آية الله فضل الله دعا السلطة إلى إعلان 14 آب عيدا وطنيا: تقرير "فينوغراد" أطلّ على حروب جديدة وتوازن جديد للرعب
3/2/2008
دعا آية الله السيد محمد حسين فضل الله، السلطة في لبنان إلى إعلان يوم الرابع عشر من آب، وهو اليوم الذي هُزِمَت فيه إسرائيل في حربها على لبنان، عيد انتصار للبنان واللبنانيين، والعرب والعروبيين، والإسلام والمسلمين، مع ما يترتّب على ذلك من مفاعيل العيد الرسمي في الجانب الاحتفالي وفي التقدير لأرواح الشهداء، وخصوصاً شهداء المقاومة.
وكشف عن أن خبرات المقاومة في لبنان انتقلت إلى جيوش عربية وإسلامية، داعياً الأنظمة العربية إلى الاستفادة من هذه الخبرات لتطوير نفسها من خلال هذا الإبداع اللبناني، وإلى الخروج من دائرة الخوف من أمريكا وإسرائيل، وعلى الأقل مفاوضة العدو بندّية. كما دعا إلى الإعداد للمرحلة القادمة في مواجهة العدو، مشيراً إلى أننا دخلنا في مرحلة جديدة من مراحل الحرب مع العدو، أو توازن الرعب معه، وهي المرحلة التي قد تطل على دخول المجاهدين إلى أرض فلسطين المحتلة في حال قرّر العدو القيام بحرب جديدة، وليس قصف مواقعه فيها فحسب... محذّراً في الوقت عينه من السعي المستمر لحروب الفتنة في فلسطين ولبنان.
تناول آية الله فضل الله في تصريح له، تقرير "فينوغراد" حيال الحرب على لبنان، وجاء في تصريحه:
"لقد أماط تقرير "فينوغراد" اللثام عن جملة من القضايا، آخذاً في الاعتبار مصلحة إسرائيل العليا قبل كل شيء، ولذلك فإن هذا التقرير يقرّ بالهزيمة الإسرائيلية، ولكنه في الوقت عينه يتغافل عن مجموع الجرائم والمجازر التي ارتكبت بحق الشعب اللبناني، كما أنه يُخفي الكثير من الأمور التي أصبحت في متناول الطبقة السياسية الإسرائيلية، والتي من الممكن أن تطل على أمورٍ أخرى قد لا تقل خطورةً عن العدوان المباشر على لبنان.
وإننا أمام ذلك، لا بد أن نتوقّف عند جملة من المعطيات:
أولاً: إن الاعتراف الإسرائيلي الرسمي بالهزيمة يمثّل جزءاً من الحقيقة التي ينبغي لكل العرب والمسلمين أن يعرفوها وبالتالي أن يشعروا ـ حيالها ـ بالكثير من الثقة بالإمكانات التي في حوزتهم، والتي تستطيع أن تصنع تاريخاً جديداً للنصر من خلال توافر جملة من الأمور على رأسها تدبير الخطة وإعداد الميدان الأمني والعسكري والشعبي لمواجهة العدو في أي وقت يفكر فيه بإعادة الكرة من جديد، وخصوصاً أننا نعتقد أن وضع النقاط على الحروف داخل الكيان الصهيوني حيال حرب تموز، ولاسيما في المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، يعني أن العدوّ يتحضّر لإيجاد ظروف ملائمة قد يحاول من خلالها إعادة التوازن الداخلي لمؤسسته العسكرية ـ التي أقرّ التقرير بفشلها ـ ولواقعه الشعبي الذي بدأ يفقد الثقة بإمكانات جيشه، وهو الأمر الذي قد يطلّ على عدوان جديد على لبنان أو على سوريا، أو قد يطل على اجتياح شامل لقطاع غزة بهدف استعادة المعنويات الساقطة ودفع العرب إلى التسليم بشروط إسرائيل في مسألة التسوية وفي المسألة الفلسطينية على وجه الخصوص.
