المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

الكنيست الصهيوني يوجه إنتقادات بالغة القسوة إلى جيش الاحتلال على خلفية حـرب لبنان

قناة المنار+ السفير + الأخبار 01/01/2008
قبل أسبوعين من نشر التقرير النهائي للجنة فينوغراد، ألقت لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أمس، بحجر ثقيل في بركة السياسة الصهيونية الراكدة. وفي تقرير بعنوان «استخلاص العبر من حرب لبنان الثانية» حملت لجنة الخارجية والأمن على الجيش الصهيوني، وحمّلته المسؤولية عن إخفاقات الحرب بتردده وافتقاره للخطة وأوامره المتلعثمة والعمى الذي أصابه.

وحمل جنود من القوات الاحتياطية بشدة على التقرير، واعتبروه محاولة لتطهير السياسيين من مسؤولية الحرب، كما أن وزير الحرب إيهود باراك اضطر للإعلان أن الحكومة الصهيونية هي المسؤولة عموماً عن الحرب ونتائجها. ومن المتوقع أن يترك التقرير آثاراً واضحة على تعاطي الجمهور الصهيوني مع تقرير فينوغراد في المستقبل القريب.
 
وجاء في تقرير لجنة الخارجية والأمن في الكنيست حول إخفاقات الحرب أن «الجيش أخفق في تحقيق الهدف العملياتي المركزي في الحرب». وانتقد بشدة استعدادات الجيش قبل الحرب وأداءه خلالها، وأسلوب إدارة هيئة الأركان العامة والمستويات القيادية للمعارك. واستخدم التقرير، الذي يصدر قبل حوالى أسبوعين من صدور التقرير النهائي للجنة فينوغراد، تعابير قاسية جداً في وصف إخفاقات الجيش.
 
ومن بين أبرز التوصيفات التي وردت في التقرير حول الجيش الصهيوني هو أنه «أصيب بالعمى»، و»الجمود الفكري»، و«الشلل، والعجز في الميدان التكتيكي والعملاني»، وكذلك «الفشل الأساسي في قراءة خريطة المعركة في سيرورتها». وتجنب بشكل جلي أية إشارة للمستوى السياسي ومسؤوليته عن الفشل العسكري في الحرب. وهو لم يذكر طوال التقرير، الذي امتد على 151 صفحة، اسم أي قيادي سياسي مثل إيهود أولمرت أو عمير بيرتس أو عسكري مثل رئيس الأركان حينها دان حلوتس.

ورغم الادعاء اللاحق من جانب أعضاء اللجنة أن التقرير لم يتطرق الى المستوى السياسي بسبب وجود لجنة فينوغراد فإنه برأ هذا المستوى عملياً من أية مسؤولية عن الإخفاقات. ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن «الحكومة لم تقرر أهدافاً استراتيجية واضحة عند اتخاذها قرار شن عملية «الجزاء المناسب» مساء 12 تموز2006 وكان رئيس الحكومة أعلن أمام الكنيست في 17 تموز أن العملية ستستمر حتى إعادة الجنود المخطوفين، الوقف التام لإطلاق النار، انتشار الجيش اللبناني في كل الجنوب اللبناني وإخراج حزب الله من المنطقة، عبر تنفيذ قرار الأمم المتحدة 1559».

وركز التقرير على أن الجيش الصهيوني طوال أيام الحرب خدم بتكتياته المقاومة الإسلامية من خلال التركيز على إسكات المقاومة الإسلامية عن طريق «القصف» الجوي والمدفعي من دون محاولة حسم المعركة عبر القيام بعمل بري، موضحاً أن الجيش «أصيب بالعمى» بعدما كيف عملياته لتتوافق مع استراتيجية المقاومة الإسلامية.
 
