تحدّث الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، في الاحتفال التأبيني لفقيد العلم والعلماء العلامة الشيخ عفيف النابلسي رحمه الله في مجمع المجتبى (ع) الضاحية الجنوبية لبيروت، متوجهًا لروحه الطاهرة بقراءة الفاتحة مع الصلوات، مؤكدًا "نحن أبناء الشيخ عفيف النابلسي وشركاء في المصاب".
وتابع سماحة السيد نصر الله "نعترف للشيخ عفيف النابلسي بالعالم الفقيه المجاهد الحاضر الشاعر الاديب المربي الأستاذ في الحوزة، والمحقق الكاتب في شتى العلوم الانسانية، وأحد كبار المؤسسين في هذه المسيرة الجهادية المباركة".
وأوضح سماحته أنّ "في الستينات كنّا أمام تحديات خطيرة جدًا في كل شيء، ومن جملة التحديات الخطيرة الانتماء الديني، خصوصًا أن جيلنا في تلك المرحلة كانت ترفده الكثير من الأيديولوجيات البعيدة عن الإسلام في ظل غياب مؤسسات حقيقية تتحمل مسؤوليات هذه الأخطار وحماية هذه الأجيال"، لافتًا إلى أنّ "الشيخ عفيف النابلسي كان أحد اولئك العلماء الشباب، كان شجاعًا جريئًا يحمل الدين الاسلامي والفكر الإسلامي ويقدم نموذجًا مختلفًا".
وأضاف السيد نصر الله "نستطيع أن نُطلق على مرحلة الستينات والسبعينات صفة مرحلة التحوّل، حيث برز جيل من العلماء الشباب ذهبوا إلى النجف الأشرف وتتلمذوا على يد علماء كبار منهم السيد محمد باقر الصدر، ليعودوا إلى لبنان"، مؤكدًا "الشيخ عفيف النابلسي كان واحدًا من العلماء النشطين ولم يكن يمل ولا يكل".
ولفت إلى أنّه "منذ بداية شبابه تعلق الشيخ النابلسي بالإمام موسى الصدر، ودرس في حوزة صور ومضى إلى الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر"، وتابع "من يتأسس على نهج الإمام محمد باقر الصدر من الطبيعي أن ينتهي بالإمام روح الله الخميني، وهذا ما كان عليه الشيخ عفيف النابلسي والسيد عباس الموسوي".
إلى ذلك، أوضح السيد نصر الله أنّ "الذين خططوا للاجتياح الإسرائيلي في لبنان كانت حساباتهم دقيقة، وكان يُمكن للاجتياح أن يحقق أهدافه المرسومة من أمريكا"، مؤكدًا أنّه "منذ اليوم الأول كان الشيخ النابلسي حاضرًا في التأسيس والأنشطة والحضور واللقاءات والتعبئة والتثقيف والتنظيم لحزب الله"، مشيرًا إلى أنّه "منذ انطلاقة المقاومة قدم الشيخ عفيف النابلسي كل شيء ولم يبخل بشيء حتى في سنواته الأخيرة".
وأشار سماحته إلى أنّه "في عدوان تموز كان موقف الشيخ عفيف النابلسي حاسمًا، ودُمّر منزله والمجمع الذي عمّره في صيدا، ولكن هذا زاده تصميمًا وعزمًا، وفي الاحداث التي طرأت في المنطقة وسورية واليمن كان موقفه واضحًا وجليًا"، موضحًا أنّ "هذا الانتماء والفكر والالتزام يُعبّر عن هذا الخط، والذي عرف من التثمينيات حتى الان بخط الامام الخميني"، لافتًا إلى أنّ " الشيخ عفيف النابلسي كان ملمًا بالأحداث في لبنان والمنطقة ومعرفة العدو الأساسي والمشروع القائم ومن يقف خلفه".
إلى ذلك، كشف السيد نصر الله أنّ "اليوم الذكرى السنوية الثانية على الوعد الأميركي، وحتى الآن الكهرباء لم تصل إلى لبنان وذلك بسبب المنع الأميركي للغاز المصري والكهرباء الأردنية"، مشددًا على أنّ " حزب الله جاء بالهبة الإيرانية إلى لبنان فذهبت أميركا ومنعت الحكومة اللبنانية من استقبال هذه الهبة"، موضحًا أنّ "كل المعاناة التي تعاني منها سورية مثلًا، هي بسبب العقوبات الاميركية وقانون قيصر"، مضيفًا "الاحتلال الأميركي هو الذي يمنع الحكومة السورية من الوصول إلى حقول النفط والغاز شرق الفرات وينهبها".
