توقّف الكاتب الأميركي ديفيد إغناطيوس، في مقالة له في صحيفة "واشنطن بوست"، عند المباحثات السرية التي كُشف عنها حديثًا بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية وكيان العدو عن اليوم التالي في غزة، معدّدًا تفاصيلها وما تتضمّنه.
بحسب إغناطيوس، بحث الدبلوماسيون الذين شاركوا في الاجتماع الثلاثي في أبو ظبي مشاورات حول إعطاء دور لسلطة فلسطينية خاضعة للإصلاحات، وعليه جرى طرح مرشحين مُحتملين لتولي قيادة السلطة الفلسطينية، وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق سلام فياض. وأشار إغناطيوس الى أن المشاركين، في المحادثات الثلاثية، عقدوا اجتماعًا الأسبوع الفائت في أبوظبي باستضافة وزير الخارجية الإماراتي السابق عبدالله بن زايد آل نهيان، وبحضور مستشار رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو رون درمر ومدير سياسة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي بريت ماكغيرك
كشف الكاتب بأنّ الإماراتيين تقدموا بالمبادرة، وعبدالله طرح أفكارًا عن كيفية إدارة الشؤون الأمنية والسياسية بعد انتهاء الحرب، وذلك في ما تسميه إدارة الرئيس الأميركي بايدن "المرحلة الثانية" من خطتها لوقف إطلاق النار، مشيرًا الى أن الإمارات بعثت بوثيقة إلى البيت الأبيض توجز الأفكار المطروحة.
وتابع الكاتب: "جوهر الاقتراح يقول إن سلطة فلسطينية تخضع للإصلاحات ستكون سلطة الحكم المعترف بها دوليًا في غزة، حيث تستطيع توجيه دعوة إلى الشركاء الدوليين من أجل توفير الدعم الأمني والمساعدات الإنسانية في غزة، خلال مرحلة تفويض لترسيخ الاستقرار قد تمتد سنة.. الإماراتيون يفضّلون فياض ليقود الإصلاحات، ويبدو أن "الإسرائيليين" على استعداد للقبول به".
وهذا المقترح الإماراتي- بحسب ما يقول الكاتب- يضع تصورًا تطلب فيه السلطة الفلسطينية الدعم العسكري والاستخباراتي من بعض الدول. وعلى الرغم من عدم موافقة نتنياهو السابقة الحادة ضد السلطة الفلسطينية، إلّا أنه وبحسب المعلومات، نقل درمر رسالة مفادها أن "إسرائيل" قد تقبل ضمنيًا بمثل هذه المقاربة.
كذلك نقل الكاتب، عن مصادره، أن من بين الدول العربية التي قد تؤدي دورًا على صعيد "توفير الأمن" مصر والمغرب وقطر ودولة الإمارات نفسها، مُبيّنًا أن: "الأطراف ناقشوا إمكان الحصول على دعم أمني من دول غير عربية، مثل إيطاليا وروندا والبرازيل وإندونيسيا وربما دولة بارزة في آسيا الوسطى، على أن توفّر الولايات المتحدة القيادة والسيطرة والدعم اللوجستي من قاعدة قريبة في مصر. وتحدث الكاتب عن جانب "جدلي" من الخطة، وهو توفير دعم مسلح من "مقاولين أمنيين" من الولايات المتحدة.
ووفقًا للكاتب، أيضًا، بحثت الأطراف المجتمعة الحصول على دعم للخطة عبر الجمعية في الأمم المتحدة وليس مجلس الأمن، حيث قد تواجه الفيتو الروسي أو تتجمّد المفاوضات، لافتًا الى أن مدة التفويض لإعادة الإعمار قد تمتد سنوات ستتبع الفترة الأولى لترسيخ الاستقرار.
وأكمل الكاتب بناءً على معلوماته: "الإمارات قدمت تفاصيل في الوثيقة التي أرسلتها إلى واشنطن عن الافكار الأساسية، مثل توجيه الدعوة إلى الأطراف التي ستسهم في توفير الأمن بعد انتهاء القتال، بينما وافقت "إسرائيل" على عدم تقويض المساعي في غزة من خلال اتخاذ خطوات استفزازية في الضفة الغربية قد تؤدي إلى انفجار الوضع الأمني هناك"، موضحًا أنّ الاماراتيين يأملون أيضًا أن تعمل الولايات المتحدة على خارطة طريق معدلة باتجاه إقامة دولة فلسطينية، حتى وإن كانت "إسرائيل" لن تؤيّدها.
وأردف الكاتب أن الخطة الإماراتية تضع تصورًا بتوسيع المنطقة؛ حيث سيكون هناك مساهمة أمنية دولية، بشكل تدريجي من شمال غزة إلى جنوبها، كاشفًا أنه جرى التداول في أسماء عدد من مؤيدي المسؤول الأمني السابق في السلطة الفلسطينية محمد دحلان لتولي أدوار ضمن الخطة؛ بينما نُقل، عن المسؤولين، أن دحلان الذي يعيش في أبو ظبي لا ينوي العودة إلى القطاع، إلّا أن الإمارات تأمل في أن يستمر بطرح أسماء من مؤيّديه خلف الكواليس.
وخلص إغناطيوس إلى أنه: "على الرغم من مواقف نتنياهو السلبية السابقة حيال موضوع التخطيط لليوم التالي، إلّا أن مشاركة فريقه في بحث هذه القضايا الآن هو أمر إيجابي، وختم: " الشرط الأساس هو وقف حقيقي ودائم للحرب، وحوار أبو ظبي لمّا يحقق شيئًا بعد لوقف القتال".