حسن شريم
استشهدت الزميلة شيرين أبو عاقلة وأصيب المنتج بقناة الجزيرة علي السمودي، صباح اليوم، برصاص قوات الاحتلال أثناء تغطيتهما اقتحام مخيّم جنين.
والشهيدة أبو عاقلة من مواليد عام 1971 تعود أصولها لمدينة بيت لحم جنوبي الضفة، وتعمل بقناة الجزيرة منذ 25 عامًا، وتعتبر من أبرز الوجوه الإعلامية الفلسطينية، وغطّت اقتحامات الاحتلال لجميع محافظات الضفّة خلال انتفاضة الأقصى وحصار الرئيس الشهيد ياسر عرفات، وأحداث انتفاضة القدس، والأحداث في المسجد الأقصى، ومعركة "سيف القدس"، كما غطّت أحداثًا خارج فلسطين لصالح قناة الجزيرة.
وفي حديثٍ مع موقع "العهد" الإخباري، حدَّثنا الزّميل علي السمودي كيف استشهدت الزميلة أبو عاقلة، فقال: "في الساعة السادسة صباحًا اقتحمت قوات الاحتلال مخيّم جنين الفلسطيني، فتوجّهتُ إلى موقع الأحداث لتغطية الاعتداءات الصهيونية وما يجري في المخيّم في ظلّ التهديدات الإسرائيلية باقتحام المخيم".
وأضاف السمودي: "تواصلت مع الزميلة شيرين لنتوجّه سويًا إلى المخيّم وعندما حضَرَت كنتُ قد أجريت عملية مسح سريعة للمكان لمعرفة فصائل الجيش ومكان تواجده وأين يمكن أن نتواجد نحن بطريقة آمنة، فاكتشفت أنّ هناك أحد الأزقّة على أطراف المخيّم، وهو شارع طويل ومفتوح ويمكن أن نتقدم من خلاله بسهولة وأمان لأنّه خالٍ من أيّة أحداث، ومن أي مقاومين أو مسلحين".
وتابع: "عندما تقدّمت في الشارع أنا وزملائي الصحفيين، اقتربنا من الجنود لتغطية الأحداث عن بعد ما يقارب الـ 200 متر تقريبًا مع كامل عتادنا الصحفية وبدأنا بتغطية الأحداث، وعندما بدأنا بالبثّ للتغطية، تقدّمنا للداخل حوالى الـ 20 مترًا، فأطلقوا علينا أوّل رصاصة وكان صوتها مدوّيًا جدًا، فناديت زميلتي شيرين أنَّ قوات الاحتلال تطلق النار علينا دعينا نتراجع، وما كدت أنهي كلامي حتى أطلقوا عليَّ الرصاصة الثانية وذلك أثناء تراجعي للخلف فأصابتني في ظهري، وأعتقد أنّه كان يوجّهها إلى صدري لكن التفاتي حال دون ذلك، فأخذت شيرين بالصراخ "علي تصاوب، علي تصاوب" وهذا كان آخر ما نطقت به شيرين، وبينما كنتُ أهمّ بالخروج من الزّقاق سمعت صوت الرصاصة الثالثة التي كانت من نصيب شيرين فأصابتها في رأسها وأردتها شهيدة".
السمودي أكّد لـ"العهد" أنّ الاحتلال أراد قتل الزميلة شيرين عن سابق تصوّر وتصميم، مشيرًا إلى أنَّه "لم يكن في المنطقة التي كنّا فيها أية اشتباكات بل كانت تحت سيطرة الاحتلال بالكامل وكنا على مدى رؤية واضحة جدًا منهم ولم يكن هناك أي تواجد لأي مدني، فهو عمد إلى إسكات صوتها لمنعها من نقل حقيقة ما يجري في مخيّم جينين وتبيان فظاعة العدوان الذي يمارسه الاحتلال في حقّ الفلسطنيين العزّل، كما هدف العدو إلى إرهاب الصحافيين كي يهربوا ويمتنعوا عن تأدية دورهم الإعلامي في نقل الحقائق ووحشية جيش الاحتلال".
ولفت إلى أنَّ "شيرين بقيت ممدّدة على الأرض وسط إطلاق كثيف للنيران، إلى أن أقدم أحد الشبان بالمخاطرة بنفسه لإنقاذ حياتها وسحبها، وبعد أن تجمّع عدد من المدنيين تمّ نقل شيرين إلى المستشفى، لكن للأسف كان الوقت قد تأخر وكانت قد فارقت الحياة لأنّ الرصاصة كانت قاتلة فاخترقت الخوذة لتصيبها في الرأس وتؤدي إلى استشهادها على الفور".
رحلت شيرين لتخلّد برحيلها قصة صحافية حملت همّ فلسطين وقضيتها، وروت تراب وطنها بدمائها وارتقت شهيدة على أيدي من كانت تفضح وحشيتهم بتغطياتها.