وأكّد سماحته أنّه " يجب أن يتم صب الغضب على الشيطان الأكبر - أميركا - الذي يستبد ويمنع حتى الكهرباء عن الشعب اللبناني"، موضحًا أنّه "في مقابل التدخل الأميركي الفاضح والفج في كل شيء، نواجه ثقافة وسياسة خضوع للإرادة الأميركية".
وأشار إلى "مصادر كثيرة يُمكن أن تدر مالًا وفيرًا على الخزينة اللبنانية، وعندما نسأل لماذا لا تقومون بها يأتي الجواب أنّ السفارة الأميركية تمنع ذلك ولا تقبل به ممنوع"، مضيفًا "نحن نفتخر عندما يقال عنا إننا من محور الممانعة، لأن ذلك يعني أننا لسنا عبيدًا أو أدوات عند السفارة الأميركية بل شرفاء وسادة"، متابعًا "إذا أردنا الحل في لبنان يجب أن نخرج من هذا الخضوع للأميركي والتسلط والتذلل للسفارة الأميركية والأميركيين".
وفي السياق، أوضح سماحة السيد نصر الله أنّ "الولايات المتحدة الأمريكية تمنع العراق من دفع ثمن الغاز للحكومة الإيرانية كي تقوم إيران بقطع الكهرباء عن العراق، ويقال إن الايرانيين يقطعون الكهرباء عن العراقيين"، كما شدد على أنّ "العائق الأساسي أمام انتهاء الحرب في اليمن هو الجانب الأميركي"، لافتًا إلى أنّ "إمكانية حل الدولتين في فلسطين يتلاشى، ومن ينتظر الأميركي في السياسة والاقتصاد والقيم سينتظرون هذه القيم الشاذة".
وتطرق سماحته لذكرى إنفجار مرفأ بيروت، حيث قال "نعبر عن مواساتنا لكل من أصيبوا في انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب"، مضيفًا "في اللحظة الأولى لانفجار المرفأ خرجت بعض القنوات الخبيثة لتقول بأن حزب الله هو من فجّر المرفأ، وكانت الناس من دون علم عما حصل"، مؤكدًا أنّ "من ضيّع الحقيقة في مسألة انفجار المرفأ هو من سيّس هذه القضية".
وصرّح السيد نصر الله "السبب الحقيقي لضياع الحقيقة في تفجير مرفأ بيروت هو لجوء البعض إلى ربط القضية بالأحداث الإقليمية"، مضيفًا أنّ "الأميركيين سيأخذوننا إلى واقع مؤلم وكارثي في ظل التدخل الكبير والهيمنة الاميركية في لبنان".
وحول أحداث مخيّم عين الحلوة، لفت سماحته إلى أنّ "هناك من يقول – نفس التلفزيون الذي اتهم حزب الله بانفجار المرفأ – بأن ما يحصل في مخيم عين الحلوة سببه حزب الله وهذه تفاهة"، وقال "نحن لسنا مسؤولين عن معركة عين الحلوة لا من قريب أو من بعيد، ونحن ضد هذا الاقتتال ونعمل على حل هذا الاقتتال"، مضيفًا "أناشد جميع الأطراف المعنيين وقف الاقتتال في مخيم عين الحلوة".
وتطرق سماحة السيد نصر الله إلى استشهاد محمد جهاد بيدي من عديد الدفاع المدني اللبناني، حيث نوّه بشجاعته وإقدامه وتضحياته، واصفًا إياه بأنّه "شهيد بحق"، وأكّد "يجب الإشادة بإقدام شباب الدفاع المدني اللبناني والدفاع المدني التابع لاتحاد بلديات الضاحية، في تصديهم للحريق الذي شب على طريق المطار"، مشيرًا إلى أنّه "يجب أن ينظر الى المضحين في الدفاع المدني ويجب أن تؤدى إليهم حقوقهم"، مضيفًا "يجب أن يُنظر إلى المضحين في الدفاع المدني ويجب أن تؤدى إليهم حقوقهم".
في الختام، قال سماحته "أقول لروح الشيخ النابلسي إن اخوانك وابنائك في حزب الله، كما أفراد عائلتك، سيحملون وصيتك كما حملوا وصايا كل شهدائنا، وبإذن الله ستشهد مقاومتك المزيد من الانتصارات"، مضيفًا "إن شاء الله يا شيخنا الحبيب أن شبابك وابنائك سيصلون في القدس".