الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة أكد على عقد قمة دمشق واستمرار المبادرة العربية ودعا لانتخاب الرئيس سليمان
جريدة السفير - 5/3/2008
دعا وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماع عقدوه في مقر الجامعة العربية في القاهرة الى "العمل على وضع العلاقات السورية اللبنانية على المسار الصحيح وبما يحقق مصالح البلدين الشقيقين، وتكليف الامين العام البدء بالعمل على تحقيق ذلك". وقال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى لـ"السفير" إن "هذه الاضافة النوعية ليست مرهونة بمدى زمني معين، بل هي مهمة تحتاج الى مدى زمني طويل خاصة في ظل التراكمات والتعقيدات التي شابت وتشوب العلاقات اللبنانية السورية في السنوات الأخيرة". وشدد موسى على "أهمية مقاربة هذا البعد في الأزمة اللبنانية، من دون أن يعني ذلك تخلي اللبنانيين عن تحمل مسؤولياتهم الوطنية تجاه بلدهم".
وجدد موسى في تقريره أمام الوزراء العرب حول نتائج مهمته اللبنانية، مطالبته الدول المعنية بممارسة نفوذها على الأطراف الداخلية في لبنان من أجل تسوية تؤمن انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن.
وبرزت مداخلات عربية عدة تحت هذا العنوان، حيث أكد بعض الوزراء العرب أن لا أحد يريد منافسة الدور السوري في لبنان، "ولكن لا يجوز تحت أي سبب من الأسباب تعطيل عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية متوافق عليه بإجماع عربي ودولي ولبناني".
وأكد وزيرا خارجية السعودية ومصر على هذا الموقف وأن انتخاب رئيس للجمهورية "يمكن أن يشكل مدخلا لاحداث اختراق في جدار الأزمة السياسية وكذلك من شأنه أن يساهم في اعطاء دفع لمساعي ترتيب العلاقات العربية العربية، قبيل موعد قمة دمشق بما يجعلها مناسبة للم شمل العرب ورص صفوفهم".
وأكد الوزراء في بيان أصدروه في ختام الاجتماع "التزام المبادرة العربية لحل الازمة اللبنانية ودعوة القيادات السياسية اللبنانية الى انجاز انتخاب المرشح التوافقي الرئيس العماد ميشال سليمان في الموعد المقرر والاتفاق على اسس تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في اسرع وقت ممكن.
وأشاد الوزراء بـ"الجهود التي بذلها الامين العام تنفيذا للمبادرة العربية"، وكلفوه "الاستمرار في هذه الجهود"، داعين "كل الدول العربية الى دعم جهوده في اتصالاتها بالاطراف اللبنانية وكذلك في اتصالاتها العربية والاقليمية والدولية".
ودعا البيان "قيادات الأكثرية والمعارضة (اللبنانية) الى التجاوب مع جهود الامين العام لتنفيذ المبادرة والتوصل الى توافق في شأنها دون ابطاء، وذلك في ضوء ما تم إحرازه من تقدم في لقاءات الاجتماع الرباعي السابقة". ودعا الوزراء العرب إلى "العمل على وضع العلاقات السورية اللبنانية على المسار الصحيح وبما يحقق مصالح البلدين الشقيقين، وتكليف الامين العام البدء بالعمل على تحقيق ذلك".
ورداً على سؤال حول الجهة اللبنانية التي ستوجه إليها الدعوة لحضور القمة، أعرب عن امله في معالجة هذا الموضوع "من خلال الجهود التي سيقوم بها الأمين العام قبل 11 آذار". وأضاف "تم الاتفاق على جدول أعمال القمة المقبلة في دمشق والتي ستعقد في موعدها".
وفي مؤتمر صحافي عقده في ختام الاجتماع العربي، قال عمرو موسى ردا على سؤال باللغة الانكليزية ان السنيورة سيمثل لبنان في قمة دمشق «تبعا للدستور» في حال عدم انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة الحادي عشر من آذار، مؤكداً ان القمة العربية سوف تعقد في دمشق في موعدها، وقال ان "جميع الدول العربية سوف تحضر القمة، اما مستوى التمثيل فلا يزال غير محدد وسوف نبلغ به من قبل الدولة المستضيفة".
وجدد موسى التأكيد أن المبادرة العربية لم تفشل بل هي تتقدم وأنها نجحت في احراز تقدم في الاطار لسياسي وقال ان الاتصالات مستمرة وأن مسألة حضوره الى بيروت رهن بنتائج الاتصالات.
وقالت مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة لـ"السفير" ان "الموضوع اللبناني استحوذ على أربع ساعات من الاجتماع الوزاري الثاني، وسبقته مشاورات ثنائية وثلاثية، أبرزها أكثر من اجتماع عقد بين وزيري خارجية السعودية الأمير سعود الفيصل وسوريا وليد المعلم، شارك في جزء منها عمرو موسى وبعض مساعديه وتناولت بشكل خاص الملف اللبناني بالاضافة الى العلاقات الثنائية المتأزمة بين البلدين".
وقالت المصادر إن الجانبين اتفقا على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة، لكن لم تحسم بعد قضية مشاركة العاهل السعودي شخصيا في القمة العربية، علما أن الرياض حسمت أمر مشاركتها وهي تنتظر على الأرجح مجريات الأمور حتى تقرر الموقف المناسب قبل نهاية آذار، وربما تجاريها بعض العواصم في الأمر نفسه".
وأشارت المصادر الى أن النقطة المستجدة في التعامل مع الملف اللبناني هي المقاربة الأولى من نوعها من جانب العرب للملف الأكثر حساسية، اي ملف العلاقات اللبنانية السورية، بوصفه يشكل أحد أبعاد الأزمة التي يشهدها لبنان منذ ثلاث سنوات.
وأوضحت المصادر أن الجامعة العربية لعبت دورا محوريا في هذا الصدد، "وذلك من منطق حرصها على أولوية تأمين التقارب العربي العربي وعلى خلفية الاعتراف بالدور السوري في لبنان وفي الوقت نفسه ضرورة أخذ مصالح البلدين وخاصة مصالح لبنان في الاعتبار، على أن تتخذ الحكومة اللبنانية كل الاجراءات التي تحول دون جعل لبنان ممرا لاستهداف سوريا".
لقاء الفيصل ـ متكي
وعدا الصياغة المبهمة للمسألة اللبنانية عن سابق تصور وتصميم، فإن القاهرة شهدت مع انتهاء اجتماع وزراء الخارجية العرب، وصول وزير خارجية ايران منوشهر متكي من جنيف، في زيارة مفاجئة، استهلها رئيس الدبلوماسية الايرانية باجتماع على مدى نحو مئة دقيقة في مطار القاهرة الدولي، مساء أمس، مع نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل. وخصص متكي والفيصل اجتماعهما الأول من نوعه منذ فترة طويلة للازمة اللبنانية «وتداعياتها المحتملة على القمة العربية المقبلة في دمشق»، وسبق ذلك لقاء مطول بين الفيصل ومساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش.