آية الله فضل الله حذر من فتاوى هدم القبور واستغلالها من أجهزة الاستخبارات لإذكاء نار الفتنة
21/8/2007
أكد آية الله السيد محمد حسين فضل الله، أن بعض الفتاوى التي يختلف فيها الاجتهاد الفقهي ينبغي أن تعالج بالحوار بين العلماء لحسمها اجتهاديا، محذرا من استغلال بعض هذه الفتاوى من أجهزة استخبارات لإحداث فتن كبرى بين المسلمين.
وقال سماحته في بيان تناول فيه الفتاوى التي تجيز هدم القبور، جاء فيه: "نشرت مؤخرا بعض الفتاوى التي تجيز هدم القبور، ومنها قبور الأولياء والصالحين, انطلاقا من فهم اجتهادي لبعض الروايات الواردة عن النبي (ص) ونحن إذ لا نمانع في حق أي كان في الاجتهاد في فهم النص الديني إذا تم على الأسس العلمية الموضوعية، نحب أن ننبه إلى النقاط الآتية:
أولا: إن هذا الرأي الاجتهادي الذي تنطلق على أساسه هذه الفتاوى لا يزال محل جدل في الوسط العلمي الإسلامي، الشيعي والسني على حد سواء، وليس رأيا إسلاميا عاما حتى يلزم به أصحاب هذه الفتاوى المسلمين الاخرين ممن لا يرون الرأي نفسه.
ثانيا: إن مسألة بناء المقامات التي تحتضن قبور الأنبياء والأولياء أو العلماء منتشرة في أكثر من بلد إسلامي, فالعراق يحتضن مقامات لأئمة أهل البيت إضافة إلى مقامات لشخصيات إسلامية سنية، كالإمام أبي حنيفة وعبد القادر الجيلاني، وفي مصر هناك مقام للسيدة زينب بنت علي (ع) ولرأس الحسين (ع) والسيدة نفيسة، إلى بعض البلدان الإسلامية التي تبنى القبور فيها للشخصيات الدينية، ما يعني أن الفتوى بلزوم هدم المقامات سيطاول العالم الإسلامي بأسره، ولن يقتصر على موقع دون آخر, بل قد تصل المسألة إلى بعض القبور التي يلتقي على احترامها المسلمون جميعا، ما قد ينذر باهتزازات كبرى في العالم الإسلامي لا يملك أي كان إيقافها.
ثالثا: إنه في الوقت الذي يجد كثير من المسلمين إباحة بناء المقامات التي تحتضن قبور الأولياء، فإنها لا تمثل لديهم حالة من الشرك, لأن الذين يزورونها يحاولون تحية الأنبياء والأولياء، ولا يتعبدون لها من دون الله. وإذا كانت هناك بعض السلوكيات السلبية في هذا المجال، فإنها موضع نقد واستنكار من العلماء الواعين.
رابعا: إن هذه الفتاوى في مثل هذه الأمور التي يختلف فيها الاجتهاد الفقهي، ينبغي أن تعالج أولا بالحوار بين العلماء لحسم هذه المسألة على أساس اجتهادي، وينبغي ألا تطلق على هذا النحو، ولا سيما أن في واقعنا الكثير من نقاط الضعف التي قد تستغلها أجهزة الاستخبارات في سبيل خلق اهتزازات وفتن كبرى بين المسلمين، كما شهدنا ذلك في تفجير مرقد الإمامين العسكريين (ع) في سامراء، ما أدى إلى إذكاء مناخ الفتنة الذي عمل عليه الاحتلال منذ اليوم الأول لاحتلاله. إننا نؤكد على ذلك، ولا سيما في مثل هذه الظروف التي يعيش فيها المسلمون التحديات الكبرى، ويواجهون الكثير من الوسائل التي يحاول الاستكبار العالمي، ولاسيما الأميركي، إيجاد الفتن التي تدمر الواقع الإسلامي كله، على أساس ما يسمى الفوضى البناءة.
خامسا: إننا إذ ننبه إلى خطورة هذه المسألة، فلأننا ننطلق من حرصنا الدائم على الوحدة بين المسلمين، في الوقت الذي أسفر المستكبرون عن خططهم الرامية إلى تدمير الإسلام، ما يتطلب أعلى درجات الحذر من التسبب بإيجاد أي مناخ يثير الفتنة بين المسلمين، ويضعف منعتهم، ويشتت صفوفهم.
وإننا، في هذا المجال، نهيب بالمنظمات والجمعيات الإسلامية، ولا سيما منظمة المؤتمر الإسلامي واتحاد علماء الإسلام، العمل على محاصرة أي مفاعيل سلبية تنشأ من حركة هذه الفتاوى في الواقع، كما نؤكد على السلطات التي تقع في بلدانها مثل هذه المقامات على تشديد جانب الحماية الأمنية لتلك المواقع، بهدف تفويت الفرصة على الجهات التي تريد نشر الفوضى في العالم الإسلامي، وتحرك الفتن التي يقتل فيها المسلمون بعضهم بعضا، ويدمرون فيها واقعهم الديني والاجتماعي".