وطنية - 31/5/2008
رأى رئيس "التيار الوطني الحر" النائب العماد ميشال عون خلال العشاء السنوي للتيار الوطني الحر، "ان كل مسيحيي الشرق يهربون ومسيحيو لبنان عائدون"، مؤكدا "اننا اليوم اعدنا في الدوحة حقوق المسيحيين بأن يعبروا بأصواتهم الذاتية عن ممثليهم".
وقال العماد عون: " مررنا بهذه السنوات الثلاث بعد العودة بأيام عصيبة جدا، وكان على الانسان أن يتحضر فيها للتلاقي مع كل الصعوبات. استطعنا أن نحل مشاكل خلافية قوية وأن نزيل الحواجز النفسية بين الناس، أعدنا الانفتاح الكامل على مكونات المجتمع اللبناني كله. بدأنا ثقافة جديدة، ثقافة الحوار للبناء وليس ثقافة التصادم للتهديم. نزعنا الخوف من قلوب الناس وصرنا نزرع محبة بين المواطنين. لكن مع الأسف اعتبرت هذه الانجازات وكأنها لغم للمجتمع، لأن من يلعبون بلبنان يريدون التصادم والتباعد. لديهم نزعة للسيطرة، وهذه النزعة تقتضي أن يكره الناس بعضهم البعض ويخافون بعضهم وأن تبنى العلاقات بين البشر على الخوف والحذر والشك".
اضاف:" كانت التجربة قاسية كثيرا خصوصا مرحلة التفاهم مع حزب الله، هذا التفاهم الذي فتح جغرافية لبنان كلها على بعضها، وفتح عهدا جديدا للتعاطي الايجابي. أتت الحرب وويلاتها ووقفنا في الموقف الصحيح. لا يهم أن يأخذ الشخص الموقف بعد النتيجة ويصفق لها، المهم أن يأخذ الموقف قبل النتيجة وأن يساهم فيها".
وتابع:" في الخيار السياسي البعيد الذي اخترناه، عرفنا أن ليس للغرب مصلحة معنا بعد اليوم، مصلحته إسرائيل من ناحية ومن ناحية أخرى النفط، ونحن لا مكان لنا في مصالحه الحالية، ولذلك كل همه هو أن يحل مشكلة اسرائيل على حسابنا بتوطين الفلسطينيين في لبنان، وأن يراضي دول النفط لأن مصالحه المادية موجودة هناك. لذلك كان علينا أن نختار سياسة تتناغم مع مكونات المجتمع اللبناني وهذا محيطنا الصغير، وتتناغم كذلك مع المحيط والدول المجاورة. أي أن نبني علاقات صلبة ومتينة وندية. كل هذه الأمور لم يعتدها المجتمع اللبناني عامة والمسيحيون خاصة، لذلك خلقت خوفا وقلقا لدى البعض، ولكن ثقتنا بأنفسنا وبحسن الخيار وبرؤيتنا السليمة جعلتنا نتموضع قبلكم، وطلبنا منكم أن تعطوا الفرصة لهذه التجارب التي نقوم بها. وبالأمس في الدوحة نلتم نتائجها".
اضاف:" كل مسيحيي الشرق يهربون ومسيحيو لبنان عائدون. كثيرة كانت التوقعات في العالم منذ 25 و30 سنة عن انقراض مسيحيي الشرق وكثيرة الكتب التي كتبت عن هذا الموضوع. ولكن السياسة الغربية هي التي كانت تقرض المسيحيين في الشرق، السياسة الغربية لم تدع مسيحيا في فلسطين والأماكن المقدسة. السياسة الغربية لم تدع مسيحيا في العراق، وكانت تنوي أن تكمل علينا بتهميشنا وبالتعاطي معنا وكأننا شيء فائض في المجتمع".
وقال العماد عون: "نحن موجودون، وبقوتنا الذاتية وكفاءتنا، جذورنا هنا وننمو هنا وغدا سترون الأيام الآتية من ستكونون. خلال هذه المرحلة تعذبنا كثيرا، الى حد أن الناس يئست، ولا ألومكم إذا خاف أحدكم أو قلق، ولكن ألوم المؤسسات التي يفترض بها أن تكون هي الثابتة والدافعة للنضال، فكانت أول المستسلمين وأخذت تشد بنا الى الوراء حتى نستسلم نحن أيضا ".
