موقع المنار الإلكتروني 24/01/2008
احتدم السجال، في الكيان الصهيوني، استعدادا لنشر تقرير فينوغراد في نهاية الشهر الحالي، واستخدمت الأطراف المتعارضة ذخائرها الأشد فتكاً. فقد حمل رئيس حكومة العدو الصهيوني إيهود أولمرت على مطالبيه بالاستقالة مؤكداً أنه سيواصل المسير بعد أن استخلص العبر وأصلح الأخطاء، فيما طالبه أهالي الجنود الإسرائيليين القتلى، في تقرير نشروه عن إخفاقات الحرب، بالاستقالة بعد تحميله كامل المسؤولية، في وقت بدا أن الجيش الإسرائيلي متخوف من أن يركز التقرير على أخطاء قيادته في الحرب أكثر من تركيزه على أخطاء السياسيين.
وشدد إيهود أولمرت في خطابه، أمس، أمام «مؤتمر هرتسيليا» على أنه لا يأسف على القرارات التي اتخذها كرئيس للحكومة في حرب لبنان الثانية. وخاطب الصهاينة باسم المستقبل وليس الماضي فقال «إنني سأشارك في النقاش كما سبق ووعدت، من دون تضليل أو إخفاء ومن دون تهرب. وسوف أرد باعتدال وبضبط للنفس، لأنني أؤمن أن القيادة المسؤولة تعرف كيف تستوعب الانتقاد المعادي، وأن تضعه في المكان المناسب في داخل السياق، وأن تستوعب جزءاً منه، وتواصل المسير».
ولخص أولمرت العام 2007 بالقول «إنني أود الإشارة إلى واقع ملموس جيدا اليوم: الهدوء يسود في شمال إسرائيل، ليست هناك احتكاكات يومية ولا إطلاق صواريخ وقذائف، ولا حتى صواريخ قسام. وهذا مستمر ليس أياما أو شهرا وإنما طوال 18 شهرا كاملة. إن هذه هي فترة الهدوء الأطول منذ 25 عاما. الشمال يزدهر ويتفتح. وليس هناك أحد مسرور أكثر مني لذلك».
وأضاف «لا شك في أن حزب الله عزّز الوسائل القتالية التي بحوزته، لكنه لم يعد منتشرا على طول الحدود»، معتبراً أن تعاظم قوة «حزب الله» عبر الأسلحة الحديثة التي يتلقاها من إيران وسوريا كان سيحدث أيضا لو لم تقع الحرب.
وأوضح أولمرت أن الهدوء في الشمال يعود أساسا إلى إثبات إسرائيل أن لديها قدرة ردعية «فأعداؤنا في الشمال لا يهرعون لمحاربتنا. وهم يعرفون السبب.
والأسباب بادية للعيان، وهي تحوم في الجو، وتشعر بها المنطقة، ومعروفة من كل من ينبغي له أن يعرف. إنها تعبر عن قوة إسرائيل الهائلة، عن شجاعة وإصرار مقاتليها، من كل المراتب والمستويات».
وفي إنكار لما صرح به مقربون منه ضد عريضة ضباط الاحتياط التي طالبته بالاستقالة قال «إنني أقدر تضحيات وشجاعة واستعدادات مقاتلينا، وإذا كان هناك من ادعى أنه مقرب مني وقال كلاما آخر فإنه ليس مقربا مني».
وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» خرجت أمس بعنوان «مقربون من رئيس الوزراء يردون النار: هذه فوضى، قادة السرايا اجتازوا الخط الأحمر». واتهم المقربون من أولمرت ضباط الاحتياط هؤلاء بالجبن والإهمال. وقد أثار هذا العنوان ردود فعل غاضبة في الكيان الصهيوني دفعت بديوان أولمرت إلى إنكار أي صلة له بالتقرير ولكن بعد ساعات طويلة من نشره.
وكانت أوساط عديدة في الحلبة الصهيونية قد نددت بموقف المقربين من أولمرت. فقد أعلن رئيس الكنيست السابق من الليكود روبي ريفلين أنه «في سعي أولمرت للبقاء ليس كل شيء مباحا، فرئيس الحكومة عبر مقربيه خرج تماما عن السكة. إن اتهام قادة السرايا بفشل الحرب ليس أكثر من وقاحة أو استغفال، وهو سلوك يعرض دولة إسرائيل للخطر».
