استهل الرئيس كرامي المؤتمر بمخاطبة روح شقيقه الراحل بالقول:
"رشيد، لك التحية حيث أنت. وأستعين بقول الشاعر إذ قال: سقاك الغيث إنك كنت غيثا ويسرا حين يلتمس اليسار. ولئن تفسح ذكرى غيابك في الأول من حزيران، لكي أخاطب روحك الطاهرة أمام الملأ، إلا أنك الحاضر في كل يوم، بل كل هنيهة. ولا يكاد ينطوي يوم يا رشيد لا تطل فيه سيرتك، بين أهلك ومحبيك، وبين أبناء مدينتك، وبين سائر اللبنانيين الذين منحوك موقع رجل الدولة حين الدول رجال، واستذكروا لك شجاعة المؤمن حين الفتن تصطرع، وحفظوا للوطن شهادتك التي أراد القتلة والظالمون أن تكون عنوانا لزوال لبنان، وأراد القدر غير ما أرادوا، فإذا استشهادك يفتدي وحدة لبنان وعروبة لبنان وينصر المظلوم على الظالم ولو بعد حين".
أضاف: "وأستميحك أيها الشهيد، إذ ترى فيما ترى من عليائك، أن قاتلك سمير جعجع يسرح ويمرح محاضرا في الوطنية والعدالة والتمدن، وكأن الناس يمكن أن تنسى من انتهك القوانين والأديان والقيم والأخلاق. نحن لن ننسى. واطمئن يا رشيد، فلن يضيع حق، مهما تسربل الباطل في لبوس الحق.
كثيرا يا أخي ما أسأل عن موقف لك وقفته أو عن قول لك قلته في هذا الخطب أو ذاك، وما أكثر الخطوب التي واجهتها خلال توليك المسؤوليات والمواقع دون أن تحيد يوما عن الحكمة والأناة وحس المسؤولية وتغليب المصلحة العليا، سواء كانت مصلحة المدينة أو مصلحة الجماعة أو مصلحة الوطن أو مصلحة الأمة. نعم، وكثيرا ما تروى لي مآثر وعبر مشهودة لك، لكنك خلال الأسابيع الأخيرة، ويوم دخل الوطن نفقا مظلما ويوم ترنحت طرابلس على حافة الهاوية، عرفت مجددا ما أنا عارفه منذ البدء، وهو أنك لم تكن ابن طرابلس وحسب، ولكنك في أقصى ما أمكنك كرجل من لحم ودم تناغمت مع البشر والحجر، مع العقل والقلب، مع النبض والضمير...
ولا عجب اليوم، أن صورتك محفورة في القلوب والضمائر في كل البيوت. ولك يا رشيد موقع الأخ والصديق والأليف في كل شارع وفي كل زقاق، من الأسواق العتيقة إلى جبل النار الى قبة النصر إلى باب التبانة إلى جبل محسن إلى أبو سمرا إلى الميناء ونصفك ميناوي حيث مسقط رأس الوالدة رحمها الله، الى القلمون المدينة التي أحببتها وأحبتك. نعم، لا عجب ان اسمك صار من أسماء المدينة، فهي مدينة الرشيد".
وأردف بالقول: "ففي أزمنة الحروب المجانية جنحت الى السلم وقدمت التضحيات لا التنازلات. وفي أزمنة المخاطر الكبرى جندت عمرك وجهدك وإيمانك لحماية مدينتك وتجنيبها المرارات والمواجع. وفي خضم المعادلات الاقليمية والدولية شهرت سلاح الموقف واستعنت بالصبر الجميل إلى أن تمضي العواصف والمكاره إلى شأنها. كل ذلك يا رشيد دون أن تكف لحظة واحدة عن خوض معركة الأمة ومعركة الوطن، تماما كما يخوضها القائد الذي يرتضي أن يموت في ساح المعركة وقد فعلت، ولكنه يأبى أن يدفع بأهله وقومه وبمصالحهم الصغيرة والكبيرة إلى المهالك... وقد فعلت أيضا".
