راشيل كيروز
لعبت منظمات "المجتمع المدني" دورًا كبيرًا في تحريض الشارع لا سيّما بعد تحركات 17 تشرين، وأخذت هذه المنظمات دور الدولة في عدّة نواحٍ. هذه المنظمات تلقت بدلًا عن الدولة الهبات والمساعدات الخارجية بأرقام كبيرة تحديدًا بعد انفجار مرفأ بيروت، فأين ذهبت هذه الأموال وكيف وُظفت؟
يكشف الصحافي غسان سعود في حديث لموقع "العهد" الإخباري عن جمعيتين تعتبران "الأكثر تموّلًا" وبالأخص من قبل الإمارات، وهما: جمعية "دفى" للنائبة السابقة بولا يعقوبيان، وجمعية Chidiac Foundation للوزيرة السابقة مي شدياق، وهما جمعيتان عملتا في توزيع المساعدات عقب انفجار مرفأ بيروت. لكن ما يثير الاهتمام أن المؤسستين المذكورتين لا تملكان كشف حساب على موقعيهما الإلكترونيين، ولا تعلنان كما الكثير من منظمات المجتمع المدني عن حجم التمويل والمساعدات التي تلقتها ولا عن كيفية توزيعها أو التصرف بها، وهو ما يشرّع أبواب الشكوك بمصير الأموال التي كان من المفترض ان تصل الى اللبنانيين.
بحسب سعود فإن من يعمل للرأي العام ومن يطالب الدولة بالشفافية يجب أن يكون شفافًا هو أيضًا، مشيرًا الى تساؤلات مشروعة تطرح على سبيل: "من أين جاء التمويل؟ وأين ذهبت المساعدات؟ ووفق أية آلية توزعت؟". يلفت سعود إلى أن كل شخص يطرح هذه الأسئلة "يُقابل بالهجوم ويُتّهم بأنه من أزلام السلطة ويريد أن يهاجم الجمعيّات التي تعمل لمساعدة الشعب".
بعض جمعيات المجتمع المدني بحسب الصحافي غسان سعود ليست سوى أحزاب سياسية، فمثلًا "النائبة السابقة بولا يعقوبيان لا تستطيع أن تقول إنها رئيسة جمعية، والوزيرة السابقة مي شدياق كذلك الأمر، بولا ومي هما مرشحتان للانتخابات النيابية في الأشرفية، وبالتالي فإن أعمالهما ليست إنسانية بل سياسية بحت".
المنظمات غير الحكومية.. تبغي الربح
المنظمات غير الحكومية يتم تسجيلها لدى الدولة على أنها منظمات لا تبغي الربح بأي شكل كان، فهل تراعي هذه المنظمات الحد الأدنى من الشفافية في عملها؟ يجيب سعود "هذه الجمعيات لا تقدّم موازنة لتثبت أنها ليست رابحة، وعندما تبغي الربح السياسي عندها لا تصح تسميتها "جمعية" وبالتالي خسرت مفهومها خصوصًا عندما تعمل على أُسس انتخابية".
لكسب المزيد من اموال المساعدات الخارجية، روّجت جمعيات المجتمع المدني لمقولة إن الدولة غير مؤتمنة على المساعدات وإن النظام يقوم على الزبائنية ويستغل حاجة الناس. يؤكد سعود أنّ "تلك الجمعيات تعمل بنفس الطريقة، فمنذ انفجار مرفأ بيروت وخصوصًا بمنطقة "الجميزة" عملت الجمعيات على توزيع "الإعاشات" وفقًا لأسلوب الزبائنية"، مشددًا على أن "اليوم لا يوجد شيء يسمّى "مجتمعًا مدنيًا"، ولا جمعيات لا تبغي الربح، مثال على ذلك الوزيرة السابقة مي شدياق التي لا تقدّم أي مساعدة لمواطن لا ينتخب في الأشرفية وغير منتسب للقوات اللبنانية، فهي فقط تساعد ناخبيها أو من ينتسب لخطها السياسى".
جزء كبير من الشعب اللبناني تمسّك بهذه المجتمعات بعد تقصير الدولة واعتبر أنها خشبة الخلاص الوحيدة، لكن الخيبة كانت كبيرة. يشرح سعود أنّ "البعض بات ينقم على تلك الجمعيات لأنها كشفت زيف شعاراتها، وبات الناس يعلمون أن هذه الجمعيات تتلقى تمويلًا هائلًا ولكن بالمقابل هي لا تساعد بالمستوى المطلوب العائلات المتضررة من انفجار مرفأ بيروت، واكتفت بتغيير بعض "الألومينيوم" وتوزيع حصص غذائية لمرة أو مرتين".
يتابع سعود "المجتمع الدولي لا يريد أن يتعامل مع الدولة اللبنانية بل المجتمعات المدنية فقط، وشرحت للشعب أنّ تلك المجتمعات هي من ستساعدهم. الصراع هنا يكمن بين هذه المجتمعات والشعب فالمساعدات كانت خجولة جدًا".
"المجتمع المدني" لم ينشط في عكار بعد انفجار التليل
على عكس ما شهده اللبنانيون اثر انفجار مرفأ بيروت، لم تنشط جمعيات المجتمع المدني في عكار بعد انفجار التليل، ولم يكن الاهتمام ذاته الذي كان في بيروت، حيث الأرض خصبة للاتهامات السياسية لحزب الله والاستثمار بالدماء.
وفي هذا الإطار يقول سعود إنّ "الأولوية لدى هذه المنظمات والجمعيات هي سياسية وانتخابية، هي لا تستطيع الاستثمار بانفجار التليل كما استثمرت في بيروت، ولا تستطيع اتهام حزب الله، علمًا أنها حاولت اتهام التيار الوطني الحر لكن معركتها كانت خاسرة".
السعودية مستاءة من فريق عملها اللبناني
في عكّار المحسوبة غالبًا على "تيار المستقبل"، لم ترسل السعودية أية مساعدة تذكر، فهي بحسب سعود "مستاءة من فريق عملها اللبناني وليس فقط من سعد الحريري، بل من "القوات اللبنانية" أيضًا، جميعهم تقاضوا الأموال ولكن من دون خدمات في المقابل".
سعود يؤكد أنّ "السعودية لم تساعد الشعب اللبناني يومًا، بل كانت أموالها ترسل الى حلفائها كسعد الحريري سابقًا وسمير جعجع اللّذين كانا يتصرفان بالأموال".
المصدر: موقع العهد الإخباري