خليل نصر الله
تعتبر قاعدة الشدادي العسكرية التي يشغلها الاحتلال الأميركي من القواعد العسكرية الرئيسية الكبرى الخمس على أرض سوريا. تقع في ريف محافظة الحسكة الجنوبي، وتبعد حوالي أربعين كيلومترا عن الحدود العراقية، وأقرب تواجد للجيش العربي السوري منها ــ منطقة غرب نهر الفرات ــ يبعد حوالي 170 كيلو مترًا.
مؤخرًا، استهدفت القاعدة مرتين عبر قذائف صاروخية، وهو ما اعترف به الأميركيون عبر بيانات صادرة عن التحالف.
يعتبر استهداف القاعدة بقذائف صاروخية من قبل وحدات الجيش السوري أمرًا صعبًا، نسبة إلى نوع الصواريخ واحتساب المسافة، بالتالي فإن العمل تم من داخل منطقة سيطرة قوات "قسد" وبالتالي الاحتلال الأميركي.
والسؤال هو: من يقف وراء استهداف قاعدة الشدادي، شديدة التحصين؟
قبل الإجابة، في حيثيات العملية والمعلومات المتوافرة، فإن القاعدة استهدفت بأربع قذائف هاون، من أطراف بلدة "مركدة" التي تبعد حوالي عشرين كيلومترًا عنها، والقذائف سقطت في منطقة قريبة من القاعدة ولم تصبها.
انطلاقًا من حيثيات الهجوم ووقائعه يمكن الإجابة عن سؤالنا حول الجهة التي تقف وراء الاستهداف وأهدافها:
أولًا: في العمل ذاته ومن خلال ما توافر من معلومات يتضح أن الجهة التي حاولت استهداف القاعدة أو أطلقت قذائف باتجاهها لم تقدم على العمل بهدف ايقاع خسائر أو حتى إصابة القاعدة شديدة التحصين، وللأمر دلالاته.
ثانيًا: مسارعة القيادة الوسطى الأميركية إلى أصدار بيان وبشكل عاجل وتقديم الهجوم على أنه عمل كبير يؤثر على "استقرار المنطقة"، كما قالت، ويؤشر إلى صبغة سياسية واضحة هدفها إيصال رسائل ــ ولو إعلامية ــ باتجاه أنقرة التي تهدد بعمل عسكري بري شمالًا، كذلك إرسال إشارات باتجاه الروس والسوريين والإيرانيين على أن واشنطن لا تدعم عملًا عسكريًا تركيًا، بل هي في موقع المتضرر منه. وهذا أمر تنفيه الوقائع لأن الأميركيين مستفيدون من كلا الجهتين، ويمتهنون لغة المناورة.
ثالثًا: مقارنة ما ورد في بيان القيادة الوسطى بعد هجوم الشدادي مع بيانات أميركية أخرى حول هجمات في مناطق شرق سوريا بيّن أنها تحمل ذات العبارات التي تصب في خانة تبرير الوجود ــ غير الشرعي ــ على الأرض السورية، باعتباره وجودًا مرتبطًا بمحاربة "داعش"، كما يدّعون.
رابعًا: كان ملفتًا عدم اتهام خلايا "داعش" كما ورد في كثير من البيانات وهو ما يبيّن أن الأميركيين يحاولون الإشارة إلى أخطار أخرى تحيط بوجودهم وهو أمر غير واقعي، فهم يمسكون بمفاصل منطقة شرق الفرات كافة ويعلمون بالتوجهات لمختلف القوى المتواجدة هناك، بل ويعلمون جيدًا المزاج الشعبي وتفاوته بين منطقة وأخرى.