وتابع: "أو تدرك يا رشيد أي إرث تركت فينا نتشامخ به جيلا بعد جيل ونرتضي لأجله أن نحفظ العهد ونصون النهج ولو كانا جمرا بين الأصابع؟ شهدنا يا رشيد، وشهدت طرابلس، الأيام العجاف حين بعض القوم ولربما كثير منهم يضيعون البوصلة، وحين العواطف والنوازع وسواها تغلب العقل والبصيرة، وحين يحل غبش وضباب فيخطئ منا من يخطئ في تحديد العدو وفي وجهة المعركة. غير أننا ما بدلنا وما غيرنا، وما زلنا نقاتل ومعنا تقاتل طرابلس في سبيل الثوابت الوطنية والقومية التي لأجلها قدمت هذه المدينة شهداء ودماء وضحايا.
ومع أن كثرة منا غيروا وبدلوا في لحظة شدة وربما في لحظة ضعف، وتحت أنواع ضارية من الضغوطات والمعطيات المغلوطة، وتحديدا في مناخ عربي عام ينشر فلسفة الاستسلام ويروج لمحاسن التخلي عن الحق بلا أي مقابل تقريبا. رغم كل ذلك فإن الفئة المؤمنة لم تنخدع يوما ولم يصبها يأس أو إحباط، مدركة بأن الصحوة آتية لا ريب في ذلك، وها هي تباشيرها تفوح في ربيع طرابلس عبقا فيه من أريج ليمونها أصالة عطرة، ومن ناسها الطيبين إيمان فطري يملأ القلوب، ومن رشيدها وقفة عنفوان وتواضع هما جوهر هذه المدينة وسرها المباح".
ثم توجه الى الحضور بالقول: "أيها الإخوة، عذرا إن أطلت في تحيتي للرشيد عسى أن تحمل الإطالة بعض إفادة. أيها اللبنانيون، مبارك عيد التحرير والمقاومة، عيد كل لبنان، وتحية لرجال وشهداء هذه المقاومة البطلة التي حققت لنا نصرا أدهش العالم عام 2000، وأرست توازنا ردعيا دفاعيا في وجه إسرائيل عام 2006، وما زالت حافظة للوطن وسيادته واستقلاله بقوة السلاح الذي لا وجهة له إلا إسرائيل، عدو العرب وعدو الأمة.
ومبارك اتفاق الدوحة. لن أعكر عليكم فرحة الخروج من المحنة التي تجلت بفوضى دستورية غير مسبوقة وبفراغ رئاسي وبتعطيل المؤسسات وبمحاولة فرز المواطنين إلى مجموعات مذهبية متناحرة متباغضة، وبتحويل لبنان إلى ساحة إقليمية ودولية تتصارع فيها السفارات وأجهزة المخابرات وعواصم القرار، ما أوصل الطبقة السياسية للأسف إلى حال من الإفلاس السياسي في لعبة أكبر من الجميع وفي ظل انهيار اجتماعي ومعيشي دفع اللبنانيين إلى توسل الهجرة مدفوعين باليأس وانعدام الرجاء".
ورأى أن "اتفاق الدوحة، المشكورة كل الجهود التي أوصلت إليه، هو في واقع الأمر ثلاثة اتفاقات لكل منها محاسن وشوائب:
الاتفاق الأول تجوز تسميته بالتسوية الإقليمية والدولية التي أوقفت المشروع الأميركي في لبنان، بعدما اعتبروا بلدنا في تصريحات علنية منصة مخاضات لولادة الشرق الأوسط الجديد. وهنا أؤكد أن هذا البلد الذي لم يخرج منذ الاستقلال، بل منذ إرساء نظام الحمايات الخارجية لمجموعاته المناطقية والطائفية عام 1860، من مدار التجاذب الدولي، قد شهد خلال السنوات الأخيرة نوعا من الاستعمار السياسي الحاد لا تحتمله لا الجغرافيا ولا البنية الهشة ولا الامكانات الواقعية للبلد، لدرجة تدفعنا للقول للمجتمع الدولي قاطبة إنه إذا كان هذا حبا، فليخففوا عنا، لأن من الحب ما قتل.
