دمشق ـ محمد عيد
لم يكن انسحاب الجيش السوري من بلدة كفرنبودة الإستراتيجية في ريف حماة الشمالي أكثر من مناورة ناجحة استطاع خلالها الجيش إبادة المجموعات الإرهابية المستدرجة إلى كمين محكم في البلدة، كمين رفع من منسوب الهزائم العسكرية والنفسية التي تلقاها الإرهابيون وزاد من نقمتهم على مشغليهم الأتراك الذين تولوا التخطيط للهجوم المعاكس في كفرنبودة والذي جاء معاكسا تماما لكل ما كانوا يتمنونه من السيطرة على هذه البلدة الإستراتيجية.
هكذا استعدنا كفرنبودة
لم يطل مقام المجموعات الإرهابية في بلدة كفرنبودة الإستراتيجية الواقعة في ريف حماة الشمالي فقد أعاد الجيش السوري السيطرة عليها مجددا بعدما ألحق هزيمة نكراء بالفصائل التي قادتها هيئة تحرير الشام "النصرة سابقا" فيما واصل الجيش السوري على المناطق المحيطة بها شرقاً، الأمر الذي ترك الباب مفتوحا لتوسيع تحركه الميداني باتجاه البلدات المجاورة.
دخلنا البلدة رفقة الجيش السوري الذي أعاد السيطرة عليها للمرة الثانية خلال أقل من شهر، آثار الدمار في البلدة كشفت لنا طبيعة المعارك العنيفة التي خاضها الجيش مع "تحالف الفصائل" التي قادتها ميدانيا "هيئة تحرير الشام" وبمشاركة وازنة من "جيش العزة "وبتنسيق ودعم لوجستي ومباشر من الجيش والإستخبارات التركية التي تلقت هزيمة جديدة وغير مباشرة على يد الجيش السوري الذي شكل دخوله البلدة للمرة الأولى . التوطئة الميدانية للتقدم نحو قلعة المضيق، ومنها إلى عمق سهل الغاب شمالاً، فإن دخوله إليها للمرة الثانية وبكثافة نيرانية غير مسبوقة عكس وصول قنوات التفاوض الروسية ــ التركية إلى طريق مسدود سرعان ما فتح الجيش السوري نظيره ولكن في الميدان هذه المرة فيما بدا أنه استمرار منه للمضي قدما في خطته العسكرية بصرف النظر عما ستؤدي إليه مفاوضات حليفه الروسي مع الجانب التركي للوصول إلى "مخرج " يخفف نيران الميدان ونيران المزايدات والتوظيف السياسي في مجلس الأمن.
مصدر عسكري سوري من داخل كفرنبودة أوضح لموقع "العهد" الإخباري أن سلاحا الطيران والمدفعي استهدفا مواقع وتحركات الإرهابيين في البلدة التي كانت قد حاولت التثبيت بعد الهجوم المضاد المدعوم تركيا فقام الإرهابيون بإخلاء المدينة على وجه السرعة بعد تقدم قوات الجيش السوري إليها "حاصرنا البعض وأسرنا آخرين وتمكنا من قتل أعداد كبيرة من الإرهابيين في اشتباكات قريبة جدا".
المصدر العسكري السوري أنه وعلى الرغم من محاولات المجموعات الإرهابية شنّ هجوم معاكس في ساعات الليل الأولى من محور القصابية شمالا، فقد فشلت الفصائل في السيطرة على أي من أحياء البلدة "هجومنا يأتي في إطار الرد على خروقات الإرهابيين المتكررة لإتفاق منطقة خفض التصعيد بعد سقوط العديد من الصواريخ على مدينتي محردة والسقيلبية في ريف حماة الشمالي أول من أمس والتي تسببت بارتقاء عدد من الشهداء وخسائر مادية كبيرة".
هجوم الجيش مستمر شرقا
المصدر العسكري السوري كشف لموقع "العهد" الإخباري أن زحف الجيش السوري لن يتوقف عند كفرنبودة، إذ لم يتوقف التمهيد المدفعي والجوي على المناطق المحاذية لها من جهة الشرق، ولا سيما بلدتي عابدين والهبيط. ومن شأن ذلك "أن يمنع تثبيت أي خطوط دفاع قوية هناك، ما يسهّل أي محاولة مرتقبة لتقدم الجيش نحو خان شيخون."
لافتا إلى أن الإرهابيين ولا سيما "الجبهة الوطنية للتحرير" يعتمدون بشكل كبير على الصواريخ المضادة للدروع وخصوصا صواريخ التاو التي يبدو أن الولايات المتحدة قد أعطت الضوء الأخضر للإرهابيين باستخراجها من مخازنهم واستعالها ضد الجيش السوري.
التقدم الميداني السوري في ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي يتوازى مع الحديث عن قيام القوات الروسية بتعزيز مواقعها في بلدة تل رفعت ومحيطها ونشر وحدات عسكرية جديدة وهو ما لم يكن موجودا قبيل انطلاق موجة التصعيد الميداني الأخيرة. وكانت هذه المنطقة قد شهدت مؤخرا اشتباكات عنيفة على خلفية الهجومٌ الفاشل للمجموعات الإرهابية المدعومة تركيا على القرى الواقعة الى الشمال الغربي من تل رفعت.