وقال: "الى جانب ذلك، تتواصل لقاءات رئيس السلطة الفلسطينية مع رئيس وزراء العدو، من دون أن يحصل منه على شيء في مسألة تخفيف المعاناة القاسية عن الشعب الفلسطيني، وبالتالي فهو لن يحصل على أي شيء فيما يخص المسألة السياسية والتفاوضية، لتكون هذه اللقاءات وسيلة من وسائل تمرير الوقت الضائع الذي يساعد إسرائيل على استكمال إستراتيجيتها، كما يساعد الإدارة الأميركية المحافظة في الحصول على تأييد اللوبي اليهودي في أميركا".
اضاف: أما وزيرة خارجية العدو التي حلت ضيفة على منتدى الدوحة في قطر، فقد حاولت ـ من هناك ـ أن ترسم للعرب إستراتيجية يتنكرون فيها لتاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم، ولينخرطوا في جبهة عربية ـ إسرائيلية تواجه إيران، ولتسعى هذه الجبهة لتحقيق تفاهم سياسي وأمني يتصدى لما أسمته "التهديد الإيراني"، وقد جاء ذلك في الوقت الذي أظهرت فيه استطلاعات للرأي جرت اخيرا أن غالبية العرب ينظرون إلى إسرائيل كعدو، ولا يعتبرون أن إيران تشكل خطرا عليهم أو تهديدا لهم".
واوضح: "إننا نلاحظ هبوطا مخيفا على مستوى الموقف الرسمي العربي، بالتوازي مع تصاعد حركة المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي والأميركي، كما نلحظ ضغطا أميركيا متواليا على الأنظمة العربية لدفعها إلى الابتعاد عن إيران والاقتراب من الكيان الصهيوني، لتعديل التوازن الذي يعتبر الأميركيون بأنه اختل لمصلحة قوى المقاومة والممانعة في المنطقة منذ هزيمة إسرائيل في تموز من العام 2006، إلى التخبط الأميركي في العراق، وصولا إلى معركة غزة الأخيرة".
وقال: "ان مشكلة إيران لدى أمريكا وإسرائيل في كونها تنفتح على حركات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق، إلى جانب انفتاحها على العالم العربي كله في علاقات صداقة وتعاون سياسي واقتصادي، وتكامل أمني في مسألة الدفاع عن أمن الخليج، ولكن المطلوب أميركيا من إيران هو أن تنخرط في الخط المعادي لقضايا الأمة، وأن تنفتح على أميركا وإسرائيل، وأن تبقى في سياق دول العالم الثالث فلا تفكر بتحديث اقتصادها، ولا بالانفتاح على المشاريع العلمية في إطار ملفها النووي السلمي، ولذلك يطلب من العرب ــ على مستوى الكثير من الأنظمة ــ أن يلوحوا لها بخيارات الفتنة تارة، أو أن يفتحوا أبوابهم لعدوها وعدو الأمة تارة أخرى، ضمن محاولات تهويلية للضغط عليها، وفي سياق متزامن مع الضغوط الأميركية للتفاوض معها حول الواقع العراقي".
واوضح: "إننا نقول لبعض العرب ممن يستعجلون اللقاء مع الصهاينة: رويدا رويدا، وإذا كنتم لا تحسبون حسابات شعوبكم فعليكم أن تدرسوا الواقع جيدا من حولكم، لتعرفوا بأن إسرائيل التي لا يمكن أن تتخلى عن خطها البياني في ارتكاب المجازر ضد العرب، كما فعلت وتفعل بالفلسطينيين وكما فعلت باللبنانيين والسوريين والمصريين.. أن إسرائيل هذه لا يمكن أن تكون صديقة للعرب إلا على طريقة الصداقة بين الذئب والحمل، وأن إسرائيل النووية لا يمكن أن تكون المخلص للعرب من تهديد مزعوم لجار إسلامي لا يطمح إلا للتكامل معهم على المستوى النووي السلمي، وأن هذه "الجبهة" التي تدعوكم وزيرة الخارجية الصهيونية للانخراط فيها تقع في دائرة الخطر والتدمير الكبير للواقع العربي والإسلامي ولواقع المنطقة بأكملها".
وحذر "من الحركة الاستكبارية التدميرية في العراق، والتي يتحرك فيها الموساد الإسرائيلي جنبا إلى جنب مع الأميركيين، إضافة إلى التطابق في الدور بين الطائرات الأميركية التي تقصف المدنيين الأبرياء في مدينة الصدر والبصرة وغيرها، وبين الطائرات الإسرائيلية التي تقصف المدنيين في غزة وغيرها، من دون أن ينكر عليهما أحد إرهابهما وبطشهما.. ثم تلقي الإدارة الأميركية باللائمة في وصول الوضع في العراق إلى هذا المستوى على إيران، في الوقت الذي يعرف الجميع بأن ما يصيب العراقيين من مآس وآلام وفوضى تدميرية تتحمل مسؤوليته القوات الأميركية المحتلة، التي خلقت هذا الواقع وعملت على رعايته لحساب خططها الساعية للسيطرة على منابع النفط، والإمساك بالمواقع الإستراتيجية في المنطقة".
وتحدث آية الله فضل الله عن لبنان فقال: "أما في لبنان، فنلتقي ببشرى أميركية جديدة زفتها إلينا "رايس"، وتبشر فيها باستمرار الفراغ في الرئاسة الأولى على أساس أنه لا "يضير الأميركيين"، على حد قولها، وتدعو للتمديد للمجلس النيابي الحالي، وكل ذلك في نطاق الديموقراطية التي تحمل الإدارة الأميركية رسالتها التبشيرية إلى منطقتنا. إننا أمام ذلك نسأل اللبنانيين، كما نسأل العرب في مبادرتهم، هل أبقت الإدارة الأميركية لهم من شيء يختبئون خلفه؟ وهل بقي هناك من يشك في الدور الأميركي التعطيلي الذي يريد للأزمة أن تستمر وترحل إلى العام القادم؟".
اضاف: "إننا نعتقد بأن لبنان لا يزال يتحرك في داخل المأزق الذي تشرف المخابرات المركزية الأميركية وإدارتها السياسية عليه لإبقاء الأزمة في دائرة التعقيد، ولتحريك الجدل السياسي العقيم الذي يدير المسألة على أساس مسؤولية هذا الفريق أو ذاك، بينما يعرف الجميع أن المسألة في تعقيداتها السياسية ليست لبنانية، بل هي خاضعة للعبث الأميركي بالواقع العربي كله، والذي يشرف حتى على الاتهامات التي تلقيها هذه الجهة العربية على الجهة العربية الأخرى أو العكس، حيال المسألة اللبنانية".
وختم: "وهكذا، يستمر لبنان في الحلقة المفرغة والدوامة الخانقة التي تنطلق فيها الخطابات الاستهلاكية التي تثير الحديث عن حقوق المواطن الذي أضحى فريسة للتراشق الكلامي الاستهلاكي، ولغول الجوع الذي يفتح فاه ليبتلع الفقراء والمستضعفين من دون أن يسأل عن طوائفهم ومذاهبهم وخطوطهم السياسية، ولوحش الغلاء الذي يأكل مدخراتهم الصغيرة، ليترك دولة مهشمة في صورة الزعامات التي لا ترى إلا نفسها، ولا تتطلع إلى الناس إلا كأرقام قابلة للاستخدام في لعبة الإثارة السياسية والطائفية والمذهبية التي أكلت الكثير من البلد، ولم يبق منه إلا القليل.