لا يغيب عنا هنا أن ضعف النظام العربي الرسمي وغياب الدور الفاعل للجامعة العربية وانقسام العرب في ما بينهم، كل ذلك أفقد لبنان الحد الأدنى من المناعة، وكان من الطبيعي في بيئة لبنانية ملأى بالتناقضات أن ينجح أصحاب المشاريع في تحويل لبنان إلى ساحة إضافية تستكمل ما يجري في العراق الجريح من خطط دموية جشعة نشرت فيه حروبا أهلية ومهدت لتقسيمه ونهبه باسم الديمقراطية. وكذلك ما يجري في فلسطين المحتلة التي خابت فيها ديموقراطية الأميركان فلجأوا إلى تغذية الصراع والانقسام بين أبناء القضية الواحدة وأرخوا العنان للآلة العسكرية الإسرائيلية الغاشمة لكي تفتك وتقتل وتدمر مدعومة للأسف بحصار عربي لقطاع غزة.
ولعله لم يكن ثمة أسوأ من مشهد رئيس الدولة العظمى في العالم، وهو يحتفل مع الاسرائيليين بمرور 60 سنة على نكبة العرب معلنا في خطاب إيديولوجي بوليسي أن ثلاثمئة مليون أميركي جاهزون للحرب إلى جانب سبعة ملايين إسرائيلي".
وأضاف: "إذا نظرنا الى إلعراق وإلى فلسطين، ندرك ما كان مخططا للبنان، وندرك عندئذ ما يعنيه مفترق الدوحة، آملين ان تستعيد الولايات المتحدة الأميركية ومعها المجتمع الدولي بعض رصانة وحصافة في المنطقة ككل بالشكل الذي يليق بدول عظمى وبشرعية دولية، قانعين الآن، على الأقل، بأن يكونوا قد أسقطوا الساحة اللبنانية من أجندة المغامرات القاتلة".
أما الاتفاق الثاني في الدوحة "فيتصل حكما بإنهاء الحالة الشاذة التي تعد من التوابع المحلية للمغامرة الأساسية التي أرادت نقل لبنان من ضفة إلى أخرى وتعديل هويته ودوره وشكله بما كان يهدد بنسف الكيان كله. هذا الاتفاق أرجع إلينا أغلى ما نملكه في مواجهة الأنواء، وأقصد التوافق والشراكة".
أضاف: "حين يعجز بلد مثل بلدنا عن تظهير وحدته وعن تجسيد رسالته الحضارية، فإن أقل الممكن ان نقبض على مبدأ التوافق وعلى صيغة الشراكة، وعلى أساسهما يمكن أن نجتهد ونسعى لتحصين بنيتنا الوطنية، بالعيش المشترك، وبالسلم الأهلي وبالاحتكام للقوانين وللمؤسسات، وبترسيخ أفكار التساوي والعدالة بين المواطنين، وقد ننجح أو لا ننجح، لكننا، أكرر، على الأقل، لا ندفع ببلدنا إلى الكوارث.
كنت أتمنى، وكثير من اللبنانيين المخلصين يشاركونني ذلك، أن ننجح في صيانة التوافق والشراكة، من دون اللجوء إلى المحاصصات وسوى ذلك مما جرى الاتفاق عليه، لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. ولكن فريق الأكثرية بلغ به الشطط، حد خرق كل الأعراف، وكل المواثيق، وصدق ما يقولونه في البيت الأبيض عن كونه حكومة منتخبة... فإذا بهذه الحكومة المنتخبة تلغي جزءا من مكونات الوطن، وتهمش جزءا آخر، وتستهين بمعارضة تمثل نصف الشعب اللبناني، وتعتصم بكراسيها لتحكم لبنان عبر تليفونات الدعم وبرقيات المؤازرة ولا تتوانى عن توظيف الشارع في لعبة مضادة لإظهار شعبيتها وتمثيلها للنصف الآخر من اللبنانيين".
