منذ بداية شهر محرم وانطلاق المراسم العاشورائية في البحرين، صعّدت سلطات آل خليفة مستوى استهدافها لخطباء المنابر الحسينية. سياسةٌ أضفت مزيدًا من أجزاء الاحتقان والسخط لدى أبناء الشعب البحريني. خلال الأيام الأولى لمحرم فقط، استدعت الأجهزة الأمنية 14 خطيبًا و3 رواديد، وأوقفت 9 منهم 15 يومًا على ذمة التحقيق بعضهم بحجة "التحريض على كراهية النظام"، والبعض الآخر بحجة "مخالفات قانونية".
حسابات المُعارضين البحرينيين تزخر بأخبار الاعتقالات التعسفية بحقّ الخطباء الحسينيين والرواديد. حتى الآن، لا تتوقّف السلطات عن استدعاء الشخصيات التي تنشط دينيًا في عاشوراء. بحسب المعلومات الواردة من البحرين، أمرت السلطات بسجن الشيخ ياسين الجمري والشيخ هاني البنّاء، واعتقلت الشيخ مجيد السهلاوي.
كما جرى التحقيق مع الخطيبين الحسينيين السيد صادق الغريفي ومهدي الكرزكان، فيما استُدعي الخطيب الحسيني السيد محيي الدين المشعل للمرة الثالثة منذ بدء عاشوراء.
بدورها، حقّقت شرطة النعيم في العاصمة المنامة مع الرادودين حسين المالكي ومهدي سهوان قبل أن تخلي سبيلهما.
ومن بين من خضعوا للتحقيق في مركز شرطة مدينة حمد الجنوبي الشيخ علي الجفيري والشيخ منير المعتوق، بينما تمّ توقيف رئيس مأتم رأس رمان شاكر 15يومًا على ذمة التحقيق.
وحقّقت السلطات الأمنية أيضًا مع الخطيب الحسيني الشيخ جاسم الدمستاني حول إحدى محاضراته الدينية، ثمّ أوقفت السيد كامل الهاشمي 15 يومًا على ذمة التحقيق.
وأوقفت السلطات البحرينية مسؤولين اثنين بإدارة مأتم الإمام الرضا (ع) في منطقة المالكية لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيق.
الحاج مجيد عبدالله لمدة 15 يومًا أيضًا كان من بين الذين أوقفوا على ذمة التحقيق 15 يومًا بتهمة المشاركة في موكب عزاء غير مرخّص، كما اعتُقلت شرطة الحورة الخطيب الحسيني الشيخ محمد الرياش بعد خضوعه للتحقيق.
ولا يقتصر التضييق الخانق الذي تمارسه السلطات على الاستدعاءات الى مراكز الشرطة والتوقيفات المتلاحقة بحقّ الخطباء والرواديد، بل يشمل الاعتداء على المظاهر
العاشورائية وإزالة لافتات السواد والمضائف الحسينية في مختلف المناطق.
الاعتداءات طالت العاصمة المنامة ومناطق السنابس وسند وأبوصيبع والشاخورة وجدحفص والمصلى وإسكان وجزيرة سترة وكرزكان وسار والدراز، والمالكية، والعكر، وبوري، والمعامير، ومدينتي حمد وعيسى والبلاد القديم.
استفزاز واضطهاد ديني..
أمام هذا الواقع، تحرّك علماء البحرين وأصدروا بيانًا عالي اللهجة نبّهوا فيه النظام من التمادي بأفعاله المستفزة لمشاعر المسلمين.
وفي بيان لهم حمل عنوان "على النظام أن يعتبر من نهاية طاغية العراق الذي حارب الشعائر"، أكد العلماء أن ما يجري تطور خطير يهدّد كلّ المآتم وكلّ المؤمنين في إقامة شعائرهم، وشدّدوا على أن "السّلطة في تعدِّيها على شعائر الإسلام وعزاء سبط رسول الله (ص)، دأبت على استفزاز مشاعر المؤمنين في كلِّ عامٍ بوتيرةٍ تصاعدية وبمنهجيةٍ عدائية لمعتقدات المواطنين وعادات البلد المتوارثة منذ مئات السنين في مراسم الإحياء الدّينية التي تمثل مذهب ومعتقد الشَّيعة والتي يشاركهم فيها إخوانهم السّنة".
وأضاف العلماء "لم نعد نأمن على ديننا ومعتقداتنا جرّاء هذه الهجمة الطَّائفية الحكومية الممنهجة"، مؤكدين أن "الاضطهاد الطائفي في عاشوراء لهذا العام بلغ أشده، إذ اعتقل اثنان من علماء وخطباء المنبر الديني على خلفية القراءة الحسينية المتعارفة في كلّ البلد".
كما حذّر البيان من "عواقب التّمادي المستفز"، ودعا إلى "التوقف الفوري عن السياسة الطائفية البغيضة".
كذلك أدان تيار الوفاء الإسلاميّ وحركة الحريّات والديمقراطيّة "حقّ" الاستهداف الممنهج للخطباء والرواديد، ورأى أن هذا جزء من مشروع "محو هويّة البحرين" والقضاء على أصالتها.
"الوفاء" و"حقّ" قالا في بيان مشترك إنّ" السّلطات الخليفيّة في البحرين وسّعت حربها على الموسم العاشورائيّ هذا العام، واستدعت المزيد من خطباء المجالس الحسينيّة للتحقيق معهم، في سلسلةٍ متواصلة من الاستهداف الممنهج الذي بدأ بالاعتداء على الرايات واليافطات الخاصّة بإحياء ذكرى عاشوراء، واستمرّ بتخريب المضائف الخاصّة بخدمة المشاركين في المواكب والشعائر، وصولًا إلى اعتقال عدد من الخطباء والرواديد والتحقيق مع آخرين على خلفيّة الخطب الدينيّة في المجالس والمواكب.
وبحسب البيانين، تسبّبت هذه الحملة في تعطيل القراءات العاشورائيّة في عدد من البلدات، ما عدّه المواطنون "استفزازًا مباشرًا وإمعانًا في نيّة الخليفيّين المبيتة باستهداف موسم عاشوراء والتشويش على فعاليّاته التي اعتادها المواطنون".
وأوضح التيار والحركة أنّ الموقف إزاء ذلك "لن يكون إلّا بالتحدّي الزينبيّ الذي هزأ بعرش الطاغية".
من ناحيته، طالب مركز البحرين لحقوق الإنسان السلطات بوقف استهداف الخطباء ورجال الدين وضمان حقوق الإنسان، ولا سيّما المتعلقة بحرية المعتقد والدين، معربًا عن قلقه إزاء تعدّي السلطات الأمنيّة على اللافتات العاشورائيّة في عدّة مناطق.
من جانبه، دعا ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير/شباط الجماهير البحرينيّة للتصدّي الشجاع لأيّة محاولة اعتداء على المظاهر العاشورائيّة والرايات الحسينيّة، وذلك تحت شعار "الدفاع عن الشعائر".