وأشار التقرير إلى أنه في المراحل الأولى للحرب اكتفى الجيش االصهيوني بما أسماه تطهير وتدمير مواقع المقاومة الإسلامية على طول الحدود، وهي عملية استمرت حتى نهاية الحرب، كما أن «الغارات المحدودة لم توجه ضد المنظومة العملياتية الأساسية لحزب الله، ولم تؤثر عليه، وبالتالي لم تؤد إلى تقليص تساقط النيران الصاروخية».

وأضاف التقرير أن الإنجازات الموضعية كإغتيال مجاهدي المقاومة الإسلامية أو قصف راجمات الصواريخ بعيدة المدى لم تخلق الأثر التراكمي المأمول، وإنما «أضعفت قوة الجيش وصورته في ظل استمرار تساقط الصواريخ».

وأشار التقرير إلى أنه في بداية المرحلة الثانية من الحرب في 19 تموز أمرت الحكومة الصهيونية جيشها بمنع المقاومة الإسلامية من إطلاق الصواريخ على المستوطنات والأهداف الصهيونية «غير أن الجيش لم يختر أسلوب عمل يتيح منع إطلاق الصواريخ القصيرة المدى، وبالتالي لم يحقق المهمة التي أوكلتها الحكومة له»، ولم تتبلور لدى ذلك الجيش أهمية منع الصواريخ عبر خطوة برية إلا في 27 تموز وحتى نهاية الحرب في 14 آب، وطوال هذه الفترة تميز أداء الجيش الصهيوني بـ»التردد، انعدام الحسم بل والشك في قدرة القوات البرية على إنجاز المهمة في الجنوب اللبناني، لدى المستويين السياسي والعسكري على حد سواء».

وتابع التقرير أنه «في بداية هذه المرحلة عارض رئيس الحكومة الخطوة البرية الواسعة في الجنوب اللبناني، بسبب الثمن الوطني، ممثلا بالأرواح وتشويش روتين الحياة المتوقع مقارنة بالإنجاز المتوقع من العملية البرية، غير أن استمرار إطلاق النار من لبنان قاد رئيس الحكومة في النهاية، في السابع من آب، إلى الإقرار بأن القدرة على وقف هذه النيران هي التي ستحدد ما إذا كانت نتائج الحرب سلبية أم إيجابية، ولذلك طلب من الجيش الاستعداد لعملية برية واسعة النطاق، تخضع لضغوط جدول الأعمال السياسي، ولكن فقط بعد أسبوعين تبنى رئيس الأركان فكرة السيطرة على المنطقة الواقعة جنوبي الليطاني بمشاركة عدد من الفرق».

واعتبرت اللجنة، في تقريرها، أن تكرار تأجيل العملية البرية «أنهك قواتنا والجبهة الداخلية، ومس بعامل المباغتة في مواجهة حزب الله». وقررت «بجلاء أنه لا يمكن تحييد الكاتيوشا من الجو وأن عدم نجاح سلاح الجو في تحقيق هذا الهدف، ليس فشلاً للسلاح، لأنه في الأصل لا يستطيع فعل ذلك».

وتطرق التقرير في هذا السياق لمعركة بنت جبيل «التي اختيرت كهدف هام جراء «رمزيتها» لدى حزب الله» بوصف هذه المعركة «نموذجاً مؤسفاً». وأشار إلى أن «أسلوب تفعيل الجيش الإسرائيلي عملياً لم يناسب من الأساس الحاجة الميدانية لقمع إطلاق الكاتيوشا، وفي ظل غياب أي سبيل آخر لتقليص إطلاق النار فقد تبدى أن الضغط السياسي الذي مورس على حكومة لبنان، والضربة التي تلقاها حزب الله في منظوماته الأخرى، لم يكن مجدياً في هذا السياق، لأن هذا الهدف ظل من دون تحقيق طوال الحرب. لقد فشل الجيش في تحقيق الهدف العملاني المركزي في الحرب». وحمّل التقرير رئاسة الأركان وقيادة الجبهة الشمالية لدى جيش العدو المسؤولية عن نتائج الحرب. وأوضح أن «غياب الخطة الهجومية المصدقة والمحدثة، والفجوات الكبيرة في إعداد القوات والوسائل والقيادات، شكلت تقصيرا كبيرا من جانب قيادة الجبهة الشمالية ورئاسة الأركان... كما أن التقصير خطر على وجه الخصوص في ضوء حقيقة أن المواجهة في الساحة اللبنانية ومع حزب الله كانت متوقعة بأرجحية كبيرة. ولأسفنا، فإن هذا الوضع يتبدى بجلاء في الأداء المختل للقوات في الحرب، وخصوصاً بشكل القيادة في المستويات العليا وإدارة المعركة، والتي افتقرت إلى منطق مبلور وواضح».

