وطنية- 23/4/2008
استغرب رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني الوزير السابق طلال ارسلان في مؤتمر صحافي عقده في السرايا الارسلانية في الشويفات، عدم إحالة المتفجرة التي وضعت على طريق دارته على النيابة العامة العسكرية.
وأكد أن انتقاده لبعض الضباط ليس تحاملا على المؤسسة، لكن ما يجري بحق مناصرينا في ظرف سياسي وأمني، يكشفنا أمنيا بطريقة متعمدة.
وتطرق الى الاخبار الذي وجهته قيادة الجيش الى المحكمة العسكرية، وقال: لم نفاجأ بالبيان الصادر أول من امس عن مديرية التوجيه في قيادة الجيش، والذي يتضمن الكثير من التحامل علينا، إذ يصور الانتقادات التي وجهناها الى قائد الجيش ومدير المخابرات على انها تناول للمؤسسة العسكرية كمؤسسة.
وعند هذه النقطة الاولى لا بد من التوقف بجدية ومسؤولية لقول الآتي:
- أولا: إننا، وفي الانتقادات المحقة التي وجهناها الى قيادة الجيش منذ حادثة الانتشار المروع للاهالي الامنين في بلدة الخلوات (قضاء حاصبيا) وخلفيات هذا الانتشار الذي نددنا به في حينه، كنا باستمرار نظهر حرصنا الاكيد والعميق والثابت على مؤسستنا الوطنية العزيزة (جيشنا الباسل)، كما نظهر حرصنا على التمييز الكامل والمطلق بين هذه المؤسسة الغالية على قلوبنا من جهة وسلوك بعض القيمين عليها من جهة ثانية.
- ثانيا: إن مجرد توسل هذا الاسلوب غير البريء بتصوير انتقادنا لادائهم على انه تحامل على المؤسسة، هو أمر يدعم صحة الانتقادات التي توجه اليهم، خصوصا على صعيد الانحياز ضدنا وضد مناصرينا في شكل بات لافت للانتباه، في ظرف سياسي وأمني غير مستقر يتم فيه كشفنا بطريقة متعمدة وبوضوح من جانب الطغمة الانقلابية التي تحتل السرايا وتمزق الدستور والميثاق الوطني وتعيث في الوطن فسادا وإفسادا وتبيعه في سوق النخاسة عند أسيادها الاجانب.
- ثالثا: لعل أكثر ما يؤذي في هذا البيان قوله إن قيادة الجيش تطمئننا الى وحدة المؤسسة العسكرية وثبات مواقفها الوطنية ومناعتها وشفافيتها، الى آخره. كما لو كنا ممن يفرط لا سمح الله بوحدة المؤسسة الوطنية. فيا ليتهم تسلحوا بالجرأة والاقدام ووجهوا سهام التنديد واللوم الى الذين سهلوا دخول التيارات الارهابية الى لبنان، ورعوها، وواكبوها، الى أن ارتكبت جريمة نهر البارد واستشهد العشرات من ابطال جيشنا المفدى. لم تصدر عن مديرية التوجيه في قيادة الجيش بيانات من هذا النوع ضد أولئك، لكنها تصدر ضدنا نحن، ضد اللبنانيين الوطنيين الشرفاء. هل لاننا نتمسك بمبدأ كشف الحقيقة بالفعل لا بالقول، كل الحقيقة، الحقيقة الفعلية غير المفبركة، عن كل مكونات جريمة نهر البارد الارهابية؟ هل يعقل ذلك؟
فلا يزايدن أحد علينا في شأن جيشنا اللبناني الحبيب، مهما علا شأنهم او ظنوا أن شأنهم رفيع، فبيتنا مهد الجيش اللبناني وبيته منذ لم يكن احد ممن ننتقد اليوم قد ولد بعد.
- رابعا: نعم، عندنا أشياء خطيرة في حوزتنا حين تحدثنا عمن يدور في فلك مدير المخابرات, وربما لم يكن هو مطلعا على سلوكهم، ولفتناه الى دورهم التخريبي المشبوه.
- خامسا: لقد نسي أصحاب بيان في مديرية التوجيه في قيادة الجيش أننا كنا في مقدم من دافع عن الجيش يوم راح العديد من أوساط الموالاة الانقلابيين ينهالون بالكلام المؤذي على قائد الجيش، بينما كان جنودنا الابطال يدافعون عن الوجود في نهر البارد. ولكن يبدو أن طموحات الرئاسة تضعف الذاكرة بقدر ما تضيع البوصلة.
