أضاف: هذا الفراغ نجم عن التحالف الرباعي الذي جاء مولودا غير طبيعي أنتج سلطة قامت على تحالف انتخابي عابر وليس على أساس تفاهمات سياسية وثوابت وطنية، أي انه كان اتفاق محاصصة ولم يرق الى التوافق على الخيارات اللبنانية الأساسية، الأمر الذي حول النظام اللبناني ومؤسساته الى متاريس ونوافذ للمحاور الإقليمية المتصارعة وجمد الواقع الداخلي المأزوم وجعله مرهونا بالتسويات الإقليمية المتعذرة حتى الآن. وبذلك باتت الأزمة اللبنانية ثانوية حيال أزمات المنطقة، وهكذا لم يأت التوافق على العماد ميشال سليمان كرئيس توافقي للجمهورية نتيجة حوار وتفاهم لبنانيين، بل ثمرة الوساطة الفرنسية بين المحورين السعودي والسوري. وحذر من أن يطغى تفاقم الأزمات الإقليمية على الأزمة اللبنانية.
وأعطى نموذجا من التفاهمات على الخيارات الوطنية الكبرى التي يجب ان تنجز قبل التحالفات الانتخابية وليس بعدها: توقيع ورقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله والتي طرحت على طاولة الحوار بمعظم ما جاء فيها من بنود لا سيما الإستراتيجية الدفاعية وقضايا الأسرى في السجون الإسرائيلية ومزارع شبعا والعلاقات مع سوريا والقرارات الدولية والسلاح الفلسطيني... الخ.
وتناول الاتهامات الموجهة الى المعارضة بعرقلة ما تم التوافق في شأنه في جلسات الحوار، فرأى ان المشكلة الأساس التي لم يتم حلها حتى اليوم تكمن في مستويات عدة: على المستوى الاستراتيجي لتحديد الخيارات الوطنية الكبرى، أي هل يكون لبنان محايدا أم طرفا في محور ما، عربي او دولي. وعلى مستوى الثقة المفقودة بين طرفي الصراع، الموالاة والمعارضة، فيما تحقيق المشاركة في السلطة يحتاج الى إعادة بناء هذه الثقة، لكن هناك العديد من التداخلات الإقليمية والدولية التي تحول دون ذلك.
واعتبر ان تجاربنا السابقة في هذا المجال مع فريق السلطة لم تكن مشجعة، بل كانت محبطة، خصوصا في موضوع رئاسة الجمهورية. وقال: نحن نرى انه إذا جاء رئيس للجمهورية - أي رئيس - وسط هذا الانقسام السياسي الحاد القائم فلن تكون له القدرة على ردم الهوة القائمة وتحقيق التوافق بين طرفي الأزمة ما لم تتوفر له المعطيات الداخلية الضرورية، ولا يجوز تحميل رئيس الجمهورية المسيحي هذا الوزر الثقيل الذي قد ينوء تحته ويفشل في بداية عهده مع ما سيترتب على فشله من انعكاسات وتداعيات بالغة الخطورة.
وعن قانون الانتخاب الذي احتدم الخلاف حوله، رأى أنه الممر الإجباري لإنتاج السلطة وقيام الدولة العصرية المتوازنة، وإذا كان هناك قانون يؤمن عدالة ودقة التمثيل أكثر من قانون 1960 فنحن سنكون أشد المتحمسين والداعمين له، محذرا من إضاعة فرصة تمرير هذا القانون الذي تمكنا من اخذ موافقة شركائنا في المعارضة عليه، من دون أن يتمكن مسيحيو الموالاة من إقناع شركائهم بالدوائر الأصغر. ودعا الى وقف التجاذب حول الكلام عن الحرب المفتوحة لأن أحدا لا يريدها ولا يسعى إليها، والإقلاع عن الإغراق في سياسة التمحور لأن ذلك يزيدنا غرقا في أزمتنا الداخلية التي لا مخرج لنا منها سوى بالحوار الصريح والجريء.