آية الله فضل الله: سقوط عربي جديد يأخذ من العنوان اللبناني حجة وتبريراً والسجال العربي يقود لاهتزازات لبنانية داخلية
9/3/2008
رأى آية الله السيد محمد حسين فضل الله في تصريح اليوم، "اننا وعلى الرغم من كل اللقاءات والاتصالات العربية الأخيرة، لا نزال نلمح استهانة عربية مكشوفة بالقمة القادمة إلى المستوى الذي لا يشعر فيه بعض العرب بالحرج إذا ما سقطت القمة وسقط معها أكثر من واقع سياسي وحدوي داخل الوضع العربي في حجة أن الخلافات الثنائية بين هذه الدولة وتلك تقف حائلا دون التوصل إلى تفاهمات عربية أساسية في المسألة الفلسطينية واللبنانية وغيرها"...
وقال: "إننا نشهد سقوطاً عربياً جديداً يأخذ من العنوان اللبناني حجة وتبريرا، ولكنه في الواقع لا ينطلق من الحسابات العربية الدقيقة بقدر ما ينطلق من ضغوط أمريكية تهدف إلى استخدام القمة العربية القادمة في لعبة التجاذبات السياسية في المنطقة، بما يوفر أكبر غطاء للادارة الأمريكية كي تمارس ضغوطا متزايدة على هذه الدولة العربية أو تلك، من خلال هذا الاستغلال المتصاعد للمسألة اللبنانية، إلى مستوى تحريك بوارجها في شكل استفزازي أمام الشاطىء اللبناني بكل ما يوحيه من عرض عضلات متصاعد على طول الشاطىء السياسي العربي وعرضه".
اضاف: "وبذلك كفت الجامعة العربية عن أن تكون عاملا مساهما في توحيد العرب وفرصة للتشاور في أوضاعهم واستشراف المستقبل المعقد والصعب الذي ينتظرهم، وتحولت القمم العربية إلى ما يشبه الهراوة الأمريكية التي تستخدمها إدارة الرئيس بوش في الحساسيات والتناقضات العربية الداخلية بما يخدم مصالحها ومصالح إسرائيل. إننا نستغرب هذا النوع من الاستهتار بالمصير العربي الذي بدأ يتحول إلى ما يشبه المناظرات السياسية غير المباشرة، في الوقت الذي نعرف أن هناك جبالا من المشاكل ينوء بها الكتف العربي المتعب والمكدود، والذي يحتاج أكثر من أي وقت مضى لا إلى لقاء واسع ومدروس على مستوى القمة فحسب، بل إلى بلورة رؤية حقيقية في كيفية التصدي للعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة والأطماع الإسرائيلية خارجها، وإلى وضع الأسس الحقيقية لبناء اقتصاد عربي وإسلامي يسمح للأمة أن تكمل مسيرتها بين الأمم التي سبقتها بأشواط وتداعت عليها وعلى ثرواتها وقراراتها وإمكاناتها".
وتابع: "إن اللبنانيين يشكرون للعرب هذا الاهتمام بلبنان، وهذه العاطفة تجاهه وإن جاءت عند محطات سياسية معروفة، ولكنهم يدركون أن على العرب أن يبادروا إلى حل مشاكلهم في ما بينهم بالدرجة الأولى، ليساعدهم ذلك على تفكيك العناصر المتفجرة في الأزمة اللبنانية التي يعرف الجميع بأن فيها الكثير مما يتصل بالعلاقات العربية ـ العربية، ولكن فيها الأكثر مما يتصل بصورة لبنان ومستقبله والتزاماته الأساسية تجاه مسألة الصراع مع العدو. وذلك فضلا عن عناصرها الداخلية التي تتصل بتفسير "الطائف" والالتزام به وصولا إلى المسألة الرئاسية وصورة النظام الذي يحفظ البلد ويجعله متماسكا ولا يتركه فريسة للاهتزازات السياسية، وربما الأمنية، عند كل منعطف. ولذلك فلن يشعر اللبنانيون بأي انزعاج إذا ما تمكن العرب من حل مشاكلهم وإعادة الدفء إلى العلاقات في ما بينهم قبل أن يعودوا إلى الساحة اللبنانية موحدين متماسكين، وأن يبطلوا ألغام الحساسيات الداخلية في ما بينهم كمقدمة لابطال ألغام الحساسيات اللبنانية الداخلية".
وختم: "إننا وفي الوقت الذي نرجو فيه أن تنجح حركة اللقاءات الإسلامية ـ العربية والعربية ـ العربية التي جرت اخيراً، وخصوصا بعد اجتماع وزراء الخارجية العربية، نخشى من أن يكون هذا الحديث المتواصل في السجال العربي ـ العربي المعلن تارة والمضمر تارة أخرى، جزءا من لعبة خلط الأوراق وتحريك المسألة اللبنانية في عملية لعبة الأمم لتبقى على حافة الانتظار أو لتكون جزءا من الملهاة العربية والدولية، ولتتحرك كل التعقيدات من هنا وهناك، فتقود إلى اهتزازات لبنانية داخلية تواكب الاهتزازات المستمرة في العلاقات العربية ـ العربية. إن المشكلة تكمن في أن الجامعة العربية لم تتحرك في شكل فاعل في واقع الأزمات العربية ـ العربية منذ أن انطلقت، ولم تستطع أن تمثل قوة فاعلة للعرب لتحل أي مشكلة أساسية من مشاكلهم، وخصوصا في المسألة الفلسطينية أو في انطلاق العرب كقوة موحدة في مواجهة الضغوط الأمريكية المتصاعدة، وكل ذلك ونحن لا نزال نسمع بعض العرب يتحدثون عن ندية في العلاقة مع أمريكا، والكل يعلم أن هذه الندية لا وجود لها ولا واقعية لحركتها أمام هذا الهجوم الأمريكي المتواصل على الواقع العربي كله، وفي ظل الخضوع لتداعيات على مستوى الأنظمة بما يوفر فرصا جديدة لإدارة بوش لتمعن في تعميم واقع الفوضى من المحيط إلى الخليج".