وفي نهاية الاجتماع أصدر المجلس بيانا تلاه عضو الهيئة الشرعية العلامة القاضي الشيخ علي الخطيب، وجاء فيه:
"أولا: إن المسلمين الشيعة في لبنان كانوا على الدوام المدافعين عن الوطن ووحدته وعيشه المشترك والمتمسكين بالدولة ومؤسساتها الدستورية يدفعون في كل مرة من دمهم ضريبة الحفاظ على بلدهم وعلى استقراره وسلمه الأهلي، ولكن ما ارتكب بحق بعض أبنائهم بلغ حدا لم يعد في الإمكان تحمله أو الصبر عليه، إذ ان تحركاتهم السلمية المشروعة ومطالب فئاتهم الفقيرة لا تواجه بالرصاص الحي والعنف والقتل، خصوصا في الضاحية الجنوبية التي لم يكفها التدمير الصهيوني والاستيلاء على أموال المتضررين والحرمان المزمن حتى يهاجم أبناؤها وتستباح بعض أحيائها بالجنود والملالات وتطلق النار عشوائيا على الأبنية والمحال حيث بدا أننا في وطن لا يحكمه قانون أو مناقبية أو مبادئ.
ثانيا: إن الاعتداء الآثم والجريمة الغادرة التي ارتكبت ضد الضاحية الجنوبية والتي تتكرر للمرة الرابعة فاقت في وحشيتها كل تصور، وهو ما يدفع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إلى التحذير الشديد من خطورة ما حصل، فالاحتقان بلغ ذروته والناس ينتظرون طريقة التعامل مع الجريمة والمجرمين والمحرضين، لأن المستقبل السياسي في البلاد بات مرهونا بمستوى التعامل الجدي والمسؤول مع هذه الجريمة ومرتكبيها، وهي جريمة لن يكون مسموحا التغطية عليها أو تمييع حقائقها، أو التلطي خلف الانقسامات السياسية لتضييع دماء ضحاياها.
ثالثا: إن ما فاقم من خطورة هذه الجريمة هو مستوى التحريض والتضليل السياسي والإعلامي الذي مارسه بعض الجهات لتحقيق مكاسب رخيصة على حساب علاقات العائلات اللبنانية في ما بينها، وعلى حساب التلاقي بين أبناء المناطق المتجاورة، والذي يتجسد في الأخوة والمحبة، وهذا ما تجلى في مناسبات عديدة خصوصا خلال حرب تموز، إذ لم يعكر صفو هذه العلاقات سوى ما كانت تروجه تلك الجهات والتي بان زيفها فلم تقع أي أحداث أو أعمال شغب وما شابه وهذا ما كان يرتب مسؤوليات قانونية لما في هذا الترويج من إساءة لاستقرار البلد، لكن المزيفين للحقائق يستفيدون من غياب القانون وافتقاد البلاد لسلطة مسؤولة وشرعية، وفي هذا الإطار يشيد المجلس بوعي أهلنا وقواهم السياسية وحرصهم على العيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد من المسلمين والمسيحيين أو بين السنة والشيعة، ويؤكد على متانة الوحدة الوطنية واحتضان اللبنانيين لبعضهم البعض بما يتجاوز أوهام الحالمين بالإساءة إلى هذه الوحدة وإلى العيش المشترك.
رابعا: إن المجلس إذ يؤكد حرصه على دور الجيش في حماية الأمن والاستقرار والدفاع عن الوطن، يدعو قيادة الجيش إلى التنبه لما يخطط لزجها في صراعات مع من دافع عنها وحماها، ويطالبها بتحمل مسؤولياتها الوطنية بالإسراع في إنجاز التحقيقات وتحديد الجهات التي أطلقت النار على المدنيين العزل بكل ما يقتضيه ذلك من مترتبات قانونية كي تبرد النفوس، بما يساعد على التئام الجرح البالغ الذي أصاب جسد الوطن وكاد يودي به.
خامسا: إن الشهداء الذين قضوا والجرحى الذين سقطوا هم شهداء الوطن وجرحاه، قد سقطوا برصاص غادر وبخطاب سياسي وإعلامي تحريضي يستدعي محاسبتهم قضائيا ووطنيا مهد لهذه الجريمة ويوجب التعامل مع هؤلاء الشهداء والجرحى على هذا الأساس بكل المستويات والمترتبات، بعيدا عن لغة الكراهية والأحقاد الدفينة والخطابات التحريضية التي تعمق الانقسامات وتبث الفرقة من خلال الرقص على دماء هؤلاء الشهداء المظلومين وتحميلهم مسؤولية ضائقتهم المعيشية، وهي ضائقة تسببت بها سياسيات السلطات الحاكمة وتجاهلها لمطالبهم المحقة بل والتحريض عليهم، والتشفي بمأساتهم، وفي هذا المجال فإن المجلس يقف بجانب مطالب المحتجين الاقتصادية والاجتماعية، وهو في مقدم المدافعين عن كل المحرومين وحقوقهم في وجه السلطات الظالمة والمستبدة.
سادسا: يدين المجلس جريمة اغتيال الرائد وسام عيد ومرافقه وما أسفرت عنه من سقوط ضحايا أبرياء ويعتبرها جريمة تستهدف الاستقرار والسلم الأهلي ويدعو السلطات المختصة إلى تكثيف تحقيقاتها لكشف المجرمين وإحالتهم إلى العدالة.
سابعا: يقيم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وذوو الشهداء مجلس عزاء عن أرواح الشهداء الذين قضوا في مجزرة الشياح وذلك في مقره على طريق المطار الساعة الثالثة بعد ظهر يوم غد الأربعاء، ويدعو السادة العلماء وأهلنا الكرام للمشاركة.
ثامنا: يبقي المجلس جلساته مفتوحة لمراقبة التطورات ومتابعة التحقيقات".