ورأى السيد فضل الله في تصريح له تعقيبا على ما توصلت إليه القيادات اللبنانية في الدوحة أن التسوية التي خرجت بعملية قيصرية لم تكن لتتم لولا تضافر الكثير من العوامل الخارجية والداخلية التي شكلت منطلقا للخروج إلى فضاء سياسي جديد نأمل أن يطل على مرحلة أكثر رحابة، سواء على مستوى الخطاب السياسي أو على مستوى الحركة والموقف.
أضاف:إن التجربة التي عاشها اللبنانيون في السنوات الأخيرة والتي أفسحت في المجال لكثير من العناصر الخارجية أن تدخل على خط حركتهم الداخلية لتعطل إمكانات الحل أو الحلحلة، كانت من أصعب التجارب وأخطرها، وخصوصا في ظل الحرب الإسرائيلية على لبنان والتي صنعت واقعا من الآلام والمآسي والقلق على الرغم من الانتصار الذي تحقق. وإن من المفترض أن تفسح هذه التجارب في المجال أمام اللبنانيين جميعا، وخصوصا من هم في مواقع المسؤولية، أن يعملوا لإخراج البلد من دائرة التجاذب السياسي إلى واقع الحلول العملية المرتكزة على قاعدة متينة وصلبة.
وتابع: إننا في الوقت الذي نعرف أن ثمة جهودا لبنانية كبيرة قد بذلت، وأن الموقف الشعبي اللبناني الحاسم الرافض ـ بشكل وبآخر ـ لعودة المتحاورين ما لم يصلوا إلى نتائج حاسمة في حوارهم قد ساعدا في الوصول إلى ما تم التوصل إليه، ولكننا نعرف أيضا أن هناك الكثير من المعطيات التي تحركت على مستوى المنطقة ساهمت في خلق مناخات ملائمة ومكنت اللبنانيين من العودة بتسوية نأمل أن تمهد لوفاق شامل لينتقل البلد من مرحلة المراوحة السياسية إلى مرحلة الإنتاج السياسي الحقيقي، الذي يرفع عن البلد كاهل الضغط الاقتصادي والمعيشي والتوتر الأمني الذي نأمل أن لا نلتقي به مجددا عند المنعطفات السياسية في المنطقة أو في الداخل، وأن يكون الذي حصل إنذارا للجميع ليحركوا خطاباتهم ومواقفهم وقراراتهم بما يحفظ للبلد توازنه وبما لا يمثل تحديا للبنان في قضاياه الحيوية والمصيرية.
وختم: إننا نعرف تماما بأن مشكلة المشاكل في لبنان تتمثل في النظام الطائفي القادر على استجلاب المشاكل بين مرحلة وأخرى، وعند هذا المنعطف أو ذاك، كما نعرف بأن ملامسة هذه المشكلة لا تزال في نطاق الممنوعات السياسية التي تتحفظ عليها الزعامات من هنا وهناك، ولكننا ندرك تماما بأن هناك في لبنان ما يمكن أن نطلق عليه اسم الأكثرية الصامتة أو حتى الناطقة من كل الطوائف التي تطمح لمقاربة المشاكل اللبنانية على مستوى الجذور ومن خلال العمل لإخراج البلد من شرنقة النظام الطائفي.
ولذلك فإن هذه الأكثرية تستحق بأن يؤخذ رأيها بعين الاعتبار وأن يبدأ الجميع بدراسة الصيغ التي من شأنها أن تجنب البلد خضات سياسية وأمنية كبرى بين وقت وآخر، وهو الأمر الذي نأمل أن تعكف الطبقة السياسية على وضعه موضع التداول، فلعل الخلاص الحقيقي يبدأ من هنا لا من خلال التحاصص السياسي والانتخابي الذي يطل برأسه عند هذا الحدث أو ذاك ليوحي للبنانيين بأنه يمثل خشبة الخلاص الوحيدة في هذا الأتون السياسي والاجتماعي والاقتصادي المتفجر.