وعلى صعيد الفشل الإستخباراتي خصص التقرير فصلاً كاملاً للفشل الاستخباراتي، خاصة أن الجيش السوري رفع حالة التأهب إلى الدرجة القصوى في بداية الحرب، ولكن الجيش الصهيوني لم يرد بالشكل المطلوب عن طريق تعزيز القوات ونشرها في هضبة الجولان المحتلة. وأشار إلى أن سبب ذلك هو التقدير الاستخباراتي أن سوريا لا تنوي مهاجمة كيان العدو. واعتبرت اللجنة ذلك «خطيراً»، لأن أي خطأ في التقدير كان يمكن أن يقود الكيان الغاصب إلى وضع أصعب. وأوضحت أن منظومة جمع المعلومات عن المقاومة الإسلامية عانت من التسريبات.
 
وكان جنود من القوات الاحتياطية الصهيونية قد شوشوا على رئيس اللجنة تساحي هنغبي قراءة خلاصة التقرير في مؤتمر صحافي بالصراخ والهتافات والمقاطعات. واتهم الجنود هنغبي بالتغطية على زعيمه أولمرت من خلال توجيه الاتهامات فقط للجيش وتجاهله أداء المستوى السياسي. وهتف بعضهم «أين هي الحكومة التي رمت بنا في لبنان؟ أين رئيس الحكومة الذي لا يذكر اسمه في التقرير، أين، من يتحمل المسؤولية؟».

وفي رد فعل مباشر على تقرير لجنة الخارجية والأمن في الكنيست أعلن وزير الحرب إيهود باراك، الذي لم يكن في الحكومة الصهيونية وقت الحرب، أن المسؤولية عنها تقع على كاهل المستوى السياسي، «فالمسؤولية العامة في إسرائيل تقع على المستوى السياسي وهذا أمر واضح، حتى إذا اختارت لجنة الخارجية والأمن عدم الاهتمام بهذا الجانب في هذا التقرير».

وشدّد باراك على أن القرار في الكيان الصهيوني بشن الحرب، أو إيقافها، هو من مسؤوليات الحكومة، مشيراً إلى أن الجيش الصهيوني استخلص العبر من حرب لبنان الثانية، وبالتالي لا يمكن إلقاء المسؤولية العامة عليه. وأكد أن ذلك الجيش قد أجرى «تحقيقات مؤلمة وثاقبة حول الحرب، واستخلص العبر والدروس». وأوضح أن الجيش الصهيوني بقيادة رئيس أركانه الجنرال غابي أشكنازي يعمل ( حسب إعتقاده ) بجهد عظيم من أجل تجسيد الدروس لتكون النتائج في المواجهة المقبلة «إذا فرضت علينا» مغايرة.

وشدد زعيم المعارضة الليكودية بنيامين نتنياهو، من جانبه، على وجوب عدم حصر الانتقاد في الجيش الصهيوني وحسب. وقال إن «رئيس الحكومة لا يفهم ما يقوله جنود الاحتياط بصوت واضح وجلي: تحمل المسؤولية». وأكد أن «رئيس الحكومة فقط، الذي يترأس المنظومة بأسرها، هو من يرفض تحمل المسؤولية».
01-كانون الثاني-2008
استبيان