تتخذ الاجواء السياسية منحى تصعيدياً عالي السقف يؤشر الى أن الافق أمام الحل السياسي وانتخابات رئاسة الجمهورية بات مسدوداً، وباتت الانظار مشدودة الى اجتماع وزراء الخارجية العرب يوم غد في القاهرة علّه يفتح نافذة أمل جديدة أمام الحل، خصوصاً وان الجامعة العربية اكدت خلال موقف لأمينها العام عمرو موسى بأن لبنان هو مسؤولية عربية وليست أوروبية أو أميركية وعلى الدول العربية ان تبذل الجهود القصوى لعدم إبقائه من دون رئيس للجمهورية وتعيد اليه الاستقرار السياسي.
لكن المشكلة هنا تكمن في وجود الفيتو الاميركي على اشراك المعارضة بالثلث الضامن في الحكومة، فهل يستطيع العرب إسقاط هذا الفيتو أو إلغاءه ام يفشلون ويبقون خاضعين للفيتو الاميركي على المعارضة؟
وإذا فشل وزراء الخارجية العرب في رفع الفيتو الاميركي عن إشراك المعارضة فيعني ذلك ان السياسة الاميركية تقــضــي بإبقاء الازمة في لبنان وإبقاء اللبنانيين في دوامة كـما الفلسطينيين والعراقيين لحين ان تســنح الفرصــة لأميـركا واسرائيل بفرض شروط التسوية التي يريدونها في المنطقة.
خاصةً وأن اجتماع وزراء الخارجية العرب يحمل أفكاراً سعودية مصرية كما قال عمرو موسى فإما ان تكون هذه الافكار عربية وعندها سيحصل توافق عربي ويحصل انتخاب في لبنان، وإما أن تكون الافكار عربية بالشكل واميركية بالمضمون وبالتالي فلا يكون انتخاب رئاسي في لبنان ولا وفاق عربي في المرحلة المقبلة.
لكن التقارير الواردة من القاهرة عن الاجتماع المقرّر غداً لوزراء الخارجية العرب بشأن لبنان، لا تحمل وفق ما قالت صحيفة الأخبار الللبنانية أي إشارات إلى خطوات نوعية، وسط موجة من التحذيرات من توريط الجامعة العربية بسقف يحوّلها الى طرف غير قادر على كسب ثقة جميع اللبنانيين. وهذا ما تنبّهت له الدبلوماسية المصرية التي سعت خلال اليومين الماضيين الى جمع أكبر قدر من وجهات النظر من قوى المعارضة لوضعها أمام المسؤولين في القاهرة.
وفيما بدأ توافد وزراء الخارجية العرب إلى القاهرة، أجرى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى سلسلة اتصالات مع قيادات لبنانية مستطلعاً رأيها في إمكان إطلاق مبادرة جديدة. وقالت مصادر مكتب موسى لـصحيفة«الأخبار» إنه تشاور مع الذين اتصل بهم في تطورات الأزمة السياسية في لبنان، مؤكداً حرص الجامعة على القيام بدور فاعل لحلها وتمكين النواب اللبنانيين من انتخاب الرئيس الجديد في أجواء سياسية مريحة، ومحذراً من «أن استمرار الوضع على ما هو عليه ليس في مصلحة لبنان ولا المنطقة العربية بأسرها».
وفي خضم تلك الجهود العربية المخلصة للوصول إلى تسوية سياسية توافقية للخروج من الأزمة اللبنانية، برزت في المقابل الجهود الشباطية المدعومة أمريكياً لوضع العصي في دواليب قاطرة التحرك العربي نحو دفع اللبنانيين إلى التلاقي والوصول إلى حل وطني لأزمة الفراغ الرئاسي، وذلك عبر توتير العلاقات العربية - العربية بتضخيم التباينات في المواقف العربية حيال الأزمة اللبنانية، وتصوير الأزمة اللبنانية على أنها صراعٌ قومي بين العرب والإيرانيين أو نزاعٌ طائفي بين الشيعة والسنة في المنطقة عبر البوابة اللبنانية، وبالتالي إفشال الإجتماع العربي وتحويل ملف الأزمة اللبنانية إلى مجلس الأمن الدولي حيث الأجندة الأمريكية تلعب دورها في حياكة المؤامرات الإستعمارية لغزو دول ومناطق الممانعة العربي أو على الأقل الضغط عليها لتغيير سياساتها وتوجهاتها الوطنية والقومية.
فقد حضت قوى 14 آذار وزراء الخارجية العرب الذين يجتمعون في القاهرة غداً، على الضغط على سوريا لوقف تدخلها في لبنان وتسهيل انتخاب رئيس جديد.
وناشدت في بيان لها اثر اجتماع عقدته أمس، مجلس جامعة الدول العربية «الضغط لرفع يد النظام السوري عن لبنان ومساعدته على انتخاب رئيس جمهورية توافقي في أسرع وقت». وأكدت دعمها تولي العماد ميشال سليمان رئاسة الجمهورية، وقالت إن لبنان يواجه «مشروع انقلاب على السلطة والنظام السياسي... بالقوة المدعومة من النظامين السوري والايراني». وأضافت إن المعارضة تهدد «بالفتنة وبضرب السلم الأهلي».
وتردّدت ليل أمس معلومات لصحيفة الأخبار مفادها أنّ فريق الموالاة يعدّ رسالة إلى مجلس الأمن يطلب فيها المساعدة على إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت، وذلك في حال فشل المسعى العربي الجديد المنتظر في القاهرة.
إنها تشكل بمجملها دلائل واضحة على المستوى الرخيص بل والوقح الذي وصل إليه إسلوب تعاطي الفريق الشباطي مع الأزمة اللبنانية.