واشار الى ان "ثقافتنا المسيحية نستمدها من سيرة السيد المسيح ومن الإنجيل وتعاليمه. في انجيل الوزنات يتحدث المسيح عن ذلك الذي أعطاه سيده خمس وزنات فعمل وضاعفهم، وبالنهاية قال له "كنت أمينا على القليل فكن أمينا على الكثير، أدخل الى نعيم سيدك".
وللثاني الذي أعطاه وزنتين قال له الشيء نفسه، لأنه أيضا عمل وضاعفهم. أما الذي ذهب وخبأ الوزنة خوفا من ضياعها فعندما اعادها الى سيده بعد عودته وبخه السيد واستعادها منه ولم يعطه غيرها. هذا هو الموضوع، لماذا عوقب الأخير؟ هو لم يسرق المال ولم يأخذه ويتصرف به، فما السبب لكي يستعيده منه سيده ولا يعطيه أي شيء؟ استعاد الوزنة منه لأنه لم يجد عنده التزام. الله يعطينا المواهب ويجب أن يكون لدينا التزام بهذه المواهب وأن نثمنها، هي لا تقاس بالمال فقط. ليس قصة مالية بل معنوية".
اضاف:" يجب أن يكون لكل منا التزام. المحايد في المجتمع هو بيت برسم الإيجار. المستقل هو انسان مدعي لأن لا أحد لوحده يمكن أن يقوم بشيء ما. نحن في حاجة الى جهدكم جميعا، وأنتم تحملون الرسالة أينما تذهبون، نريد أن نعيد لمجتمعنا معانيه الأصلية وثقافتنا الأصلية. مجتمع التخاذل والهروب، مجتمع يعاقب من ينجح ويكافىء الهارب والمتلطي والغائب عن الحضور هو ليس مجتمعنا وهو ضد تعاليمنا وضد سلم قيمنا.
فإذا من الآن وصاعدا، يجب الا يكون هناك محايد، وذلك ليس بمعنى أن نتصادم مع الآخرين، ولكن يجب أن يكون عندنا خيار والتزام وأن نجاهر به".
واكد "اننا اليوم أعدنا في الدوحة حقوق للمسيحيين بأن يعبروا بأصواتهم الذاتية عن ممثليهم، والباقي مهمتكم أنتم.. كان لدينا 4 دوائر انتخابية، حرروا 8 غيرهم، كنا في زحلة - جبيل - كسروان - المتن الشمالي. هذه المجموعة التي حررت مقاعدنا النيابية هي نفسها ساهمت اليوم بتحرير الأشرفية - المدور - بعبدا - جزين - البترون - الكورة - زغرتا - بشري.. اليوم تعبدت الطريق للعودة الى ممارسة السلطة كسلطة. اليوم لا يوجد سلطة لرئاسة الجمهورية وجميعكم يعرف ذلك، والسلطة تتمثل بمجلس الوزراء.
وإذا أكملتم الرسالة التي بدأناها سنة 2005 وأوصلنا ممثلين من النهج السياسي الذي نمثله، فسيكون المسيحيون في قلب السلطة وسيعيدون اليها التوازن، وتعود حقوقهم الباقية كاملة. أكيد لا يزال هناك بعض الثغرات، لم نتمكن من سدها لوحدنا. هناك مراكز مسيحية لم نقدر أن نصححها كالمقعد الماروني في طرابلس وفي البقاع الغربي.... مقاعد نيابية أسندت الى دوائر لا يوجد فيها العدد الكافي من المسيحيين حتى يصوتوا.
ولكن في هذه الأثناء، هذه تفاصيل، فالقسم الأكبر من الموضوع تحقق ومن تحرر اليوم يمكن أن يكمل فيما بعد ويحرر البقية". وتمنى "أن يكون هذا التحرر من التبعية وعودة حرية التعبير، وأن تمارس بمسؤولية حتى يعود كل لبنان متوازنا، وتساهم كل مكوناته في شراكة متساوية حتى نؤمن العدالة والتكامل والتعايش الصحيح".
وردا عن سؤال عن مقعد الأقليات في بيروت الذي نقل الى الدائرة الثالثة أجاب: "موقع الأقليات نقل الى الدائرة الثالثة بسبب عدم مساندة مسيحيي 14 آذار لنا، وأبقينا الموضوع معلقا، وان شاء الله في القانون الجديد نتمكن من إعادته الى حيث يجب أن يكون، لأن قوانين الانتخاب تعدل دائما، وان شاء الله أن يكون القانون المقبل أفضل من القانون الحالي".