غاصب المختار
صحيفة السفير اللبنانية -29/8/2007
خلال الاسبوع الماضي وجه النائب العماد ميشال عون سؤالا الى أهل السنّة عموما، و«تيار المستقبل» بصورة خاصة، يطالبهما بموقف، ووجه النائب محمد رعد ما يشبه النداء الى جهة لم يحددها، لكن الارجح انه قصد بها «تيار المستقبل» ايضاً، يطالبه فيها ايضا بموقف.
قال عون: نحن نريد أن نسأل «تيار المستقبل» بالذات، هل هو مع التقسيم؟ إذا كان ضد التقسيم، فهل يوافق على دعوة تفرقة اللبنانيين التي يدعو لها (النائب وليد) جنبلاط و(الدكتور سمير)جعجع؟ هذا السؤال لـ«تيار المستقبل» الذي يمثل السنة بأغلبيتهم. نحن نعلم أن الكثير من السنة ليسوا مع «تيار المستقبل»، لكن نحن نسأل الآن السنة بشكل شامل الذين يؤيدون «تيار المستقبل» أو المعارضة، هل يؤيدون تقسيم لبنان وتجزئته؟ إذا قالوا لا، فهل يوافقون على هذه السياسة؟ وما هي نتائجها؟ أريد أن أسمع صوتا سنيا مسؤولا يقول ما هي نتائج هذه السياسة التي يبشر بها وليد جنبلاط وسمير جعجع؟».
وقال رعد: نحن نمارس صبرا غير مسبوق حفاظا على وحدة البلد والعيش المشترك فيه، وننتظر موقفا من جهة لن نسميها الآن، لكن موقف هذه الجهة هو الذي يحسم الأمور في اتجاه العودة إلى استقرار الوضع وتوحيد المؤسسات والتوافق على رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، أو الذهاب إلى التقسيم، وهذه الجهة مطلوب منها أن تحسم الموقف وأن تدلي بتوجيهاتها لمن يحتمون بعباءتها.
صدر موقفان عن مرجعيتين، الاولى تمثل اكثرية المسيحيين عموما، والموارنة خصوصا، والثانية تمثل اكثرية الشيعة، يطالبان من يفترض انه يمثل اكثرية السنّة في لبنان بموقف مما يجري، والى الآن لم يصدر جواب عن رئيس «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري. وهو مطالَب بجواب بسبب الجو المحموم الذي يعيشه البلد، لأنه في قلب المعادلة السياسية الداخلية والاكثر تأثيرا فيها، ولأنه يقول بتمثيل اهل السنّة بأغلبيتهم في لبنان وانه الناطق باسمهم والمدافع عن قضاياهم، وقضاياهم هنا لا تعني بالضرورة فقط لقمة العيش وقسط المدرسة وبدل السكن والنقل والطبابة التي يعاني السنّي للحصول عليها، كما الماروني والشيعي وكل لبناني. انها القضايا الوطنية الكبرى التي تعني المواطن في مصيره، والمتعلقة بمصير البلد كله، الذي بات على كف عفريت، اسمه الصراع الدولي والاقليمي الكبير حول مشروع الشرق الاوسط الجديد، الذي اعلنت كوندليسا رايس ان حرب تموز على لبنان هي المدخل لتنفيذه.
النائب سعد الحريري مطالَب بالإجابة عن تساؤل النائب عون، ومخاوف النائب رعد، وكلاهما حذر من ذهاب البلد الى التقسيم اذا ذهب خطاب جنبلاط وجعجع السياسي الى التنفيذ، بانتخاب رئيس للجمهورية «كيف ما كان»، او بالنصف زائدا واحدا، او «بمن حضر من النواب». والطائفة السنّية هي عصب البلد وعنصر استقراره، وهي احد رموز تاريخه الوطني والعروبي، وهي اكبر حاضنة تاريخية لقضايا لبنان والعرب والعروبة، ومن اكبر رافدي القضايا الوطنية والقومية بالرجال الكبار المناضلين للوحدة والاستقلال والسيادة الوطنية الحقيقية. لذلك هي معنية بسرعة الاجابة عن هذه المخاوف والتساؤلات.
لكن النائب الحريري غاب عن السمع منذ اكثر من اسبوعين، وإن بلغت اسماعه كل هذه المواقف، وتنامى اليه ما آلت اليه اوضاع السياسة اللبنانية خلال الاسبوعين الماضيين من صراخ وشتائم وتجريح واتهامات من فوق السطوح ومن تحتها وعبر «بلاكين» الشاشات والفضائيات وأعمدة الصحف، وحتى الآن لم يحرك ساكنا، في دعوة الى التهدئة أو الى استقطاب الهائجين من اهل السياسة، لأن السياسة ليست سبابا وشتائم واتهامات، أو مجرد تسجيل مواقف لتحسين شروط وتحصين مواقع. وأهل السنّة يطالبون مع عون ورعد بجواب من «الشيخ سعد» عن هذه المخاوف التي تنتابهم كما حال الآخرين، حول مصير البلد ومستقبل اولادهم ولقمة عيشهم، التي وحده الاستقرار السياسي يحفظها، وليس جيوش الارض مجتمعة.
الغريب ان احدا لم يسمع ان أياً من مساعدي «الشيخ سعد» نصحه بضرورة العمل على تبريد الاجواء المحمومة،بل لعل بعضهم يسهم في تسخين الاجواء،و اهل السنّة يريدون من ممثل اغلبيتهم في البرلمان والشارع ان يبادر، والشجاع هو الذي يبادر الى الحوار وتقديم المقترحات ومشاريع الحلول. فهل يقدم «الشيخ سعد» على خطوة شجاعة تُطمئن الخائفين على مستقبلهم لا الخائفين فقط على «تيار المستقبل»؟