المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

آية الله فضل الله: من يتحدث عن العلاقة مع سوريا يتحدث بأسلوب يعقد المسألة وعلى الشعوب ألا تسقط أمام أي تهديدات

11/4/2008

ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين.

ومما جاء في الخطبة: "في فلسطين المحتلة عرض عضلات إسرائيلية، من خلال مناورات عسكرية وصفت بأنها الأضخم منذ تأسيس الكيان الغاصب، وهي مناورات فرضتها الحالة النفسية المأزومة لإسرائيل، بمسؤوليها وجيشها ومستوطنيها، جراء الهزيمة القاسية التي ألحقتها المقاومة الإسلامية بها في حربها على لبنان في صيف 2006 وما رافقه من عدوان وحشي على البشر والحجر، وقد حاولت إسرائيل إرسال رسائل تطمين إلى أكثر من طرف، في الوقت الذي تواصل فيه تهديداتها العنترية لإيران وسوريا والمقاومة في لبنان".


ورأى آية الله فضل الله "نعتقد أن هذه المناورات تحاول أن تبعث برسالة إلى الخارج، كما إلى الداخل الصهيوني، بأن إسرائيل لا تزال الدولة الأقوى في المنطقة، وأن جيشها هو الجيش الذي لا يقهر على الرغم مما واجهه من خسائر مادية ومعنوية في حربه على لبنان والمقاومة، كما تعمل هذه المناورات على إثارة حرب نفسية ضد العالم العربي لئلا يفكر في التعبئة الجهادية ضد الكيان الصهيوني، وفي تقوية حركة الممانعة للاحتلال، سواء أكان إسرائيليا أو أميركيا، في ظل قمع رسمي للشعوب من قبل بعض الأنظمة الخاضعة للسياسة الأميركية والمنفتحة على الصداقة للعدو الصهيوني، بعدما أسبغت الإدارة الأميركية عليها صفة الاعتدال".


ودعا "شعوبنا العربية والإسلامية، ولا سيما في الظروف الحاضرة التي تتعرض فيها المنطقة كلها إلى الهجوم الاستكباري والتحديات الأميركية والأوروبية، الى أن ترتفع إلى مستوى الموقع التاريخي الحضاري للأمة، وأن لا تسقط أمام أية تهديدات عسكرية نفسية تثيرها الإدارة الأميركية ـ ومعها إسرائيل ـ من أجل هزيمة الروح وإسقاط الموقف، لأننا نملك من أسباب القوة أكثر من موقع، ولأن تجربة الحرب في تموز أثبتت قدرة المجاهدين على إنزال الخسائر بالعدو، وإسقاط مقولة "الجيش الذي لا يقهر".

وعلى ضوء هذا، فلا بد من تنمية قدرات الأمة كلها على المواجهة للتحديات، وتحريك روح المقاومة والممانعة فيها، والابتعاد عن ذهنية الضعف الذي يوحي بالهزيمة، لأن هذه المرحلة الخطيرة والحساسة التي نمر فيها تستوجب من جميع المخلصين في أمتنا الانفتاح على قضايا الحرية والعزة وبناء المستقبل على أساس القوة والثبات، وإننا نعتقد بأن العملية الأخيرة لفصائل المقاومة في غزة، والتي فاجأت العدو وأربكته، جاءت بمثابة الرد العملي على الحصار الوحشي لقطاع غزة، وقد استطاعت المقاومة أن تصيب العدو في عنفوانه وتظهر هزالة استعداداته في مناوراته وتهديداته".


وإعتبر "أن اللقاءات بين رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس وزراء العدو لا تمثل إلا مضيعة للوقت، ومحاولة إسرائيلية لكسب تأييد الرأي العام العالمي، ولا سيما الأميركي - والأوروبي، بأنها تسعى نحو السلام، ولكنها لا تحقق للفلسطينيين أي مطلب من مطالبهم للحصول على حقوقهم، وقد صرح مسؤولو العدو أن إسرائيل ستواصل عمليات البناء في منطقة القدس وفي الكتل الاستيطانية الكبرى، ومعنى ذلك أن هذه المناطق ستكون جزءا من كل اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين، من دون أن تنفذ إسرائيل أي التزام من التزامات مؤتمر أنابوليس، وأهمها وقف النشاطات الاستيطانية وإزالة الحواجز والإغلاق، في الوقت الذي لا تزال الضفة تعاني ـ بحسب بعض مسؤولي السلطة الفلسطينية ـ من نظام إغلاق محكم تمارسه إسرائيل، إضافة إلى تعزيز إسرائيل لسياستها الاستيطانية التي تمنع أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة".


وقال: "أما الإدارة الأميركية، فإنها تعالج ذلك بالتصريحات الاستهلاكية التي لا تمثل أي ضغط على حليفتها الفضلى إسرائيل، لأن الخلفيات السياسية لهذه الإدارة تعمل، بالتنسيق مع حكومة العدو، على استكمال إستراتيجيتها في مصادرة أكثر الأراضي الفلسطينية، مكتفية بالكلمات المنافقة المخادعة المتحدثة عن السلام الذي تضحك به على عقول بعض العرب والفلسطينيين بأنه سوف يتم في آخر هذا العام، معتمدة على سقوط القرارات العربية في المؤتمرات المتنوعة تحت أقدام العدو".


