"العهد"
في معارك تحرير الجرود خرجت تتفقد أحوال الجرحى في المستشفيات، أنهت جولتها على جرحى المقاومة وطلبت الانتقال الى المستشفى العسكري، كان الطلب مفاجئًا وكان الجواب: "هودي ولادنا.. وهوديك مش ولادنا؟.. يلله قوموا".
"لم تكن كثيرة الكلام" هذه صفة معروفة عنها. زاد من صمتها، انخراط ابنها البكر "عماد" باكراً في العمل المقاوم. كانت تدرك جيداً أهمية كتم الأسرار، فصارت أعمق من بئر لأسرار المجاهدين.
تختصرها رفيقة دربها الأسيرة الحاجة زهرة شعيب بأنها "شخصية المرأة المقاومة ـ الزينبية"، و"اليد الموجِهة، والطلقة المتصدية، والنهضوية التقدمية التي خاضت الجهاد بأكثر من دور، فكانت مجاهدة متعددة الأوجه".
تتابع الحاجة زهرة الحديث عن "أم المقاومة" المؤمنة بعمل المؤسسات وإدارة العمل، وتدبير الأمور، والتي حوّلت حياتها وبيتها وعائلتها وبيئتها إلى متراس مقاوم، بوجه العدو.
""أم جهاد" لم تكن امرأة عادية من ناحية الذكاء الفكري، والتحدي الشخصي، الحاج رضوان ابنها، ولكم أن تدركوا عن أي ذكاء وتحد أتكلم" تقول عنها رفيقتها مريم. تتابع: كانت "مساهمةً فعالة في نشر فكرة اللباس الشرعي والسلوكيات الايمانية والالتزام الديني، كانت تبهر الوفود والشخصيات الأجنبية بابتسامتها وصلابتها عندما يسألونها عن سر صبرها، فتجيب دائماً: "زينب قدوتي، هل تعرفونها؟"".
كان للشهداء وعوائلهم وقع خاص في قلب "أم عماد". كانت تحفظ أسماءهم، وجوههم، قصصهم، بطولاتهم وانتصاراتهم. كانت تسعى اليهم، لمناسباتهم، لعوائلهم وأولادهم، فكانت فعلاً: "أم الشهداء".
عامٌ مُرّ مرّ على رحيلها، لكنها أنبتت سنابل في كل منها ألف ألف عماد، سيصلون في القدس بإذن الله.