطنيها".

وتابع:" وإذا كان الحدث الديني البارز في القمة الروحية الإسلامية والمسيحية، الذي أصدر بيانا استهلاكيا لا يجد فيه اللبنانيون أي حل للأزمة، فإن الجميع يعرفون أن هؤلاء لا يملكون إدارة شؤون البلد في قضاياه الحيوية المصيرية، ولا يمثلون إلا واجهة النظام الطائفي اللبناني، ولذلك فإن اجتماعهم قد يوحي ببعض التنفيس عن حالة الاختناق، ولكنه لا يملك مفتاحا للحل".

وختم:" لقد سقطت فاعلية كل القمم في لبنان، لأننا فقدنا الذين يعيشون قمم الحق والعدل والروح والمحبة والرحمة، وأصبحنا نتجول في السهول المليئة بالأوحال التي تحمل العداوة والبغضاء والعصبيات المتخلفة.. ويبقى الشعب في السجن الكبير، يتلاعب به اللاعبون الكبار والصغار".

27-حزيران-2008

تعليقات الزوار

استبيان