الوضع العراقي
وتناول العلامة الوضع في العراق فقال: "أما في العرق الذي يدخل فيه الاحتلال عامه السادس، فلا تزال آلة القتل الأميركية تستهدف المدنيين الآمنين، بحجة مواجهة الميليشيات المسلحة، وتتابع نشر الفوضى في الواقع العراقي من أجل بقاء الحصار الخدماتي والتمويني والسكني الذي يخدم سياستها، وتخطط لإيجاد حالة من الانقسام الطائفي والسياسي، وهذا يؤكد أن الاحتلال لم يستطع أن يحل مشكلة العراق، وأنه أخرجه من مشكلة ليدخله في أخرى لا تقل خطورة وتعقيدا، ولا يزال الاحتلال يغرق في الوحول العراقية، وباتت خسائره تفوق الأربعة آلاف قتيل، إضافة إلى آلاف الجرحى".

وأكد "إن الاحتلال الأميركي وملحقاته لم يفهم إلى الآن أن الشعوب العربية والإسلامية ترفض سياسته وإدارته وتعمل على مواجهة قوّاته في كل مكان، وهذا ما شهدناه في أفغانستان التي لم يستطع أن يحقق فيها أي انتصار لاستراتيجيته، بالرغم من وجود قوات حلف الأطلسي فيها، ولم يتمكن من منح الاستقرار لهذا البلد، بل إن الفوضى الأمنية قد امتدت إلى باكستان الحليفة لأميركا".


الساحة اللبنانية
وتطرق الى الوضع على الساحة الداخلية فقال: "أما لبنان الذي تطل عليه ذكرى الحرب المشؤومة في الثالث عشر من نيسان، فلا تزال أزمته السياسية الداخلية تراوح مكانها من دون أي تطور في اتجاه الحل، على الرغم من الحديث الاستهلاكي للموالاة والمعارضة في الالتزام بالمبادرة العربية التي اختلف العرب في تفسيرها، فأخذ بعض الدول ببعض التفسير الذي جعل منه طرفا، وأخذ البعض الآخر بتفسير آخر، ما جعل الدول العربية تتحول إلى ما يشبه الفريقين في الداخل، هذا إضافة إلى فقدان الثقة بين السياسيين اللبنانيين، بحيث لم يعد هناك لبنان واحد بالمعنى الوطني للوطن، بل هناك "لبنانان" تبعا للتعقيدات الحزبية والمذهبية والطائفية والتدخلات الدولية، حتى أن بعض الدول الكبرى ـ في تصريح بعض مندوبيها ـ لا تجد مشكلة في تجميد مسألة الرئاسة، لتبقى الحكومة ممسكة بزمام البلد بالشكل الذي يتناسب مع الخط السياسي الذي يخدم مصالحها".


وأضاف: "أما التضامن العربي فإنه يتخبط في تعقيدات المواقف العربية المتناقضة بشأن الأزمات المتنوعة، ولا سيما الأزمة اللبنانية والاتهامات المتبادلة بتعطيل الحلول، وهكذا نلاحظ أن بعض الذين يتحدثون عن العلاقة اللبنانية ـ السورية يتحدثون بأسلوب يعقد المسألة بدلا من أن يساعد على حلها، من خلال إثارة الخلافات والتعقيدات في أجهزة الإعلام بشكل أشبه بالحالة المعادية التي توحي بالتجميد بدلا من الحركة، ولذلك، فإن الأوضاع العربية سوف تبقى في حالة التجاذب السلبي الذي يحكم العلاقات الثنائية أو الثلاثية، الأمر الذي يجعل اقتراح اجتماع وزراء الخارجية العرب اقتراحا لا يعني شيئا بالنسبة إلى علاقة سوريا ولبنان، لأن اللغة هي لغة عداوة تجريمية لا لغة صداقة وانفتاح، ولهذا فإن هذا الجهد الذي يبذل في اتجاه بعض اللقاءات ستخضع نتائجه للتبريد السياسي، لتوضع في البراد العربي الذي وضعت فيه أكثر القضايا العربية".


وتابع: "ويبقى الشعب اللبناني يواجه وحش الغلاء الذي يفترس كل مدخراته، ومشكلة الدين المتصاعد الذي بلغ مستوى الـ45 مليار دولار، وربما يصل قريبا بفعل فقدان التوازن الاقتصادي الحكومي إلى الخمسين مليار دولار، هذا إضافة إلى إصدار بعض الدول العربية التعليمات لمواطنيها بالامتناع عن الاصطياف في لبنان بحجة اختلال الوضع الأمني الذي لا مشكلة فيه، ولكنها السياسة الضاغطة على الشعب اللبناني من بعض الأصدقاء".


ورأى "إننا في حاجة إلى أن يرتفع الصوت عاليا بالضغط على الذين يصنعون مشكلة هذا الوطن الفقير الجائع المحروم، ويزيدون في حرمانه من خلال إدخاله في متاهات الطائفية والمذهبية والحزبية، وحتى الشخصانية ممن يريدون للناس أن يعبدوهم من دون الله في حركة الوثنية السياسية، والسؤال: إلى أين يسير لبنان"؟

11-نيسان-2008

تعليقات الزوار

استبيان