ثانياً: إننا ـ ومن خلال معطيات التقرير والمعطيات الإسرائيلية السياسية الداخلية ـ نلاحظ أننا دخلنا في مرحلة جديدة يتسابق فيها الأطراف الداخليون الإسرائيليون في كيفية الإعداد لحرب جديدة لا ينتصر فيها العرب ولا تبقى فيها المقاومة على قوتها ومناعتها، وهو الأمر الذي يستدعي إعداداً مضاداً لمواجهة العدو، لأننا نعتقد أن السباق الانتخابي والسياسي في كيان العدو قد يقود إلى سباق أمني تدميري للواقع العربي بعامة واللبناني والفلسطيني بخاصة، وقد يتمثل ذلك بالتخطيط لتحريك أكثر من فتنة داخلية، وخصوصاً في فلسطين المحتلة، التي نلاحظ أن هناك من يصرّ على قطع الطريق فيها على أي حوار جدي مع "حماس"... وكذلك في لبنان الذي تجاوز بفعل العاقلين فيه أكثر من محطة من محطات الفتنة، وآخرها ما حدث خلال الاحتجاجات المطلبية في الضاحية الجنوبية.
ثالثاً: إننا نقترح على الأنظمة العربية التي لا تخرج من صفقة سلاح حتى تدخل في صفقة سلاح أخرى، لحساب الدولة التي تبيعها السلاح أو لحساب الطبقة السياسية التي تستفيد مالياً من هذه الصفقات، أن تقوم بمراجعة حقيقية حيال هذا الكمّ الكبير من الأموال التي تنفقها ليقودها ذلك إلى الاستعانة بخبرات المقاومين اللبنانيين، بما يؤسس لعوامل تحصين داخلية فيها، وبما يجعلها قادرة على الخروج من دائرة الخوف التي أدخلتها أمريكا فيها، وبما يؤهلها ـ على الأقل ـ للتفاوض مع إسرائيل بشيء من النديّة، إذا كانت لا تزال تخاف من كلمة تحرير ومدلولاتها وآفاقها على مستوى الأمة، ونحن لا نشير إلى ذلك على سبيل الدعاية، لأننا نعرف أن شيئاً من خبرات المقاومة المجاهدة في لبنان قد أصبح في متناول جيوش عربية وإسلامية، وليس من العيب في شيء أن يأخذ العرب إبداعاً لبنانياً كبيراً ليطوروه أو يتطوروا به.
رابعاً: إننا نعتقد أن الوقت الذي كانت تدخل فيه جيوش العدو إلى الأراضي العربية المحيطة بفلسطين المحتلة، وتخرج منها وفي جعبتها الأسرى والانتصار على العرب قد ولّى فعلاً، لأننا دخلنا ـ ومن خلال إنجاز المقاومة في لبنان ـ في مرحلة جديدة يمكن أن تكون مرحلة الحروب الجديدة التي تطل على توازن جديد للرعب، تواجه فيه إسرائيل وجيشها ما لا تتوقعه وما لم يدخل في حسبانها.
خامساً: إننا نقترح على السلطة في لبنان أن تعلن يوم الرابع عشر من آب عيداً، وهو اليوم الذي توقفت فيه الحروب بعد هزيمة العدو، يوم انتصار للبنان واللبنانيين والعرب والعروبيين والإسلام والمسلمين، وليترتب على ذلك كل مفاعيل العيد الرسمي في الجانب الاحتفالي، وتقدير أرواح الشهداء وخصوصاً شهداء المقاومة، وصولاً إلى العمل ـ بما تقتضيه المسؤوليات الوطنية الكبرى ـ من احتضان للمقاومة ومن حرص على توحيد الصفوف الداخلية بما يؤسس لوفاق سياسي حقيقي مبني على مواجهة العدو والعمل لمحاصرة خططه حتى على مستوى المستقبل".