بدورها قالت رئيسة كتلة «ميرتس» في الكنيست الصهيوني زهافا غالئون إنه «في كل مرة نعتقد أننا بلغنا الدرك الأخلاقي الأسفل الذي لا هبوط بعده، يتضح لنا أنه لا حدود لعمق هذا الدرك. فنحن أمام درك أخلاقي جديد يحدده رئيس حكومة هو المسؤول حصرا عن نتائج الحرب».
وصدرت أقوال منددة من جانب ضباط الاحتياط الذين قال أحدهم في الكنيست إنهم لن يسمحوا لأحد «بوصفنا بالجبناء أو المهملين. فبأجسادنا كنا هناك. ومن هم؟ ليست لديهم الجرأة للنظر في عيون العائلات الثكلى».
وجاء خطاب أولمرت أمام «مؤتمر هرتسيليا» بعد ساعات من نشر عائلات الجنود القتلى في حرب لبنان تقريرا حول إخفاقات أولمرت في الحرب. ويعدد التقرير إخفاقات المستوى السياسي في قراراته بشن الحرب وإدارتها ويوجه شديد الانتقاد لشهادة أولمرت أمام لجنة فينوغراد.
واختارت العائلات الثكلى لتقريرها الذي امتد على حوالى ثمانين صفحة عنوانا هو «كيف سقط الأبطال في حرب لبنان الثانية». وجاء في التقرير أن «التحاق أبنائنا بالجيش، مثلما التحقنا في الماضي، لم يتم انصياعا للقانون أو سيرا على سكة الآخرين، وإنما انطلاقا من إيمان قيمي عميق. فقد كان جليا لنا ولأبنائنا أن الخدمة في الجيش يمكن أن تضعهم في ظروف يضطرون فيها للمخاطرة أو حتى التضحية بأرواحهم».
وأشار التقرير إلى أنه كان متوقعا أن تكون القيادة السياسية التي ترسل الجنود إلى الحرب مسؤولة ولذلك فإنهم يطالبونها بالرحيل، مشدداً على أنّ العائلات لن تغفر لأولمرت عدم استقالته.
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «معاريف» أن الجيش الصهيوني يتخوف من نشر معلومات ذات قيمة استخباراتية كبيرة خاصة تلك المتعلقة بعملية اتخاذ القرارات. وقالت إنه رغم أن التقرير سينقسم إلى جزأين علني وسري فإن الجزء العلني سيحوي معلومات باهظة القيمة من ناحية «حزب الله» ودول المنطقة.
وأوضح مصدر أمني للصحيفة أنه «في التقرير المرحلي للجنة فينوغراد، والمحاضر التي نشرت من مداولات اللجنة، يمكن للعدو أن يستخلص معلومات كثيرة يمكنه أن يستخدمها ضدنا... ولكن التقرير الكامل سيدفع هذه الحالة إلى الذروة. فاللجنة ستكشف بشكل كامل كيف يعمل جهاز السلطة في إسرائيل، وكيف تتخذ القرارات داخل قيادة الجيش. ولو كان بوسعنا أن نصل إلى مستوى معلومات مشابه بشأن سياقات اتخاذ القرارات لدى أعدائنا، لكنا نحتاج الى استثمار مليارات الدولارات، وحتى عندها سيكون مشكوكا فيه أن نصل إلى صورة على هذا القدر من الوضوح مثلما سيحصل عليها العدو بالمجان».
من جهة ثانية أشارت «معاريف» إلى استفتاء رأي أعضاء كتلة «حزب العمل» في الكنيست والتي تظهر أن أغلبيتهم يؤيدون البقاء في الحكومة. ومع ذلك فإن ما هو متوفر من معلومات يشهد على أن المعركة جارية حاليا بين أنصار البقاء ومؤيدي الانسحاب من الحكومة في «حزب العمل».
وأكد نائب رئيس الحكومة الصهيونية حاييم رامون وجوب بقاء أولمرت في رئاسة الحكومة لأنه أصلح العيوب التي كانت قائمة. وأشار معلقون صهاينة إلى أن رامون وأولمرت استخدما العملية الجوية الصهيونية في سوريا للدلالة على تغيير أسلوب اتخاذ القرارات في الحكومة. ورأى هؤلاء أن هذا يشهد على أن أولمرت وأنصاره لن يدخروا أي جهد من أجل البقاء.