وقال: "يشهد الله، لم نتوان على مدى سنتين عن نصح هذه الحكومة وتحذيرها وتوعيتها إلى المخاطر والمهالك، فقلنا دائما ما تفرضه علينا موجبات المسؤولية والخبرة بأن لبنان لا يحكم إلا بالشراكة وبأن موقع رئيس مجلس الوزراء، شأنه شأن موقع رئيس الجمهورية وموقع رئيس المجلس النيابي، إنما هي مواقع ميثاقية تنتجها اللعبة الديمقراطية العادية، ولكن لا يمكن أن تثبتها إلا الديموقراطية التوافقية.
اليوم، نحمد الله أنهم جميعا أدركوا هذه الحقيقة، ولكن أما كان الأجدى أن يتم ذلك بوعي ورفعة وحس وطني بدل أن يتخذ شكل التسويات المشروطة وشكل الغالب والمغلوب مهما ادعى البعض بأن لا غالب ولا مغلوب. وحسبنا هنا أن الغالب هو التوازن الوطني واستعادة البعد الميثاقي للتركيبة اللبنانية، وأن المغلوب هو قبض أهواء عابرة ذهبت مع الريح".
وعن "الاتفاق الثالث الذي خرج من الدوحة"، قال انه "اتفاق محلي داخلي إلى حد كبير، يتصل بقانون الانتخابات. والغريب، ولكن المفهوم في الوقت نفسه، أنه كان محل عناد وتجاذب وقيل إنه عقدة العقد. مفارقة قانون الانتخابات، وتحديدا التقسيمات الادارية التي ستجرى الانتخابات المقبلة على أساسها، هي أنه مليء بالتنازلات والمكاسب. ولكن كل الذين تنازلوا إنما تنازلوا من حساب الوطن، وكل الذين كسبوا إنما كسبوا لحساب الطائفة أو الحزب أو العائلة".
أضاف: "تحت عنوان تصحيح التمثيل، جرى تقسيم لبنان الى مناطق مذهبية صافية، ومناطق أخرى ذات أرجحية مذهبية مطلقة، حتى ليمكن إعلان نتائج الانتخابات النيابية المقبلة في معظم الدوائر منذ الآن. وهذا التموضع المذهبي الحاد سوف يعيد إنتاج الخطاب الفئوي والمتوتر، ولسوف ترون خلال السنة التي تفصلنا عن الانتخابات تعبئة مذهبية عامة شاملة في كل لبنان. ما يعني بالنتيجة تكريس شكل من أشكال الفديرالية الطائفية التي يخشى أن تؤسس لمشهد سياسي مخادع ينتحل صفة العيش المشترك ويطبق فعليا التقسيم المشترك".
واستغرب "ان جميع الذين كانوا في الدوحة أمطرونا بنظريات وأدبيات حول التمسك باتفاق بالطائف، وجميعهم انتهكوا الطائف روحا ونصوصا. نصوص الطائف تقول بتحديد دقيق بانتخابات نيابية تجرى على أساس المحافظة بعد إعادة النظر في التقسيمات الإدارية، وروح الطائف التي يمكن أن تفسر نصوصه بشكل أدق، تقول بدوائر انتخابية تجمع بين صحة التمثيل وتكريس العيش المشترك. ترى، ألم يكن بالإمكان ابتداع دوائر انتخابية تحقق هذين الشرطين معا، فتكون لنا دوائر مختلطة متوازنة إلى حد ما، وتكون لنا معايير إصلاحية تحكم قانون الانتخابات ككل بحيث لا يتاح تهميش أو إلغاء أي مكون من مكونات المجتمع اللبناني؟".
وتابع: "في الواقع، إن عدم تطبيق الطائف - ولا أقول تطبيقه السيء أو الاستنسابي فحسب - عبر كل قوانين الانتخابات التي اعتمدت بعد الحرب، وخصوصا قانون عام 2000 الذي تكرر عام 2005 هو الذي أوصل اليوم إلى نسف الطائف والاستعانة بقانون عام 1960، مع كل ما يحمله ذلك من دلالات ومؤشرات. ويخطئ هنا من يعتقد أنني أدافع عن نص في اتفاق، فهذه مهمة سواي من الدستوريين والحقوقيين وحماة النصوص. أنا فعليا أخشى على المسار الذي يمكن أن يبدأ بنص أساسي وتكويني هو نص قانون الانتخابات".
