اضاف:" أميركا المتوحشة في عمليات القتل لا تختلف عن ربيبتها إسرائيل، فهي تفعل في هذه الأيام في الريف الأفغاني من إبادة لعائلات آمنة بأكملها، تماما كما تفعله إسرائيل في غزة، فلا يختلف مشهد الطفلة الناجية من عائلة أفغانية قتلت القوات الأميركية أهلها وأخوتها في محافظة بكتيا الأفغانية، عن الطفلة الفلسطينية التي قتلت إسرائيل كل أفراد عائلتها على شاطىء غزة. وإن أميركا الإسرائيلية وإسرائيل الأميركية وجهان لعملة واحدة، فها هي الطائرات الأميركية تغير على الجيش الباكستاني لإبلاغه رسالة جديدة مفادها أن عليه ألا يتجاوز الدور الذي رسمته الإدارة الأميركية فيما يسمى بـ"الحرب على الإرهاب"، تماما كما تغير طائرات العدو على أحياء غزة الآمنة، في الوقت الذي يتصاعد فيه الحديث عما يسمى مساعي التهدئة التي تقوم بها السلطات المصرية، ومحاولات التبرير الأميركية هناك كمحاولات التبرير الإسرائيلية هنا، وكلها تنطلق تحت عناوين الدفاع عن النفس".
وتابع:" ولا ندري ـ بعد ذلك كله ـ كيف يتحدث المتحدثون عن سلام يمكن أن يقدمه القتلة للضحايا في طول المنطقة العربية والإسلامية وعرضها، وكيف يستمع العرب والفلسطينيون إلى نصائح الموفدين الغربيين، وآخرهم رئيس الوزراء البريطاني السابق، طوني بلير، موفد اللجنة الدولية الرباعية لخارطة الطريق".
ودعا العرب، ولاسيما المسؤولين منهم، "ألا يستجيبوا للضغوط الأميركية في التطبيع مع العدو". ودعا مصر على وجه التحديد إلى "أن ترتفع إلى مستوى المسؤولية العربية والإسلامية، فلا تترك الشعب الفلسطيني وحيدا بفعل الحصار وعمليات القتل وكل محاولات تركيع الفلسطينيين وإخضاعهم".
وقال:" ولسنا ندري ما الذي ينبغي أن يحصل للفلسطينيين حتى يشعر المسؤولون العرب بالحاجة إلى عقد اجتماع على مستوى القمة العربية، والعمل على الضغط على إسرائيل بشتى الوسائل، وهي كثيرة، ولاسيما لدى الدول المعترفة بالعدو أو المرتبطة به اقتصاديا، وليثبتوا للعالم أنهم أمة تحترم نفسها وتحمل مسؤولية شعوبها ليحترمهم التاريخ. وأما سائر العالم الإسلامي، فنجد أن الحرب الاستكبارية المتنقلة تعصف به من بلد إلى بلد".
اضاف:" في العراق يسقط المدنيون الأبرياء بفعل التكفيريين الوحوش من جهة، وبفعل عشوائية جنود الاحتلال من جهة أخرى، ويراد من خلال ذلك أن لا يستقر العراق، كمبرر لبقاء طويل للمحتل بحجة حفظ الأمن، ويتحرك الاحتلال ليفرض على الحكومة العراقية اتفاقية أمنية تبقي الاحتلال طويلا ليعبث في أمن هذا البلد ومستقبله إضافة إلى تمكينه من الانطلاق منه لتهديد المنطقة والعبث بأوضاعها؛ مما لا يقبل به أي شعب حر مستقل، مهما قدم من تبريرات، وقد جرب الشعب العراقي مثل هذه الاتفاقية عند الاحتلال البريطاني والتي استخدمها لفرض سيطرته على سيادة العراق السياسية ومقدراته الاقتصادية".
وقال: "في أفغانستان، لا يزال حلف الناتو ـ بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ـ يمارس عملية القتل والاجتياح والاعتقال، في معركة ينطلق فيها الأفغانيون لمواجهته بالوسائل العادية التي يملكونها دفاعا عن حريتهم الوطنية الإسلامية".
اضاف:" تمتد المسألة إلى السودان الذي ينتقل من مشكلة أمنية إلى مشكلة أمنية أخرى، لأنه لم يخضع لأميركا في تغيير نظامه، وفي رهن ثرواته لشركاتها، وفي خضوعه للصلح مع إسرائيل.. وهكذا نصل إلى الصومال الذي يعيش الحرب الداخلية التي تستعين فيها حكومته بقوة أجنبية، فيعيش هذا الشعب القتل اليومي الجماعي الوحشي الذي يدمر هذا البلد بثرواته ومقدراته. وإذا انتقلنا إلى الجزائر، فنجد كيف تجددت المجازر التي يقوم بها المتطرفون في قتل الناس من دون تمييز، إضافة إلى الفتنة التي تثيرها حركة تنصير المسلمين وإخراجهم من دينهم، في عملية استغلال لأوضاعهم السيئة في فقرهم وحرمانهم وفي جميع أوضاعهم الاجتماعية الصعبة".
وتابع: "إن على المسلمين، وأمام هذه الصورة القاتمة، أن يكون لهم الوعي الإسلامي الذي يتحولون به إلى أمة موحدة تدافع عن وجودها وثرواتها ومقدراتها ومواقعها الاستراتيجية، لتأخذ مكانها الطبيعي في العالم".
وتطرق الى الوضع في لبنان وقال: "أما في لبنان، فلا يزال السياسيون ينشغولون بالحصص الوزارية التي يأمل الكثيرون منهم أن تمنحهم مواقع متقدمة على مستوى المعركة الانتخابية القادمة، آو على مستوى الامتداد في زعاماتهم الطائفية والمذهبية، وتحرك في هذا الوقت المشاكل الأمنية التي قد يراد من خلالها خلط الأوراق لتحقيق بعض المكاسب السياسية، مع ازدياد منسوب الخطاب المذهبي الذي لا يعرف مثيروه ماذا يفعلون، وبأي نار يعبثون.. ويتفاقم الوضع عندما تضعف ثقة الناس بالقوى الأمنة، انها لا تقمع المجرمين انتظارا للأمن الوفاقي.. وهذا يدل على مدى الانحدار الذي يمكن أن يوصل إليه النظام الطائفي في لبنان، هذا النظام الذي لا يستطيع أن يبني دولة، ولاسيما مع طبقة سياسية لا هم لكثير منها إلا المصالح الذاتية، ولا عين لها إلا على المناصب الفارغة من أي مضمون مؤسسي، وبات على الشعب أن يخدم أولئك بدلا من أن يكونوا خدامه، ولا يزيدونه ـ مع ذلك ـ إلا فقرا ودينا وارتهانا لكل اللاعبين الكبار".
وختم:" أما من أحد يرحم هذا الشعب؟ والسؤال: هل يرحم الشعب نفسه، فيرفض كل هذا الواقع، ويدرك أكثر موقعه من عملية التغيير، وهو الشعب القوي الذي باستطاعته أن يصنع المعجزات، ويعمل الكثيرون على تقزيمه، وإفقاده الثقة بنفسه".