أ ـ ان أزمة لبنان تتخطى الخلاف حول رئاسة الجمهورية والحكومة وقانون الانتخاب، فهذه على أهميتها هي أعراض للأزمة الأم، ونعني بها أزمة النظام السياسي الطائفي، الذي لم يضخ في الجسد اللبناني غير ثقافة التناحر والتصادم، ولم ينتج للبنانيين غير المنازعات والحروب الأهلية. فأزمتنا اليوم نسخة عن أزماتنا السابقة. من هنا مطالبتنا الأمين العام للجامعة العربية بأن يأخذ هذا المعطى بعين الاعتبار فيعمل على أن يكون البند الاول في أية مبادرة عربية تسعى إلى حل دائم للأزمة اللبنانية وضع المندرجات الاصلاحية في اتفاق الطائف الذي رعت قيامه الدول العربية موضع التنفيذ، لأنها تشكل بدايات تجاوز الطائفية وبالتالي اساسا للحل المنشود.
ب ـ وازمة لبنان قبل أن تكون خلافا على رئيس الجمهورية وعلى الحكومة، هي خلاف على الخيارات الوطنية، ففريق الموالاة يريد لبنان تابعا للسياسة الاميركية معاديا لسوريا، منقلبا على مقاومته، باختصار شديد يريد هذا الفريق الحاق لبنان بالمشروع الاميركي في المنطقة، بينما تريد المعارضة أن تبني سياسة لبنان على الخيارات التي نص عليها اتفاق الطائف: أي على عروبة لبنان، وعلاقته المميزة مع سوريا، واعتماد المقاومة سبيلا إلى تحرير أرضه من الاحتلال الصهيوني، وإننا نطالب وزراء الخارجية العرب، من خلال الأمين العام، بأن يكون البند الثاني في مبادرتهم العودة الى الخيارات الوطنية التي نص عليها اتفاق الطائف.
ج ـ وحينما نصر على مشاركة المعارضة في حكومة الوحدة الوطنية التي نص عليها البند الثاني من المبادرة العربية، وبعدد يعكس نسبة حجمها النيابي، فلأننا نطالب بحق من جهة، ولنتمكن من جهة ثانية من تعطيل قدرة فريق الاكثرية على تمرير سياساته في مجلس الوزراء وخاصة في المسائل الوطنية وبعد أن جرت تلك السياسات على لبنان كل هذا الويل.
د ـ اما قانون الانتخابات النيابية الذي ورد في البند الثالث من المبادرة، فيجب الا ينظر اليه من خلال المصالح الانتخابية الضيقة، بل من خلال الحاجة إلى تنقية الحياة السياسية من لوثة الولاءات المذهبية، وإلى تحقيق صحة التمثيل النيابي، وهذا القانون العتيد نراه يقوم على النسبية واعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة.
وأخيرا كنا نتمنى لو وسع امين عام الجامعة العربية دائرة لقاءاته لتشمل كل القوى السياسية بدلا من ان يحصرها في حدود القوى نفسها التي شاركت على طاولة الحوار واللقاء التشاوري، لأن هناك قوى وشخصيات وازنة، في الموالاة وفي المعارضة، ويجب أن يسمع رأيها.
ثانيا: يدين الحزب الزيارة التي يقوم بها رئيس الولايات المتحدة الأميركية جورج بوش إلى المنطقة، ويرى فيها نذير شؤم يتهدد مصير شعوبها وقضاياها العادلة.
ويعتبر الحزب، أن اختيار فلسطين المحتلة كمحطة أولى في جولة بوش، كان للتأكيد على حقيقة الموقف الأميركي الذي التزم عشية مؤتمر "أنابوليس" بيهودية "دولة إسرائيل"، وهذا يشكل مخالفة أميركية صريحة لمضمون القرارات الدولية التي تؤكد حق عودة الفلسطينيين إلى ديارهم وحقهم في تقرير المصير.
وليس خافيا، أن تزامن زيارة بوش مع تصعيد الحرب العدوانية الصهيونية ضد الفلسطينيين، دليل على ان هدف هذه الزيارة هو تعميق الإنقسام الفلسطيني ـ الفلسطيني، لتمرير صفقة تصفية المسألة الفلسطينية، أما على الصعيد العربي فتهدف إلى تعميق الإنقسامات العربية ـ العربية، من خلال تحريض العرب بعضهم على البعض الآخر، وزج بعضهم في نزاعات وخلافات وأحقاد مع ايران، في سياق مخطط يستهدف ضرب قوى المقاومة والممانعة في العالم العربي والمنطقة.
وإذ يحذر الحزب، من خطورة انصياع بعض الدول العربية لإملاءات الإدارة الأميركية، يدعو هذه الدول إلى فهم حقيقة عمق المآزق الآميركية في المنطقة، وفشل سياسات التطويع وعجزها عن تحقيق أهدافها، بحيث لم يعد أمام الادارة الاميركية غير تعميم ثقافة الفتنة والتنابذ لتحقيق مآربها وغاياتها.
لذلك، يدعو الحزب الحركات والقوى والهيئات الشعبية العربية كافة، إلى تنظيم أوسع حركة احتجاج شعبي على زيارة بوش وأهدافها، وهذه من المسؤوليات التاريخية الملقاة على عاتق أحرار المنطقة دفاعا عن مستقبلها ومستقبل شعوبها".