وقال: "ليس الهدف أن ينتخب اللبنانيون نوابا يرمزون إلى العيش المشترك ويتمتعون بالصفة التمثيلية فحسب، بل ما يلي ذلك هو الأهم، وأذكر بعض النقاط:
أولا، تكوين السلطة التشريعية عبر الطائف يؤمن المناصفة العادلة شكلا ومضمونا.
ثانيا: هذه الشراكة التأسيسية تعني بالضرورة تكوين السلطة التنفيذية بشكل صحيح، أي عبر تسمية رئيس مجلس الوزراء وفق استشارات ملزمة وليس عبر توافق مسبق، وتاليا تشكيل حكومة ائتلافية هي حكما حكومة اتحاد وطني دون أن تلغي إمكان وجود معارضة، والأهم دون الاحتكام إلى أعراف توزع الحكومات حصصا بين معارضة وموالاة ورئيس جمهورية.
ثالثا، هذا المشهد السوي هو الطريق الفعلي لإطلاق دولة القانون والمؤسسات بشكل عصري وشرعي، دون الاضطرار إلى ترويكا أو دويكا ودون تسليم السلطات فعليا إلى المرجعيات الزعامية في كل طائفة.
رابعا وأخيرا، من دون هذه الإصلاحات السياسية والدستورية لا يمكن أن نحلم يوما بتتويج تطبيق الطائف بأهم ما تضمنه هذا الاتفاق، وهو إنشاء الهيئة الوطنية العليا لالغاء الطائفية السياسية.
ومع ذلك، واذا كان قانون الستين هو أحد الأثمان التي علينا أن ندفعها كلبنانيين لكي نؤسس لمرحلة الخروج من الأخطاء المشتركة المتبادلة، فلا بأس، ولن يعدم اللبنانيون وسيلة لإعادة الأمور إلى نصابها إذا توفرت لهم قيادات وطنية صالحة وواعية ومسؤولة، وإذا أدرك من لم يدركوا بعد أن المصلحة الخاصة كذبة ووهم إذا لم تتكامل مع المصلحة العامة".
وخاطب اللبنانيين بالقول: اصمدوا... هذا ندائي لكم. والتفتوا إلى تكوين الضغط الشعبي اللازم لكي يتصدى المسؤولون للمشكلة الاجتماعية الداهمة ولما تعانون من عسر وازمات في تأمين العيش الكريم. واعلموا أن ما تصنعونه يعود عليكم، فإن كان خيرا فهو خير، وان كان شرا فهو شر، والمؤمن من ميز بين الخير والشر. تحرروا من المال السياسي، كل المال السياسي، واعلموا أنه قيد مذل يرهن إراداتكم ومصائركم بأبخس الأثمان. تحرروا من الإعلام المبرمج ومن خطاب الكراهية الذي لا هدف له إلا تحويلكم إلى أرقام في الصناديق أو إلى وقود في المحارق. ولا خلاص لكم إلا في السير على طريق بناء الدولة والمؤسسات، دولة الناس ومؤسسات الناس في وطن لا سقوف فيه أعلى من سقف القانون".
وختم مخاطبا الحضور: "اسمحوا لي، ختاما، أن أتشارك معكم في أمر شخصي نوعا ما، يتعلق بما قاله لي يوما رشيد كرامي، فإذا بقوله يصبح وصية. قال: "عندما يتخذ المرء موقفا وفق قناعاته ومبادئه الأصيلة، ومهما تعرض بسبب موقفه هذا لخسائر ومخاطر، ومهما دفع الأثمان، فإنه هو الرابح في النهاية". وأضيف، سأبقى يا رشيد رابحا معك ومع الطيبين، وحسبي قوله تعالى "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه".