تابع الشيخ قبلان: "لقد قدم لبنان نموذجا حيا عن قوة الإرادة المؤمنة التي هزمت الجيش الذي لا يقهر في عدوان تموز بعد ان برهن للعالم انه قادر بفعل تضامن مقاومته وجيشه وشعبه ان يدحر الاحتلال عن جنوبه، ولبنان اليوم لا يزال في دائرة الاستهداف الاستعماري الصهيوني الذي يريد اعادة الهيبة والاعتبار للكيان العدواني المهزوم ومن هنا فان ما نشهده من حرب خفية تارة ومعلنة تارة اخرى لاستهداف المؤسسات الوطنية حلقة من حلقات التآمر على لبنان التي صوبت نار حقدها على الجيش اللبناني باغتيال الشهيدين اللواء الركن فرانسوا الحاج والرقيب اول خيرالله هدوان. لقد اتخذت المؤامرة بعدا جديدا اثر عدوان تموز بدأ عند الحديث عن ضرب عن قوة لبنان الحقيقية المتمثلة بسلاح المقاومة فطرحوا سلاحها على بساط البحث في محاولة رخيصة للمساومة على أشرف سلاح استخدم في لبنان مع سلاح الجيش الوطني، ثم انتقلت المؤامرة لتضرب المؤسسة الدستورية الحافظة للوطن فجرى تهميش رئاسة الجمهورية ومقاطعتها بغية إضعافها حتى إسقاطها، وجرى حل المجلس الدستوري بهدف إضعاف المؤسسات الدستورية وتهميشها تمهيدا لانتهاك الدستور. وانتقلت المؤامرة في أخر فصولها الى ضرب الجيش اللبناني الذي اثبت انه صمام امان للوطن واهله بفضل قيادته الحكيمة المتمثلة بالعماد ميشال سليمان، هذا الرجل الوطني بامتياز الذي خاض معارك الشرف في الدفاع عن لبنان وحفظ سيادته وأمنه واستقراره. وأثبتت التجارب انه على قدر المسؤولية الوطنية، لذلك لا يجوز التعاطي معه في موضوع الرئاسة بنفس الطريقة التي تم التعاطي بها مع الرئيس إميل لحود في أواخر عهده، فإذا كنا نريد ان ينعم بلدنا بالأمن والاستقرار فلنضع حدا للتدخلات الاميركية في شؤوننا الداخلية ولنحكم صوت العقل برفض منطق الاستئثار والاستقواء بالخارج الذي اثبت انه لا يريد مصلحتنا. واذا كان صبر بوش قد نفذ فان صبرنا لم ينفذ بعد فنحن لا نزال صامدين حتى ينصر الله الانسان المؤمن على اعداءنا".
وقال: "ايها الاخوة، ان لبنان كان ضحية لحرب فتنة طائفية حصدت آلاف الأبرياء من اللبنانيين بفعل التدخلات الأجنبية وتمسك السلطة السياسية آنذاك بمنطق الاستئثار والامتيازات السياسية ورفض المشاركة في السلطة واليوم يشهد لبنان حقبة سياسية خطيرة تستدعي ان نتعاطى معها بحكمة ومسؤولية وطنية فيبادر السياسيون الى التوافق على حل المشاكل الوطنية الداخلية بمنأى عن الاملاءات الأجنبية التي نراها تتحرك بقوة كلما لاحت في الأفق بوادر حل، فنشهد زيارات متلاحقة لأركان الديبلوماسية الاميركية الى فئات لبنانية بغية تعميق الشرخ بين اللبنانيين فتمنع بقوة قيام حكومة وحدة وطنية. اننا نناشد السياسيين ان يفوتوا الفرصة على الخارج بإنتاج حل ينبع من الداخل، فيبادروا فورا الى تأكيد توافقهم برفض منطق الاستئثار في السلطة وتحقيق المشاركة الحقيقية وفق التمثيل النسبي للموالاة والمعارضة حتى نكفل قيام سلطة متوازنة يتمثل فيها الجميع، فانتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون التوافق على الحكومة لن يحل المشكلة وسيجعل من الرئيس الجديد شاهدا ومديرا لازمة سياسية، وغير قادر على حلها".
أضاف الشيخ قبلان: "اذا كان إجماع الموالاة والمعارضة على انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية موضع توافق بين طرفي الخلاف في لبنان فان هذا التوافق يبقى ناقصا وغير مجد اذا لم يكن متصلا بالتوافق على إدارة البلاد في السلطة التنفيذية لان نجاح الرئيس الجديد رهن بتعاون الموالاة والمعارضة معه ومشاركتهم في السلطة جنبا الى جنب وهذا ما يجعل موقع الرئاسة قويا، من هنا فإننا ندعو الموالاة الى التواصل والاتفاق مع العماد ميشال عون على سلة الحل المتكاملة حتى يتوج الرئيس نبيه بري اتفاق اللبنانيين في جلسة انتخاب الرئيس الجديد يوم غد في مقر المجلس النيابي وفي هذه المناسبة نجدد تنويهنا بالدور الوطني الكبير الذي يؤديه دولة الرئيس نبيه بري في تحقيق الوفاق بين اللبنانيين من خلال قيادته المؤسسة الدستورية الأم".
وقال: "ندعو السياسيين الى مقاربة الوضع السياسي مع الوضع الاقتصادي للوطن حيث تعيق المناكفات والسجالات عودة المهاجرين الى وطنهم وتحول دون مجيء الاستثمارات الأجنبية الى لبنان في وقت نحن بأمس الحاجة فيه الى إقامة مشاريع استثمارية تفعل الدورة الاقتصادية وتحد من تفشي البطالة المتزايدة التي تنذر بعواقب وخيمة، لاسيما وان فصل الشتاء تزامن هذا العام مع ارتفاع في أسعار المشتقات النفطية وغلاء في الأسعار التهم القدرة الشرائية لعملتنا الوطنية".
وختم الشيخ قبلان: "ما يجري في فلسطين من اعتداءات صهيونية يومية بحق الفلسطينيين يبعث على الخوف في ظل تصاعد الحديث عن الدولة اليهودية التي نرى فيها تعبيرا عنصريا اعتادت الحركة الصهيونية على تجسيدها في إرهابها وإجرامها. من هنا فإننا نخشى من تصعيد صهيوني إرهابي يتجاوز حدود غزة والقطاع ليصل إلى كامل التراب الفلسطيني، ونناشد الفلسطينيين ان يحصنوا وحدتهم ويعيدوا تلاحمهم للوقوف بوجه المؤامرة الصهيونية، ونطالب الدول العربية والإسلامية باحتضان الشعب الفلسطيني ودعم وجوده في أرضه والضغط على إسرائيل لوقف عدوانها ومؤامرتها لأننا نخشى ان يكون ثمن هدية الدول المانحة تصفية الشعب الفلسطيني. ونناشد العرب والمسلمين العمل لدعم مسيرة الأمن والوحدة في العراق ومساعدة العراقيين على تحصين وحدتهم الوطنية التي نراها خشبة خلاص العراق، فالعراقيون اخوة ويجب ان يظلوا كذلك، وكل اقتتال بينهم محرم بكل المقاييس الشرعية والوطنية والإنسانية. تقبل الله من حجاج بيت الله الحرام وأعادهم سالمين غانمين وكل عام والمسلمون واللبنانيون بألف خير".