- سادسا: نعرف جيدا أنه ربما كان أكثر ما يزعج قائد الجيش منا أننا منذ مدة غير قصيرة انفردنا عن الجو السياسي وبادرنا الى نفي صفة الحيادية عنه واعتبرناه مرشحا غير وفاقي. ولقد بات العديد من السياسيين يشاطرنا هذا الرأي ويعتبر أن صفة المرشح الوفاقي لم تعد متوافرة في قائد الجيش.
ولعل أكثر ما حدا بنا الى هذا الموقف، بالاضافة الى الانحياز الذي أشرنا اليه آنفا، هو تبني ترشيح قائد الجيش، وبقوة ملحة من الدول نفسها التي تتمسك بالسنيورة.
فصرنا نسمع من هذه الدول، عند كل صبيحة ومساء، طلبا ملحا وضاغطا لانتخاب العماد سليمان، بل أكثر من ذلك، صارت تتوالى على لبنان التهديدات بالويل والثبور وعظائم الامور، وبالنار والدمار، إن لم ننتخب العماد سليمان رئيسا للجمهورية؟ هذا ما نعيشه يوميا في التلفزيونات وفي الاذاعات وفي الصحف. ويأتي كل ذلك في شكل تهديد، تماما كما يحدث في شأن السنيورة، بحيث جعلوا من الاسمين متلاصقين متلازمين، وهذا اسوأ جوار يفرض على العماد سليمان وأسوأ خيار يفرض علي لبنان.
وهنا أود أن أخاطب قائد الجيش، ليس بصفته العسكرية، بل بصفته أبرز المرشحين لرئاسة الجمهورية، أو بالاحرى بصفته أبرز الاسماء المطروحة لرئاسة الجمهورية، اسأله الآتي: ألا تشكل هذه الحملة حرقا لاوراقك في السباق الى الرئاسة؟ وهل فعلا هذه الدول تريد وصولك الى رئاسة الجمهورية؟ اذا كان الجواب بالايجاب، فلماذا تشوه هذه الدول أوراقك بالطريقة التي تحدث؟
ثمة علامات استفهام كثيرة تطرح حول جدية وصدقية الدول التي تطرح اسم قائد الجيش للرئاسة، فيما تبين أن رغبتها متجهة الى إحداث الفراغ في الرئاسة. وهنا يفترض بقائد الجيش أن يعود الى موقع الوسط بين كل الأفرقاء اللبنانيين، لأن الفواتير التي توزع يمنة ويسرى لن توصل الى الرئاسة ولن تخدم مصلحة لبنان.
إن مصلحة لبنان العليا تكمن في بقاء جيشنا العزيز منيعا، محايدا، ملاذا للبنانيين على اختلاف ميولهم، لأن لبنان يحتاج الى عقلية منقذ لا يخضع لمنطق المقايضات.
والمثل يقول: صديقك من صدقك لا من صدقك. فأنا لم أتعود أن أطرح صداقتي على أحد، لكنني تعودت أن أصدق نفسي وأصدق الآخرين.
فإذا كان قائد الجيش يتقبل هذا المبدأ فالامور تكون جيدة، وإذا كان لا يرغب في تقبل هذا المبدأ فالامر يعنيه.
وردا على مواقف النائب وليد جنبلاط الاخيرة الداعية الى الحوار، قال ارسلان: المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، وأتمنى أن توجهي الي سؤالا عن شخص أستطيع أن أحدد أين موقفه السياسي وأين مبدأه. فليس هناك مبدأ ولا التزام، وكل يوم، صبحا وظهرا ومساء، هناك موقف جديد، ويختلق مواقف متعددة. السنة أربعة فصول، ولكن هذا الشخص له 600 الى 1000 فصل في السنة، حتى تغيرات الطقس لا تستطيع أن تضبط مواقفه.
والحقيقة أنني لا أتوقف عند مواقفه، وتهمني النهاية والجدية، ولن أدخل في أوهام الوعود الكاذبة. وإذا أرادت المعارضة الحوار فيجب أن نحافظ على كرسي لديفيد ولش ليكون ممثلا في الحوار.
وجدد ارسلان دعمه لوصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية اولا وثانيا وعاشرا وحتى المئة، وبعدها يتم البحث في مرشحين جدد.
وقال: العماد سليمان لم يتسع صدره لبعض الانتقادات، فكيف إذا جاء رئيسا للجمهورية، هذا إذا جاء؟.